تقرير رقم (116)

1 نوفمبر 2023

:تمهيد

المحتويات: الملخص التنفيذي. مقدمة. استشراف مستقبل النزاعات المسلحة في ظل اختلال موازين إدارتها. الدبلوماسية الحديثة، وإدارة الأزمات الأمنية أثناء الحرب. استغلال الجماعات المتطرفة للنزاعات المسلحة. معاناة قطاع غزة؛ بوصفه نموذجًا للتحديات الأمنية المرتبطة بالأزمات والحروب. التوصيات. المصادر والمراجع.

:المحتويات

المحتويات: الملخص التنفيذي. مقدمة. استشراف مستقبل النزاعات المسلحة في ظل اختلال موازين إدارتها. الدبلوماسية الحديثة، وإدارة الأزمات الأمنية أثناء الحرب. استغلال الجماعات المتطرفة للنزاعات المسلحة. معاناة قطاع غزة؛ بوصفه نموذجًا للتحديات الأمنية المرتبطة بالأزمات والحروب. التوصيات. المصادر والمراجع.

:الملخص التنفيذي

  • الملخص التنفيذي:

يتناول هذا التقرير أبرز ما يتصل بالأمن الإنساني أثناء الحروب؛ استنادًا إلى ندوة عقدها ملتقى أسبار عبر الإنترنت (Webinar) بعنوان “التحديات الأمنية في ظل أزمات النزاعات المسلحة (الحروب)، بتاريخ 10 نوفمبر 2023م.

وانطلق التقرير من الحاجة الملحة لتحليل المخاطر، والتحديات الأمنية التي تتأثر بها الدول؛ وذلك في ظل تزايد تعقد الأزمات والحروب، وانتشارها على الصعيد العالمي.

وناقش المحور الأول للتقرير استشراف مستقبل النزاعات المسلحة في ضوء اختلال موازين إدارتها، واختلاف أهدافها وغاياتها، وتأثير القوى الإقليمية والدولية على هذه النزاعات؛ من أجل تحقيق أهداف توسعية، أو زعزعة استقرار أنظمة معينة، وإضعافها وحرمانها من التركيز على أولوياتها الوطنية؛ وذلك بالتطرق إلى مسألة التأصيل الحضاري لعلاج أزمة اختلالات النزاع المسلح، وكذلك مبادئ أنسنة النزاع المسلح التي يُعَدُّ من أبرز مبادئها: (مراعاة القواعد الإنسانية في الحرب، والنهي عن التنكيل والتمثيل، والتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين، وعدم جواز ترحيل المدنيين أو غير المشتركين في القتال، وعدم جواز تدمير الأشياء غير الحربية “الأعيان المدنية” إلا لمصلحة، ومعاملة أسرى النزاع المسلح). كما تطرق المحور إلى مدى الحاجة إلى أمننة الحرب، وأنسنة النزاع المسلح، وأهمية استشراف دبلوماسية إدارته، والمشكلات المثارة والاختلالات المقترنة به؛ ذلك فضلاً عن آليات أنسنة النزاعات المسلحة، وأمننة الحروب.

أما المحور الثاني للتقرير؛ فقد اهتم بقضية الدبلوماسية الحديثة، ودورها في إدارة الأزمات الأمنية أثناء الحرب، هذا بالإشارة إلى أن الدبلوماسية لم تعد مقتصرة في مهامها على الوظائف التقليدية المرتبطة؛ وذلك بتمثيل الدول، وتعزيز علاقاتها الدبلوماسية، وحماية مصالحها التقليدية؛ بل أضحت آلية لإرساء السلام، وتدبير(إدارة) الأزمات، والتنمية المستدامة، وتقديم صورة مشرقة للحضارات والثقافات لمختلف الدول، كما تزداد أهمية الدبلوماسية الفردية والجماعية، هذا في ظل التطورات الكبرى التي يشهدها العالم الذي يعج بكثير من التناقضات والتهديدات، وتعقد النزاعات والأزمات التي فرضت تطوير الدبلوماسية لأساليبها، وكذا مضامينها على حد السواء.

واهتم المحور الثالث بمناقشة ممارسات الجماعات المتطرفة المتعلقة باستغلال النزاعات المسلحة؛ وذلك لتحقيق أهدافها غير المشروعة؛ بما يتسق ونهج هذه الجماعات التي تسعى إلى إضعاف الدولة، أو إفشالها من أجل استغلال حالة الفوضى لتحقيق مخططاتها؛ مما يعني أنه في حال وجود نزاعات مسلحة؛ فإنها تجد البيئة الملائمة لممارسة أنشطتها؛ بل تسعى هذه الجماعات لخلق فوضى، ونزاع مسلح في حال عدم وجوده.

في حين تطرق المحور الرابع لمعاناة قطاع غزة؛ بوصفه  نموذجًا للتحديات الأمنية المرتبطة بالأزمات والحروب التي تنتهك جميع مقومات الحياة، وبشكل خاص أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها جميع دول العالم عام 2015م، وبشكل مباشر الهدف السادس عشر المتمثل في السلام، والعدل، والمؤسسات القوية، هذا ناهيك عن انتهاكها لجميع مقومات الأمن الوطني في الدولة المستهدفة، وعدم التزام إسرائيل بمبادئ القانون الدولي والإنساني؛ فضلاً عن مبادئ الحروب والنزاعات التي تؤكد على التفريق بين الأهداف العسكرية المشروعة  والأخرى المدنية التي يجب تجنبها تحت كل الظروف، وفي جميع الأحوال. وهذا ينطبق على ما يتعرض له قطاع غزة- حاليًّا- من قبل دولة إسرائيل (المعتدية) التي تُفْرِطُ كثيرا في استخدام القوة؛ وذلك وفقًا لنصوص القوانين الدولية؛ لا سيما تجاه الأطفال، والنساء والكبار، وتجاه المساكن والمؤسسات الخدمية، كما تجبر سكان القطاع على الهجرة القسرية.

وأخيراً يعرض التقرير لخلاصة التوصيات حول التحديات الأمنية؛ وذلك في ظل أزمات النزاعات المسلحة “الحروب”، ومن أهمها:

