التقرير الشهري 35

1 فبراير 2018

:تمهيد

ناقش أعضاء ملتقى أسبار خلال شهر فبراير 2018 م العديد من الموضوعات المهمة والتي تم طرحها للحوار على مدار الشهر، وشملت القضايا التالية: التوازن المالي الحكومي.. بناء لمستقبل وطن الضرائب وتقنين الانفاق الأسري مؤشرات الأداء الوظيفي والمؤسسي.. ما بين التأثير والتأثر أما جاء وقت لوكالة الفضاء السعودية؟ ما بعد التحول.. واقع المنشآت السعودية في بيئة العمل تجاه تمكين المرأة

:المحتويات

ناقش أعضاء ملتقى أسبار خلال شهر فبراير 2018 م العديد من الموضوعات المهمة والتي تم طرحها للحوار على مدار الشهر، وشملت القضايا التالية: التوازن المالي الحكومي.. بناء لمستقبل وطن الضرائب وتقنين الانفاق الأسري مؤشرات الأداء الوظيفي والمؤسسي.. ما بين التأثير والتأثر أما جاء وقت لوكالة الفضاء السعودية؟ ما بعد التحول.. واقع المنشآت السعودية في بيئة العمل تجاه تمكين المرأة

:الملخص التنفيذي

المحور الأول: التوازن المالي الحكومي.. بناء لمستقبل وطن

الورقة الرئيسة: د. مشاري النعيم
التعقيب الأول: د. نوف الغامدي
التعقيب الثاني: أ. جمال ملائكة
إدارة الحوار: م. حسام بحيري
المداخلات حول القضية
التوصيات المقترحة
المحور الثاني: الضرائب وتقنين الانفاق الأسري

الورقة الرئيسة: د. حسين الحكمي
التعقيب الأول: د. خالد الرديعان
التعقيب الثاني: د. حميد الشايجي
التعقيب الثالث: د. هند الخليفة
إدارة الحوار: أ. سمير خميس
المداخلات حول القضية
التوصيات المقترحة
المحور الثالث: مؤشرات الأداء الوظيفي والمؤسسي .. ما بين التأثير والتأثر

الورقة الرئيسة: د. عبد الرحمن الشقير
التعقيب الأول: أ. د. راشد العبد الكريم
التعقيب الثاني: د. خالد بن دهيش
التعقيب الثالث: د. عبير برهمين
إدارة الحوار: د. فوزية البكر
المداخلات حول القضية
التوصيات المقترحة
المحور الرابع: أما جاء وقت لوكالة الفضاء السعودية؟

الورقة الرئيسة: م. أسامة كردي
التعقيب الأول: د. زهير رضوان
التعقيب الثاني: د. محمد الملحم
إدارة الحوار: أ. مها عقيل
المداخلات حول القضية
التوصيات المقترحة
المحور الخامس: ما بعد التحول.. واقع المنشآت السعودية في بيئة العمل تجاه تمكين المرأة

الورقة الرئيسة: د. ريم الفريان
التعقيب الأول: م. خالد العثمان
التعقيب الثاني: د. نوف الغامدي
إدارة الحوار: د. عبدالله بن صالح الحمود
المداخلات حول القضية
التوصيات المقترحة
المحور الأول

التوازن المالي الحكومي.. بناء لمستقبل وطن

الورقة الرئيسة: د. مشاري النعيم

هذه القضية تأتي في وقتها المناسب تماما مع اتخاذ الحكومة إجراءات مالية قد يراها البعض “قاسية” وغير معتادة في تاريخ بلادنا، ولكن هذه الإجراءات أساسية ومهمة لضمان المستقبل. جميع حكومات العالم تعمل وتخطط من أجل الأجيال القادمة والحقيقة أننا بشكل عام نعمل ونجتهد من أجل الاستمرار، استمرارنا نحن من خلال الإبقاء على مستوى من الحياة الكريمة لمن سيأتي بعدنا. السؤال المهم الذي يمكن طرحه هنا هو: هل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ستكون كافية لتحقيق المستقبل الآمن للأجيال القادمة؟ وماذا يجب أن يتم على المستوى الإجرائي والمستوى الاستثماري للوصول إلى مستقبل اقتصادي “خارج الأزمات”؟ هل ستكفي الضريبة المضافة ورفع أسعار الطاقة والخدمات، أم أن المواطن ينتظر إجراءات تقشفية ضاغطة في المستقبل المنظور؟ جميع هذه الأسئلة تمثل مخاوف حقيقية تقلق المواطن وتجعله يشعر بعدم الاطمئنان على مستقبله ومستقبل أبنائه.