  • ضرورة الخروج من الجانب التنظيري إلى الواقعي، وتطوير الحلول، ومنظومة التشريعات؛ وذلك بالتوازي مع تطور النزاعات، وتعددها على المستوى الدولي.
  • تفعيل دور الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وبعدها عن تأثير القوى الكبرى؛ بحيث يكون دورها حياديًّا ومنصفًا، ويقف من الجميع على مسافة واحدة.
  • ضرورة تكثيف الجهود العربية الرامية إلى توحيد الرؤى والمتطلبات؛ وذلك للحد من حدة النزاعات المسلحة، وقسوتها. مع ضرورة التفكير بإنشاء قوة عسكرية عربية، أو إسلامية، ولعل قيادة التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب تكون هي الأساس والمرتكز، وهي رؤية سيدي ولي العهد حفظه الله.
  • أهمية التشاركية، والحوكمة الأمنية، والموازنة ما بين تحقيق الأمن، واحترام حقوق الإنسان، هذا إضافة إلى توظيف التكنولوجيا الحديثة للتقليل من الأخطار؛ وذلك لترسيخ الجاهزية، وتعزيز ثقافة التعامل مع الأزمات ومع النزاعات في أوساط المجتمع، ولدى صانعي القرار من خلال أسلوب المحاكاة والسيناريوهات؛ وذلك بصورة تقلل من المخاطر، وتداعيات الظروف المدمرة.
  • تأكيد أن معالجة الحروب، والنزاعات بالطرق الدبلوماسية حل ضروري وفعال.
  • أهمية وجود ضوابط وأطر لأجل أمننة النزاعات، ولحماية المدنيين من النساء والأطفال الذين عادة ما يكونون أكثر الضحايا، والحد من الفوضى التي تسمح للبعض؛ سواء كانوا من الجماعات، أو الدول بركوب الموجة؛ لأجل مآرب خاصة.
  • إجراء دراسات متخصصة تركز على وصف معاناة ضحايا الحروب، واستشرافها، وبحث أساليب إعادة تأهيلهم، خاصة أمام التطور الرهيب لتكنولوجيا الحروب، والنزاعات المسلحة القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والجيوش السيبرانية، وعسكرة الفضاء الرقمي، وغير ذلك.
  • تصنيف النزاعات والصراعات المسلحة تصنيفًا دقيقًا من ناحية أهدافها، والداعمين لها مع بيان تفصيلي للجماعات المتطرفة، وخصوصًا داخل الدول العربية، وانتماءاتها السياسية والحزبية.
  • مقدمة:

أصبح من الُمِلحِّ تناول المخاطر، والتحديات الأمنية التي تتأثر بها الدول؛ وذلك في ظل تزايد انتشار الأزمات والحروب، وفي ضوء نظرية الأمن الشامل؛ بالنظر إلى تطور مفهوم الأمن؛ وذلك بعد أن كان مقترنًا بغياب التهديدات العسكرية في ظل الحرب البادرة، وصراع القوى بين الشرق والغرب؛ ليصبح مفهومه واسعًا، خصوصًا مع وجود تهديدات متصلة بنشاط الجماعات المسلحة، وشبكات التهريب والجريمة المنظمة، والتهديدات العابرة للحدود، والجرائم الرقمية.

والملفت أنه ثمة مفارقة خطيرة يعيشها العالم في السنوات الأخيرة؛ ففي الوقت الذي تطورت فيه الأزمات والتهديدات، وطبيعة الحروب مع بروز أسلحة فتاكة؛ فإن القانون الدولي ما زال يتطور ببطء نحو معالجتها. كما أن هناك فراغات قانونية على مستوى قواعد القانون الدولي، أو في نطاق الأمم المتحدة التي تتيح المجال لبعض الدول؛ لكي تتعامل مع هذه المقتضيات بسبل متحايلة؛ سواء كان على مستوى إعمال بعض التدخلات، أو على مستوى توظيف القوى؛ وذلك بذريعة الدفاع الشرعي، أو حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي؛ فيما يتعلق باستثمار الإمكانيات القانونية بسبل منحرفة. ومن أبرز الأمثلة التي يمكن الإشارة إليها بجلاء في هذا الصدد ما يجري- حاليًّا- في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا في غزة؛ من انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني من إسرائيل؛ وذلك في ظل القصور والبطء في تعامل المجتمع الدولي والأمم المتحدة؛ وذلك على الرغم من وجود قوانين متعلقة بتنظيم القواعد في حالات النزاعات المسلحة المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحياة البشر، وسلامة البنى التحتية التي وضعت لخدمته في كافة المجالات؛ فضلاً عن وجود اتفاقيات دولية تضمن تدبير احتياجات الأفراد في مناطق النزاعات، وهذا كما في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، وكما في البروتوكولين الملحقين بها لعام 1977م. كما تتمتع الممتلكات الثقافية بحماية القانون الدولي الإنساني في أثناء النزاعات المسلحة بموجب معاهدة لاهاي لعام 1954م، ومع ذلك يشير الواقع الدولي المعاصر إلى العديد من الانتهاكات للاتفاقيات والمعاهدات التي تفرض على الأطراف المتنازعة تجنب الأفعال التي تؤدي إلى إلحاق الأذى بالمدنيين، والإضرار بهم؛ لاسيما النساء والأطفال.

ومن ثم تتزايد أهمية مناقشة التحديات الأمنية في ظل أزمات النزاعات المسلحة الراهنة؛ لاسيما بالنظر للدور المحوري لسياسة المملكة العربية السعودية، وما تتصف به ديناميكيتها الفعالة والنشيطة، والحراك الدبلوماسي الكبير الذي تقود فيه الموقف العربي نحو الفاعلية والتأثير في هذا التشكل والتغير الوشيك؛ وذلك في ترتيب القوي الدولية والإقليمية.

  • استشراف مستقبل النزاعات المسلحة في ظل اختلال موازين إدارتها:

لقد اهتمت المؤسسات والمنظمات الدولية؛ بما فيها المحكمة الجنائية الدولية؛ وذلك بإبراز الآثار المدمرة للحروب؛ حيث أجرت مؤسسة “كارنيجي للسلام” دراسة عن الحروب التي نشبت في العالم على مر التاريخ، وقد تبين من تلك الدراسة أنه منذ عام 1496 قبل الميلاد، وحتى سنة 1861 ميلادية؛ أي: ما يعادل (3357) عامًا شهدت البشرية (227) عامًا سلامًا فقط، وفي دراسة أخرى للمؤسسة نفسها تبين أنه خلال (5560) عامًا حدثت (531 14) حربًا؛ أي: بمعدل يقارب ثلاث حروب كل عام.

وفي إحصائيات أخرى تبين أنه خلال (5000) عام المنصرم اشتعلت(000 14) حرب، وتسببت هذه الحروب في موت (5) مليارات من البشر، وخلال (3400) سنة الأخيرة لم يعرف العالم سوى (250) عامًا من السلام، كما قضت الحرب العالمية الأولى على عشرة ملايين نسمة، هذا بالإضافة إلى إحدى وعشرين مليون نسمة لقوا حتفهم نتيجة الأوبئة التي خلفتها الحروب، وفي الحرب العالمية الثانية قتل (40) مليون نسمة تعادلت فيها نسبة المدنيين والعسكريين (1).

أولاً – التأصيل الحضاري لعلاج أزمة اختلالات النزاع المسلح:

من الجدير بالذكر أن ما تأتي عليه تلك الحروب من تدمير للأعيان والأعراض، وإبادة للبشر لم تقتصر على العسكريين والأعيان العسكرية، ولكن تمتد إلى الأبرياء، وخاصة الأطفال منهم.

وما من أمانة في أعناق العالم تفوق في قدسيتها أمانة المستضعفين من النساء والأطفال، وما من واجب يعلو في أهميته فوق احترام الجميع لهؤلاء؛ لأن حمايتهم واحترام حقوقهم حماية لمستقبل الإنسانية بأسرها.

وبالتالي نجد أن أسباب الاختلالات الحاصلة تتمثل في اعتبار الحرب مسألة إثبات وجود، هذا بالإضافة إلى كون النزاع المسلح مرتبطًا بالبعد الإيديولوجي؛ وذلك كما عبر عنه صامويل هنتنغتون بصراع الحضارات، أو كما عبر عنه فوكوياما في مقاله نهاية التاريخ The end of history بصراع المصالح الاقتصادية والجيوإستراتيجية(2)، وخصوصًا الدول التي تطبق الجيوبولتيك (نظرية اعتمدت عليها ألمانيا النازية للعالم للماني كارل هاوسهوفر (١٨٦٩-١٩٤٦) الذي يجيز للدولة أن تتوسع وتنمو، مثل: الكائن الحي على حساب الدول المحيطة بها، وخصوصًا الضعيفة، وهي نظرية تطبقها الكثير من الدول اليوم، مثل: إيران.

وتعد بذلك الحرب أبرز اختلال يحصل في إطار العلاقات الدولية، ولكن الأكثر تعقيدًا هو الاختلالات التي تحصل تبعًا لذلك، من الحياد عن الأطر الإنسانية والتقاليد المتعارف عليها؛ وذلك أثناء نشوب الحرب بضرورة إعلانها من أحد الأطراف المتنازعة، والتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين، وحماية الأعيان المدنية، وغير ذلك من المبادئ التي أرسى معالمها القانون الدولي الإنساني.

إزاء هذا كله كانت الشريعة الإسلامية؛بما أُنزِل على محمد – صلى الله عليه وسلم- قد أرست نظرية متكاملة لحماية الإنسان، ليس في فترات السلم فقط؛ بل في الفترات العصيبة من النزاع المسلح.

ويكفي أن كان السلام سمة الإسلام؛ فَاشْتُقَّ اسمه من السلام والأمان، وجاءت العديد من الآيات المؤكدة للسلام، ومعانيه قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتهُ يُصَلُون عَلَى النَّبي يأيها الذِين آمنوا صَلُّوا عَليهِ وسلِّمُوا تسلِيمًا﴾ (3).

وقد اختار الحق- تبارك وتعالى- من أسمائه الحسنى اسم (السلام)، ومن نور السلام انبثق الإسلام والأمن، وعمت بشائره وفضائله كل البشر.

وقد جاء لفظ الإسلام، والسلام في العديد من الآيات منها قوله تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ الله مَن اتّبَع رِضوانَهُ سُبل السَّلاَم﴾ (4). وقال عز وجل أيضا ﴿فَلاَ وَربِّك لا يُؤمنُونَ حتىّ يُحكمُوك فِيمَا شَجَر بَينهُم ثم لاَ يجِدُوا في أنفُسِهِم حَرجًا مما قَضَيت وَيسلِمُوا تَسلِيما﴾ (5).

وقد كانت تحية الإسلام (السلام عليكم)؛ إذ قال تعالى ﴿ولاَ تقولوا لمن أَلْقَى إِليكُم السَلَم لَسْت مؤمِنا تبتَغُون عَرَض الحيَاةِ الدنيَا فَعِند الله مَغَانمُ كَثِيرَة﴾ (6).

هذا ما جعل الباحثين والمختصين من الغرب يقرون بسماحة الإسلام؛ فهذا (DELACY O’LEAR) يقول: ”إن التاريخ أوضَحَ بما فيه الكفاية أن أسطورة المسلمين الذين ساحوا في العالم ينشرون الإسلام- بحد السيف-   واحدة من أسخف الخرافات التي ظل المؤرخون الغربيون يرددونها”(7)، كما يقول الكاتب (TRITON) ”إن صورة المسلمين المحاربين الذين يتقدمون بالقرآن في يد، والسيف في يد صورة بالغة الزيف ”(8).

ويقول (LEONARD): “إني أجد نفسي مُجْبَرًا على الاعتراف بأن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) يرفض ولا يقبل العنف في الدين”(9).

ويقول جوستاف لوبون: “كانت الطريق التي يجب على الخلفاء أن يسلكوها واضحة؛ فعرفوا كيف يحجمون عن حمل واحد بالقوة على ترك دينه، وأعلنوا في كل مكان أنهم يحترمون عقائد الشعوب، وأعرافها، وعاداتها”(10).

وقد كان للإسلام السبق في تنظيم ظاهرة الحرب، ولا عجب من دين اتسم بالوسطية، والاحترام، والاعتدال أن يفرض الرحمة، والإنسانية حتى في سير المعارك، وهذا ما غفلت عنه كل الأمم السالفة (11).

ومن يتمعن في التراث الإسلامي، ويطلع على ما دوَّنه علماء المسلمين، ويأتي على رأسهم الإمام أبو الحسن الشيباني يجد تجليات الرحمة في الحرب، ويلاحظ- بجلاء ووضوح- أن الإسلام يجنح دَوْمًا إلى تغليب الأبعاد الإنسانية في سير المعارك، ويحمي ضحاياهم، ويضمن حقوقهم.

ثانيًا – مبادئ أنسنة النزاع المسلح:

تنبني مبادئ أخلقة وأنسنة الحرب على المبادئ الإنسانية الآتية التي أقرتها تِبَاعًا اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م التي تعتبر أَسَاسًا لقواعد القانون الدولي الإنساني.

  • مبدأ مراعاة القواعد الإنسانية في الحرب:

جوهر وجود قواعد للقانون الدولي الإنساني أنها تضبط الحرب وتوجهها، وكل هذا لحماية الأنفس، وحماية المستضعفين والضحايا الذين لا ضلع لهم في الحرب، ويقول علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: “إذا قدرت على عدوك؛ فاجعل العفو عنه شكرًا للقدرة عليه…فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مُدْبِرًا، ولا تصيبوا مُعْوِرًا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تهيجوا النساء بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسببن أمرًا لكم؛ فإنهن ضعيفات القوى والأنفس والعقول، إن كنا لنؤمر بالكف عنهن، وإنهن لمشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالقهر، والهراوة؛ فَيُعَيَّرَ بها، وعقبه من بعده”(12).

  • مبدأ النهي عن التنكيل، والتمثيل:

كان- صلى الله عليه وسلم- فيما رواه سَمُرَةُ بنُ جُنْدُبٍ قال: (كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يحثُّنَا على الصدَقَةِ، وينهانا عن المُثْلَةِ)، وورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَةَ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحَةَ) رواه مسلم. وقال عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- بشأن سهيل بن عمرو: (دعني أنزع ثَنِيَّتَيْ سهيل، ويدلعُ لسانُهُ؛ فلا يقوم عليك خطيبًا في موطن أبدًا، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “لا أُمَثِّلُ به فَيُمَثِّلُ الله بي، وإن كنت نبيًّا” روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- ومما جاء عن النبي- صلى الله وسلم- من قوله: لعبد الرحمن بن عوف حينما أَمَّرَهُ على غزوة دَومَةِ الجَنْدَلِ (اغزوا جميعًا في سبيل الله؛ فقاتلوا من كفر بالله لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وَلِيدًا؛ فهذا عهد الله، وسيرة نبيه فيكم) (13).