قضيتنا اليوم تصب في اتجاهين: الأول يعنى بجدوى التوازن المالي الحكومي وماهية الآليات التي يمكن أن تتبعها الحكومة لتحقيق هذا التوازن. والثاني هو الإجراءات الضامنة لإنفاق المال العام ودرجة الشفافية المالية التي تتبعها الحكومة حتى يطمئن المواطن عندما يطلب منه المشاركة في تحقيق هذا التوازن كما فعلت الحكومة مؤخرا عندما أقرت الضريبة على القيمة المضافة. إذا هناك حاجة ملحة لتحقيق التوازن المالي لفتح الفرص للأجيال القادمة تقابلها حتمية الشفافية والمشاركة في إدارة المال العام من قبل المجتمع المدني.

سياسة التوازن المالي هي سياسة تنموية متكاملة ولا تعنى فقط بتحقيق احتياط نقدي، إذا يفترض أن آليات تحقيق التوازن المالي تنبع من استراتيجية تنموية وطنية شاملة. ولكن لو تحدثنا عن بعض الآليات التي تتبعها الحكومات عادة لتحقيق التوازن المالي سوف نجد أنها تنطلق من مبدأ “المشاركة” أي أن الحكومة والمجتمع شركاء في بناء الدولة وأن هناك عقد اجتماعي بين السلطة “كجهاز إداري وتنفيذي” وبين أفراد المجتمع (كمستفيد مباشر من الإدارة التنفيذية الحكومية) وبنود هذا العقد تتركز في أهمية الإدارة الحكيمة وإقرار النظام والتوازن الاجتماعي والاقتصادي وتحقيق مبادئ العدل والمساواة وتكافئ الفرص والتوزيع العادل للخدمات وبالتالي تكون مشاركة المجتمع للحكومة بالمساهمة في تمويل الإدارة والتنمية من خلال الضرائب ورفع الإنتاج والمشاركة في التنمية بشكل عام. فكرة “العقد الاجتماعي” في أساسها لا تحمل الحكومة المسؤولية كاملة، كما كان متبع في السابق لدينا حيث تقوم الحكومة بالإنفاق على كل الخدمات وعلى المواطنين دون أي مشاركة من المجتمع في تمويل الحكومة. التعاقد الاجتماعي يحمل المواطن مسؤولياته في تحقيق التوازن المالي الحكومي فهو مسؤول وعليه تحمل مسؤولياته وكما أنه يريد أن يعيش في وطن آمن ويتمتع بخيرات هذا الوطن عليه أن يقوم بأداء واجباته ومنها المشاركة في تمويل التوازن المالي الحكومي.

والحقيقة أن فكرة المشاركة في تمويل التوازن الحكومي من قبل المواطنين هي فكرة تربوية في عمقها الفلسفي، فالحصول على كل شيء بدون مقابل يعلم الناس على عدم احترام ما بأيديهم من نعم، وفي دراسة قام بها أحد الباحثين بمقارنة سلوك الأسر الخليجية (في بعض دول الخليج) التي تدفع فواتير الكهرباء والماء والتي لا تدفع وتبين له أن الأسر التي تتحمل تكاليف الخدمات أكثر انضباطا وأكثر شعورا بالمسؤولية لأنها تشارك في الإنفاق والإسراف يمس حياتها مباشرة. هذا ينطبق على فكرة المشاركة في تمويل خزينة الدولة من أجل تحقيق التوازن المالي الذي يفترض أصلا أنه يعمل من أجل تحقيق التنمية والترفيه لهذا المواطن الذي يشارك في عملية التمويل.