  • مبدأ التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين:

شُرع القتال على من يعلن الحرب أو المحاربة، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾، ولا تعتدوا؛ أي: لا تقاتلوا، وقال تعالى أيضًا: ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين﴾، وقال أيضًا: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك  هم الظالمون﴾.

وقد قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: إن الله- عز وجل- لم يَنْهَ المؤمنين عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلون، مثل:  النساء، والضعفة منهم (14).

  • مبدأ عدم جواز ترحيل المدنيين، أو غير المشتركين في القتال:

ينتج عن الحرب في الغالب وقوع أسرى، ولا تجيز الشريعة الإسلامية ترحيل سوى الأسرى الذين شاركوا في القتال، أو كانوا ذا رأي فيه؛ حتى تتم مفاداتهم بأسرى المسلمين، أو فرض شروط على العدو، أما غير هؤلاء؛ فيجب تركهم في بلداتهم، ولا يجوز ترحيلهم. وهذا قبل أن تنص عليه أحكام القانون الدولي، خاصة ما جاء في نص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م؛ وذلك بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب؛ من أنه: “يحظر النقل الجبري الجماعي، أو الفردي للأشخاص المحميين، أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال، أو إلى أراضي أية دولة أخرى محتلة أيَّةً كانت دواعيه”(15).

  • عدم جواز تدمير الأشياء غير الحربية (الأعيان المدنية) إلا لمصلحة:

يقول الإمام الشوكاني: (الكَفُّ عن التَّحْرِيقِ، وقطعِ الشجر، وهدم العمران إلا لحاجة، أو مصلحة)، ويقول ابن تيمية: (يجوز لنا أن نفسد أموال أهل الحرب إذا أفسدوا أموالنا، كقطع الشجر المثمر).

  • معاملة أسرى النزاع المسلح:

لقد كَفَلَت الشريعة الإسلامية للأسير معاملة طيبة بعيدة عن الغضب والتعنت، واستوجب الإسلام الرحمة بالأسير؛ بل وإكرامه، وإطعامه قال الحق- تبارك وتعالى-: ” ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسَيْرًا”، وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “استوصوا بالأَسَارَى خيرًا”(16).

فكان من مناقب الإسلام العظمى إكرام الأسير، وتوفير ما يحتاجه من الضروريات المهمة للأسرى، وكان من ذلك حينما أقبل أسارى بدر؛ فَفَرَّقَهُمُ الرسول- صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه، وقال: “استوصوا بالأسارى خَيْرًا”، قال أبو عزيز: “وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر؛ فكانوا إذا قدموا غداءهم، وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر؛ وذلك لوصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إياهم؛ بنا، على ما تقع في يد رَجُلٍ منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، قال: فأستحي، فأَرُدُّهَا على أحدهم؛ فيردها عَلَىَّ ما يمسها”.

ثالثًا – أمننة الحرب، وأنسنة النزاع المسلح:

نظرية (الأمْنَنَة) من النظريات الحديثة securitization theory التي تتطلب الحد من الأسلحة الفتاكة، خاصة في خضم الحديث عن الحرب بالوكالة، واستخدامات الأسلحة الإلكتروجينية، وأسلحة الذكاء الاصطناعي، وغيرها من مظاهر الجيوش السيبرانية، وعسكرة الفضاء الرقمي،  والحرب السيبرانية(17).

هذه الأمننة التي ينبغي أن تكون من جميع الأطراف؛ حيث إن هناك دولاً تدعو للأمننة، والأخلقة، وهي أكبر المنتهكين للقواعد، والتقاليد الدولية في إدارة النزاع المسلح، وأجلُّ مثالٍ على ذلك: عقد اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الباليستية من طرف أمريكا، ثم قامت بالانسحاب منها، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة (18)، هذا إلى أن أضحت الحرب قضية إثبات وجود؛ بل هي المحرك للتطور؛ فكلما كانت درجة التأهب كبيرة كلما كان الحافز أكبر لإيجاد مبررات لتطوير درجات التسلح والمواجهة أكبر وأعمق (19).

رابعًا – استشراف دبلوماسية إدارة النزاع المسلح:

منذ فجر الحضارة الإنسانية رافقت الحروب الصراعات بمختلف أنماطها وأشكالها، وكانت كذلك مُقدمة لحلها، ولم يثبُت أن الدبلوماسية أسهمت في حَلِّ هذه النزاعات، أو حققت سلامًا إلا حين أجبرت الحرب، أو التهديد بالحرب والقوة الأطراف على الجلوس حول طاولة المفاوضات، هذا طَبْعًا مع استثناءات قليلة في ذلك، وأوضحت التجارب كذلك أن الحلول الدبلوماسية لا تتجلى إلا عندما تَجِدُ الأطراف المتناحرة نفسها في مأزق من المواجهة؛ إذ لا تعود قادرةً على تَحمُّلها، وتنطبق المعادلة نفسها على نضال الشعوب؛ وذلك من أجل تقرير المصير، ومن أجل الاستقلال.

خامسًا – المشكلات المثارة، والاختلالات الحاصلة؛ وذلك إبان النزاع المسلح:

هناك العديد من التداعيات التي تزيد من حُمَّى النزاع المسلح، وأبرزها:

  • تعدد أسباب الصراعات، والنزاعات المسلحة؛ حيث إن منها الصراعات الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والعرقية، وما يتعلق باختلاف القيم.
  • تتباين الحلول؛ وذلك حسب السبب المؤدي للنزاع، في حد ذاته؛ لأن إدارة النزاع لن تتحقق إلا بمعرفة المشكلة الأصلية التي كانت سببًا في النزاع، وحلها.
  • مشكلة السياسة الجنائية الدولية، وعدم الفاعلية لقواعد القانون الدولي الإنساني، وقواعد العدالة الجنائية الدولية أهم العوائق التي ضخمت أزمة انعدام الأمننة للنزاع المسلح.
  • مشكلة التقنية المتسارعة في مجال التكنولوجيا الحديثة، واستخدامات الذكاء الاصطناعي في الحروب والنزاعات المسلحة، وما يترتب على ذلك من انحراف عن تقاليد الحروب، وأعرافها.

سادسًا – آليات أنسنة النزاعات المسلحة، وأمننة الحروب:

النزاعات المسلحة قديمة قدم الإنسان؛ حيث إن هذه النزاعات تطورت وتعقدت، لكن لم تتطور الحلول بدرجة مماثلة، والسبب في ذلك دائمًا هو المصلحة، ونوازع التوسع، والاستعباد، والغلبة، والأوهام التي تقوم عليها بعض النظم؛ وذلك لأجل الوصول إلى الأهداف دون البحث عن الطرائق المشروعة لذلك؛ حيث نجد أن الغاية تبرر الوسيلة؛ وعليه فإنه يتعين النظر في مآلات التكنولوجيا الحديثة التي هي اليوم في تطور لطرائق النزاع المسلح، وتكنولوجيا الأسلحة البيولوجية، والأسلحة الإلكترونية، وكذا مجالات الحرب السيبرانية؛ ناهيك عن الحديث عن تداعيات حروب البرمجة الذاتية للذكاء الاصطناعي التي لا تفهم لغة الإنسانية، وإنما تفهم لغة البرمجة التي ستؤدي إلى مآلات خطيرة جِدًّا؛ إذ لابد من البحث عن أخلقة الذكاء الاصطناعي، وهذا ما أدلى به الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس من ضرورة هذه الأخلقة؛ وذلك لما لها من تداعيات خطيرة.

هذا ما يسوقنا للحديث عن ضرورة البحث في آليات جديدة لأنسنة، وأخلقة النزاع المسلح؛ وَفْقَ سُبُلٍ أكثر فاعلية؛ وذلك لأجل أمننة الحروب للحد من الخسائر الجمة في الأرواح، والبنى القاعدية الحيوية، أو ما يعبر عنه بالأعيان المدنية في القانون الدولي الإنساني؛ وذلك من خلال ما يأتي:

  • البحث وبكل صراحة ومواجهة عن سبل مستحدثة للتوافق بين أطراف النزاعات المسلحة؛ وذلك من خلال إدارة الصراع، وتحويله إلى سلام مستقر، ثم سلام دائم، ولابد من التركيز على أهداف الأطراف المتصارعة، وليس على أسباب الخلاف بينهما.
  • لا بد من البحث عن آليات للتعديل في السياسة الجنائية الدولية، وفعالية قراراتها، وآليات عملها.
  • لابد من استشراف مستقبل النزاعات المسلحة في إدارتها وضبطها وترتيب المسؤولية القانونية الحقيقية، وليست الزائفة من جهة، ومن جهة أخرى النظر في مآلات التقنية، والذكاء الاصطناعي.
  • جهود المملكة العربية السعودية، وما يناط بها في الحد من بؤر الصراع في العالم، ودورها الكبير جِدًّا لأبعادها متنوعة: الحضارية، والجغرافية، والجيوإستراتيجية، ومحاولتها خلق ذلك التوازن بين الفاعلين الدوليين.
  • الدبلوماسية الحديثة، وإدارة الأزمات الأمنية أثناء الحرب:

ترتبط الدبلوماسية بفن التحرّك، والاتصال، والتأثير في المستوى الدولي، والتوظيف المشروع للإمكانات المتاحة في سبيل تحقيق الأهداف، وقد شهدت تطورًا كبيرًا على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة؛ حيث ظهرت الدبلوماسية الإنسانية، والدبلوماسية الثقافية، والحضارية، وحتى الرقمية.

لم تعد الدبلوماسية مقتصرة- في مهامها- على الوظائف التقليدية المرتبطة بتمثيل الدول، وتعزيز علاقاتها الدبلوماسية، وحماية مصالحها التقليدية؛ بل أضحت آلية لإرساء السلام، وتدبير الأزمات، وجلب الاستثمارات، وتقديم صورة مشرقة لحضارات، وثقافات لمختلف الدول.

تعتبر الدبلوماسية شأنًا سياديًّا يهم الدول، لكنها تطورت؛ من حيث أطرافها مع بروز الدبلوماسية الموازية التي تدعمها، ويتباين وزن الدبلوماسية، وأداؤها؛ وذلك بحسب طبيعة النظم السياسية، وطبيعة المقومات، وعناصر القوة المتوافرة، والقدرة على تحويلها إلى قوة فعلية، هذا بالإضافة إلى استيعاب المتغيرات الدولية.

وتزداد أهمية الدبلوماسية الفردية والجماعية؛ وذلك في ظل التطورات الكبرى التي يعرفها العالم الذي يعج بكثير من التناقضات والتهديدات، وتعقد النزاعات والأزمات التي فرضت تطويرها (الدبلوماسية)؛ من حيث الأساليب والمضامين.

لقد تطور مفهوم الأمن؛ فبعدما ظل يقترن خلال مرحلة الحرب الباردة بغياب التهديد العسكري في ظل الصراع النووي، وسباق التسلح بين المعسكرين الشرقي والغربي أضحى أكثر تطورًا وشمولية في عالم ما بعد الحرب الباردة؛ ذلك مع بروز تهديدات غير “دولاتية” (الجماعات المسلحة، شبكات التهريب..، الجريمة المنظمة)،  وكذلك تنامي المخاطر العابرة للحدود (تلوث البيئة، الأوبئة، الإرهاب، الجريمة المنظمة، الجرائم الرقمية..)؛ بما يهدد الأمن الإنساني والتنمية، وهو ما أصبح يتطلب مواجهة هذه الإشكالات بسبل ناجعة ومستدامة، خصوصًا وأن هناك ترابطًا بين الحروب والأزمات المختلفة.

يمر العالم بمرحلة مفصلية بسبب تنامي الحروب، والنزاعات، والأزمات التي يتم خلالها خرق مبادئ القانون الدولي، وتكريس “قانون القوة” بدل “قوة القانون”، وهو ما تبرزه تطورات القضية الفلسطينية، والحرب الروسية في أوكرانيا؛ حيث ظل مجلس الأمن جامدًا، ولم يتخذ تدابير كفيلة بوقف الخروقات المرتكبة، وهو ما يمثل تجسيدًا لهشاشة النّظام الدولي لإدارة الأزمات والنزاعات.

إن كسب رهانات السلم والأمن في عالم متغير، يقتضي مراجعة النظام الدولي؛ وذلك لإدارة الأزمات والنزاعات عبر إعمال إصلاحات جذرية للأمم المتحدة، وتطوير قواعد القانون الدولي العام.

  • استغلال الجماعات المتطرفة للنزاعات المسلحة:

أولاً – الجماعات المتطرفة، والنزاعات المسلحة، والفوضى:

تسعى الجماعات الإرهابية المسلحة إلى تحقيق أهدافها باستخدام كافة السبل المشروعة، وغير المشروعة، وتلجأ إلى العنف، وتعلم تلك الجماعات أن استخدام العنف منهجية لا تؤتي أكلها بشكل فاعل إلا حين ينعدم السلم المجتمعي، وتدب الفوضى بفعل ضعف الدولة، أو فشلها بالكامل.

ولهذا تسعى تلك الجماعات إلى إضعاف الدولة، أو  إفشالها من أجل استغلال حالة الفوضى لتحقيق مخططاتها؛ مما يعني أنه في حال وجود نزاعات مسلحة؛ فإن تلك الجماعات المسلحة تجد البيئة الملائمة لممارسة أنشطتها؛ بل تسعى هذه الجماعات لخلق فوضى، ونزاع مسلح في حال عدم وجوده.

ويمكن القول: إن قدرة تلك الجماعات على خلق الفوضى، وزعزعة الأمن سيضعف الحكومة، أو الدولة، ويجعل المجتمع يبحث عن خيارات بديلة أكثر موثوقية من الدولة التي تكون في هذه الحالة عاجزة عن الإمساك بزمام الأمور، وهو ما يمكن ملاحظته في الحالة الفلسطينية حين تحاول حركة حماس إضعاف السلطة الفلسطينية، وعدم الاعتراف بها؛ لتكون البديل الشرعي الذي يمارس السلطة في البقعة المكانية التي تسيطر عليها بالطريقة التي تراها متجاهلة أسئلة فلسفية مهمة، تتعلق بالسلطة، وكيفية توظيفها، وتغليب المصلحة العامة.

هذا الطرح الفلسفي لعله يساعد في فهم دوافع حركة حماس لتأجيج الصراع المسلح؛ وذلك في ذروة الجهود السعودية والدولية؛ لإجبار إسرائيل على قبول حل الدولتين؛ مما يعني نشوء حكومة فلسطينية موحدة تحكم الدولة الفلسطينية الجديدة؛ بعيدًا عن الحركات الحزبية المسلحة، وهذا يجعل من الصعب على حماس تحقيق مخططاتها، وربما غيابها عن المشهد الفلسطيني.

 

 

ثانيًا – حتمية الفوضى، والعنف في المجتمعات البشرية:

يؤكد الفيلسوف الإنجليزي (توماس هوبز) في نظريته “العقد الاجتماعي”أن العقد الاجتماعي، أو وجود الدولة هو البديل لحالة الفوضى والعنف المتأصل في الطبيعة البشرية. وهنا يمكن الحديث عن حتمية العنف بالنسبة لتلك الجماعات المسلحة، ويقصد به- هنا- أن من طبيعة المجتمعات البشرية أن يكون بها جماعات متطرفة بعضها نشط، وبعضها خامل بحسب قوة الدولة.

ولابد من التأكيد- هنا- على الحتمية المتعلقة بالفوضى والعنف في المجتمع البشري؛ حيث يشير الفيلسوف الألماني (فريدرك نيتشه) إلى أن العالم بطبيعته غير منتظم، ومليء بالتناقضات والفوضى؛ ولهذا العنف جزء لا يمكن فصله عنه؛ ومن هذا المنطلق تصبح إثارة الفوضى جزءًا من العملية الإبداعية في الحياة الإنسانية.

وهذه الفلسفة التنظيرية يمكن رؤيتها على أرض الواقع عمليًّا من خلال العمليات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية، مثل: القاعدة، وداعش، وبوكوحرام، والشباب، وكلها تعمل على طريقتين: إما وجود دولة تسعى لإضعافها، أو  وجود دولة فاشلة، أو ضعيفة تحاول تلك الجماعات خلق حالة من الفوضى؛ وذلك باستخدام العنف تمكنها من ممارسة أنشطتها، واتباع مخططاتها المدونة في دستور القاعدة، وتنظيم داعش المعروف باسم “إدارة التوحش” لمنظر القاعدة العسكري أبي بكر ناجي.

ثالثًا – تباين الظروف، والعوامل المحركة للجماعات المسلحة:

الحديث عن حماس، والقاعدة، وداعش، وهي كلها حركات دينية مسلحة لا يعني حصر أنشطة الجماعات المسلحة في الدين، ولا يعني كذلك أن تلك الجماعات تتشابه في الظروف؛ من حيث النشأة، والظروف التي تحركها. وهي وإن تشابهت في طريقة استغلال حالة الفوضى الناتجة عن الصراعات المسلحة؛ فإن عوامل نشوء تلك الجماعات كثيرة جِدًّا، ومتباينة.

فبعض تلك الجماعات قد ينشأ نتيجة لظروف اقتصادية نتج عنها تبعات سلبية، وهو ما تركز عليه النظرية الماركسية، وكذلك تحدث عنها (جيل دولوز)، و(فيليكس غواتري)، وتمثل جماعة (توباك أمارو) في بيرو نموذجًا لهذا النوع من الجماعات المسلحة. وهناك حركات مسلحة تحررية تحاول استخدام العنف، وخلق النزاعات المسلحة؛ من أجل الظفر بالاستقلال، ومن أبرز هذه الجماعات: الجيش الإيرلندي الجمهوري (IRA)، وجبهة تحرير تاميل في  سريلانكا. وبعض تلك الجماعات تسعى إلى التغيير الاجتماعي، وهي حركات تزعم أن لها أهدافًا إصلاحية، وتستخدم العنف، أو تستغل النزاعات المسلحة لهذا الغرض، وقد تحدث عن هذا النوع من العنف الفيلسوف (هيربرت ماركوس) في كتابه “العنف والسياسة”. وكذلك هناك حركات مسلحة تتحين الفرصة للانقضاض؛ وذلك بمجرد تهيؤ الظروف الملائمة، وهذه الجماعات- في غالبها- ذات أهداف عنصرية، مثل: الحركات النازية، واليمينية المتطرفة في أوروبا، وخاصة في ألمانيا، وكذلك الجماعات العنصرية في الولايات المتحدة التي ترى تفوق العرق الأبيض، وتعادي العرق الأسود، وتعادي الأقليات بشكل عام؛ بما فيهم المسلمون، ومن أبرز هذه الجماعات “جماعة كو كلوكس كلان المعروف بـ KKK”، وحركة (كاخ) اليهودية المتطرفة التي أنشاها الحاخام المتطرف (مائير كاهانا) عام ١٩٧١م، وهم الذين ارتكبوا مجزرة (المسجد الإبراهيمي) بقيادة  الطبيب المتطرف (جولدستين).

ومن المهم التأكيد- مرة أخرى- أن نشاط الجماعات المسلحة في منطقة محددة من العالم لا يعني حصر تلك الجماعات المسلحة على دين، أو منطقة، أو ثقافة بعينها؛ بل إن تلك الجماعات موجودة في كل مكان، وأنشطتها متعلقة بالظروف، والأحداث؛ فإن كان هناك نزاعات مسلحة يصاحبها ضعف الدولة، أو فشلها تبرز تلك الجماعات، وإلا فإنها تبقى كامنة بانتظار الفرصة المناسبة.

رابعًا – سبل تفادي الأنشطة العنيفة للجماعات المسلحة:

  • تأكيد المسؤولية الفردية؛ حيث يشدد الفيلسوف الفرنسي (جان بول سارتر) على أهمية استشعار الفرد لدوره في وقت الصراعات المسلحة، وهنا يجدر تأكيد دور الفرد قبل حدوث الصراعات المسلحة، والسعي لمنعها من خلال الوعي العميق بآثارها.
  • الفهم العميق لطبيعة تلك الأنشطة، وما ينتج عن الصراعات المسلحة والبشاعة التي تمارسها تلك الجماعات المسلحة في مثل هذه الظروف؛ ولهذا لتجنب الوصول لحالة الفوضى الناتجة عن الصراع المسلح؛ فمن المهم توعية الأفراد بالجوانب الأخلاقية، وتوعيتهم بمفاهيم الخير والشر التي تكفل لهم نبذ العنف، وعدم التعاطف مع الجماعات المسلحة، وكذلك اهتمام الدولة بمبادئ العدالة والحرية، وكرامة الإنسان، وهذه كلها من وظائف الدولة الأساسية التي تدفع الفرد للدفاع عنها، وحمايتها.
  • التأكيد أن وجود الدولة هو الحصانة الأساسية، والضامن لمنع حدوث نزاعات مسلحة، وحتى لو حدثت؛ فلن يكون هناك مبرر لقيام جماعات مسلحة بإذكاء الفوضى، واستخدام العنف، وانتفاء وجود الدولة يعني غياب العقد الاجتماعي الذي ينادي به الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، وهو الذي بدونه كما يقول هوبز: سيعود الإنسان لطبيعته يحدث الفوضى، ويمارس العنف.
  • تعزيز اللحمة الوطنية، والانتماء الوطني، وإبراز المكانة الكبيرة لولاة الأمر، وأن ذلك من مبادئ الإسلام، وقواعد الدين؛ إذ يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (سورة النساء، الآية 59).
  • معاناة قطاع غزة؛ بوصفه نموذجًا للتحديات الأمنية المرتبطة بالأزمات، والحروب:

وفقًا لنظريات الأمن الوطني؛ فإن الحرب هي نزاع مسلح، ومنظم بين دولتين، أو أكثر؛ وذلك من خلال الاستهداف المباشر، وبأن يستخدم أشد أنواع (القوة العسكرية) التي توصف بالقوة الصلبة، وهي الأكثر عنفًا وإجبارًا للخصم من عناصر القوة الأخرى بالدولة، وهدفها: تحقيق الأهداف السياسية للدولة المعتدية.

ويلاحظ أن الحروب تنتهك جميع مقومات الحياة، وبشكل خاص أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها جميع دول العالم عام 2015م؛ بشكل مباشر، وخاصة الهدف السادس عشر المتمثل في السلام، والعدل، والمؤسسات القوية، ناهيك عن انتهاكها لجميع مقومات الأمن الوطني في الدولة المستهدفة.

وهذا ينطبق على ما يتعرض له قطاع غزة- حاليًّا- من قبل دولة اسرائيل (المعتدية) التي تفرط كثيرًا في استخدام القوة؛ وفقًا لنصوص القوانين الدولية؛ لاسيما تجاه الأطفال، والنساء، وكبار السن، والمساكن، والمؤسسات الخدمية، وتجبر سكان القطاع على الهجرة القسرية.

والمعلوم أن اسرائيل تتخذ من هذا التغول العسكري ذريعة لقيام كتائب القسام التابعة لسلطة حماس التي تحكم قطاع غزة حَاليًّا، وما قامت به فيما يسمى بــ (طوفان الأقصى) في 7 أكتوبر 2023م، غير أنه من الضروري الإشارة إلى أن قطاع غزة، والضفة الغربية يتعرضان لهذا الاحتلال والاستهداف البشع من قبل إسرائيل، وهما يقاومان الاحتلال منذ ما يزيد على (70) عام.

ويعّد الوضع في غزة مأساويًّا بكل ما تعنيه الكلمة؛ ووفقًا لجميع المعايير الإنسانية والقانونية، وليس في الجوانب الأمنية فحسب، وإنما في جميع عناصر مصفوفة مقومات الأمن الوطني، ومهدداته، والمؤسف أنه يحدث بدعم من كثير من الدول الكبرى المؤثرة، وصمتها، وهي التي تدّعي المحافظة على القانون الدولي، وتقف موقفًا نقيضًا من موقفها؛ مما تعرضت له أوكرانياالعام الماضي نتيجة تعرضها للاعتداء الروسي، لكن هذا الموقف المزدوج بدأ يحظى بتفاعل أحرار العالم، ومثقفيه.

أولًا – أبرز التحديات الأمنية في مناطق الصراع، وبؤر الحروب، وفي غزة على وجه الخصوص:

  • الاغتيال، أو الإصابة، أو الضرب.
  • تدمير للمنازل، وتخريب ممنهج للأحياء السكنية، والمؤسسات الخدمية.
  • التهجير القسري.
  • النهب، والسلب.
  • الإخلال بالأمن، وزيادة حالة الرعب.
  • الاعتقالات العشوائية غير المبررة

هذا إضافة لما سبق؛ فإن استهداف جميع مقومات الأمن الوطني في قطاع غزة، سيزيد من تفاقم التحديات الأمنية، ومنها: بروز التحديات السياسية لسلطة حماس، ونقص القدرات العسكرية لكتائب القسام المحدودة أصلًا، والنقص الحاد في متطلبات الصحة، والغذاء، والدواء، والاضطراب في المقوم الجيوسياسي لقطاع غزة، وبالتالي سيزيد من الأعباء؛ مما يفاقم حجم التحديات الأمنية في القطاع.

ثانيًا – الفرص المتاحة لضحايا الحروب في ضوء تأثير  التحديات الأمنية:

  • التطبيق الأمثل للتعامل مع الأزمات، والكوارث وقائيًّا وعلاجيًّا.
  • تحفيز التطوع، والتكاتف الداخلي.
  • تطبيق الإيثار، والاقتصاد.
  • الاحتساب، والتكيف مع الأوضاع.
  • مساعدة فرق الطوارئ المختصة.
  • زيادة الوعي الأمني (الذاتي/ الأسري/ المجتمعي).
  • طلب المساعدة العربية، والاقليمية، والدولية.
  • نشر المعاناة، وتوثيقها، و الكشف عن الانتهاكات غير القانونية عالميًّا.
  • الجهود السياسية لوقف الحرب.

ثالثًا – الآليات المقترحة لمواجهة التحديات الأمنية؛ وذلك في ظل الأزمات، والحروب:

  • المطالبة بالحلول السياسية؛ لإيقاف هذا الاستهداف الهمجي، وتطبيق الحلول الدولية.
  • تطوير القوانين الدولية؛ بما يضمن إجبار الدول المعتدية على التوقف عن ممارساتها.
  • الاستعانة بالمنظمات الدولية المختصة؛ لاسيما مع استحداث مشاركة الشركات في النزاعات المسلحة.
  • إجراء دراسات تشمل وصف معاناة ضحايا الحروب، واستشرافها، ووضع أساليب إعادة تأهيل هؤلاء الضحايا.
  • توثيق جرائم الحرب التي يرتكبها المعتدي، والرفع بها للمحاكم الدولية المختصة.
  • المطالبة بإعادة التأهيل البيئي، والعمراني للأشخاص الضحايا، وكذلك الأماكن المنكوبة.
  • التوصيات:
  • ضرورة الخروج من الجانب التنظيري إلى الواقعي، وتطوير الحلول، ومنظومة التشريعات بالتوازي مع تطور النزاعات، وتعددها على المستوى الدولي.
  • تفعيل دور الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وبعدهما عن تأثير القوى الكبرى؛ وذلك أن يكون دورهما حياديًّا ومنصفًا، ويقف من الجميع على مسافة واحدة.
  • ضرورة تكثيف الجهود العربية الرامية إلى توحيد الرؤى، والمتطلبات؛ وذلك للحد من حدة النزاعات المسلحة، وقسوتها. هذا مع ضرورة التفكير بإنشاء قوة عسكرية عربية، أو إسلامية، ولعل قيادة التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب تكون هي الأساس والمرتكز، وهي رؤية سيدي ولي العهد – حفظه الله-.
  • أهمية التشاركية، والحوكمة الأمنية، والموازنة ما بين تحقيق الأمن، واحترام حقوق الإنسان، هذا إضافة إلى توظيف التكنولوجيا الحديثة؛ ذلك للتقليل من الأخطار، وترسيخ الجاهزية، وتعزيز ثقافة التعامل مع الأزمات، ومع النزاعات في أوساط المجتمع، ولدى صانعي القرار؛ وذلك من خلال أسلوب المحاكاة، و إيجاد السيناريوهات بصورة تقلل من المخاطر، وتداعيات الظروف المدمرة.
  • التأكيد أن معالجة الحروب والنزاعات؛ وذلك بالطرق الدبلوماسية حل ضروري وفعال.
  • أهمية وجود ضوابط وأطر؛ لأجل أمننة النزاعات، ولحماية المدنيين من النساء والأطفال الذين عادة ما يكونون أكثر الضحايا، والحد من الفوضى التي تسمح للبعض سواء من الجماعات، أو الدول بركوب الموجة؛ لأجل مآرب خاصة.
  • إجراء دراسات متخصصة تركز على وصف معاناة ضحايا الحروب، واستشرافها، وأساليب إعادة تأهيل هؤلاء الضحايا، خاصة أمام التطور الرهيب لتكنولوجيا الحروب، والنزاعات المسلحة القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والجيوش السيبرانية، وعسكرة الفضاء الرقمي، وغير ذلك.
  • تصنيف النزاعات، والصراعات المسلحة تصنيفًا دقيقًا؛ وذلك من ناحية أهدافها، والداعمين لها، مع بيان تفصيلي للجماعات المتطرفة، وخصوصًا داخل الدول العربية؛ وذلك على تنوع انتماءاتها السياسة، والحزبية.
  • المصادر والمراجع:

(*) – استند التقرير إلى ندوة عقدها ملتقى أسبار عبر الإنترنت (Webinar)؛ بعنوان: “التحديات الأمنية في ظل أزمات النزاعات المسلحة (الحروب)، بتاريخ 10 نوفمبر 2023م.

  • يُنظر في ذلك:
  • عامر، صلاح الدين. (1975م). مقدمة لدراسة قانون النزاعات الدولية المسلحة، دار النهضة العربية، القاهرة.
  • جويلي، سعيد سالم. (2003م). المدخل لدراسة القانون الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، القاهرة.
  • بن داود، براهيم. (2008م). الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة زمني السلم والحرب بالملتقى الوطني حول حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة بين الواقع ومقتضيات التطور بالمركز الجامعي بالجلفة، 5-6 مايو 2008م.
  • سورة الأحزاب: الآية 56.
  • سورة المائدة: الآيتان 15/16.
  • سورة النساء: الآية 65.
  • سورة النساء: الآية 94.
  • O’Leary De Lacy, Arabic Trough an dits place in History, p08.
  • الحصين، صالح بن عبد الرحمن. (1429هـ). التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب، الرياض.
  • G, LEONARD, Islam,1959, p72.
  • لوبون، جوستاف. (1983م). حضارة العرب، ترجمة: عادل زعتر، مكتبة الأسرة، القاهرة.
  • البزاز، محمد. (2008م). المبادئ المنظمة للعمليات الحربية بموجب الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، مقال بمجلة الوصية الصادرة عن المنتدى الإسلامي للقانون الدولي الإنساني، السنة الأولى.
  • بن داود، براهيم. (2013م). التأصيل الفكري والحضاري لقواعد القانون الدولي الإنساني، الملتقى الدولي حول إسهامات الفقه الإسلامي في تطوير قواعد القانون الدولي الإنساني وإرساء معالم التعامل الحضاري بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة زيان عاشور الجلفة، 16-17 إبريل 2013م.
  • المرجع السابق.
  • بن داود، براهيم. (2023م). القانون الدولي الإنساني بين سورة الإنسان وصورة الإنسان، مداخلة ضمن فعاليات المؤتمر الدولي، حول التحديات المعاصرة للقانون الدولي الإنساني، كلية الحقوق، جامعة الجلفة، يوم 01 جوان 2023م.
  • المرجع السابق.
  • المرجع السابق.
  • بن داود، براهيم. (2023م). نحو أخلقة الذكاء الاصطناعي، المؤتمر الدولي الذكاء الاصطناعي وضوابطه، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الجلفة الجزائر يوم 31 أكتوبر 2023م.
  • المرجع السابق.
  • المرجع السابق.
  • الأقرع، عبدالقادر محمود محمد. (2023م). الحماية الدولية للأطفال أثناء النزاعات المسلحة في ضوء قواعد القانون الدولي الإنساني. مجلة مصر المعاصرة، مج 114، ع 550، 11-64.
  • هويدي، سمر عبدالله. (2023م). أثر النزاعات الداخلية المسلحة غير الدولية على حقوق الإنسان في العراق: الكيان الإرهابي داعش أنموذجا. مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، مج 12، ع 44، 533 – 561.
  • روشو، خالد، و باية، عبدالقادر. (2023م). القواعد الناظمة للمساعدات الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة. المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية، مج 8، ع 1، 497 – 518 .
  • الصيادي، نبيل محمد صالح. (2023م). الحماية القانونية للممتلكات الثقافية في أثناء النزاعات المسلحة. التواصل، ع 47، 259 – 291 .
  • عبدالسادة، حسن عبيد. (2023م). قانون النزاعات المسلحة والقانون الجنائي الدولي. مجلة مركز دراسات الكوفة، ع 68، 513 – 555 .

المشاركون:

  • د. مطير سعيد الرويحلي – مدير الندوة – الباحث الاستراتيجي في العلاقات الإقليمية والدولية.
  • أ.د. إبراهيم بن داوود – أستاذ القانون الدولي بجامعة زيان عاشور “الجزائر”.
  • أ.د. إدريس لكريني – أستاذ القانون الدولي خبير متخصص في تحليل الأزمات والمخاطر.
  • د. محمد الثقفي – رئيس مركز الخبرة العالمية للدراسات والاستشارات.
  • د. فهد الغفيلي – رئيس مركز د. فهد الغفيلي للاستشارات الأمنية.
  • تحرير التقرير: د. إبراهيم إسماعيل عبده .
Scroll to Top