أحد الأمثلة التي يمكن أن تفعل مشاركة المجتمع في تمويل التوازن المالي هي تحول الضريبة إلى محفز تنموي في مجالات متعددة ومنها مجال التنمية الحضرية، وأقصد هنا أن تطبيق الضرائب يجب أن يشجع على تنمية المدن والمناطق الأقل تنمية في المملكة بحيث تتفاوت الضريبة من مدينة لأخرى حسب نموها والفرص المتاحة؛ فيها فكلما كانت المدينة جاذبة ويوجد فيها فرص عمل واستثمار كلما زادت الضريبة، ولأضرب مثل مهم، تتفاوت الضريبة في الولايات المتحدة من ولاية لأخرى فمثلا في ولاية كولورادو لا تتجاوز الضريبة المضافة 8,5 % بينما تزيد في نيويورك إلى 17% هذا التفاوت مبنى على أسس تنموية واضحة، لذلك أرى أن الخطوة القادمة هي ربط الضريبة بالاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية والعمل على تشجيع تنمية مناطق الأطراف والأقل نموا في المملكة من خلال تخفيض قيمة الضريبة فيها والتخفيف من الضغوط على المدن الكبرى من خلال رفع قيمة الضرائب.

يضاف إلى ذلك أن أحد أهم آليات التوازن المالي الحكومي هي تقليل الإنفاق وتحويل المؤسسات التي تنفق عليها الحكومة إلى مؤسسات مستقلة ومنتجة تتحمل مسؤولياتها. ولعلنا جميعا سمعنا عن توجهات وزارة التعليم والصحة لتحويل الجامعات والمستشفيات إلى مؤسسات مستقلة تنفق على نفسها وتستقل عن الحكومة بنسبة كبيرة. هذا التوجه مهم جدا لأنه يرفع من درجة التنافس والمسؤولية، ولكن للاستقلالية ثمن يجب على الجميع أن يعيه ويتحمله خصوصا في مؤسسات التعاليم العالي. في اعتقادي أن إعادة رسم السياسة المالية التي تحدد مصادر التمويل ومصارف الإنفاق وربطها بالهدف التنموي العام للدولة وتحديد مسؤولية جميع الأطراف (الحكومة والقطاع الخاص والمواطن العادي) سيجعل هذه السياسة فعالة ومؤثرة.

على أن هناك من يثير موضوع المخزون المالي للدولة وصندوقها السيادي وأن إدارة هذا الصندوق يجب أن تكون شفافة لأنه ملك لجميع المواطنين وإدارته تؤثر على مستقبل الجميع. هذه الرؤية مبنية على أنه قبل أن نطالب المواطن بالمشاركة في تحقيق التوازن المالي الحكومي علينا أن نعلم ماذا نملك وكيف يمكن أن نستثمر ما نملك بالشكل الصحيح. ورغم أن هذه الرؤية مبنية على كون صورة الصندوق السيادي ضبابية وغير واضحة بالنسبة لقطاع كبير من المواطنين؛ وهذا يجعلهم غير واثقين بأن مشاركتهم في تمويل الحكومة كي تقوم بواجباتها الوطنية ستكون في مكانها الصحيح؛ الأمر الذي يقودنا لإشكالية الشفافية المالية وأهمية مشاركة المجتمع المدني في إدارة المال العام. إذا نحن أمام معضلة كبيرة وهي أن هناك تحول كبير في إدارة التنمية يجب أن يحدث وأن النظام الإداري والسياسي يجب أن يتطور كي يستوعب هذه الاشكاليات التي ستنمو وتتطور في المستقبل ويجب أن نكون على استعداد لمواجهتها.

تحقيق التوازن المالي الحكومي مطلب مهم ولكنه لا يمكن أن يتحقق بمجرد فرض الضرائب ورفع أسعار الخدمات؛ لأن هذا التحول الجديد في مجتمعنا سيتبعه بشكل حتمي تحول على المستوى الاجتماعي والإداري والسياسي؛ لذلك يجب أن نكون على استعداد تام لهذه التحولات الكبيرة التي سيعيشها مجتمعنا في السنوات القادمة، ويجب أن نعي أن هذه التحولات ستدفع بالمزيد من المشاركة في إدارة المال العام والتنمية بشكل عام، وأن شكل النظام الإداري الحالي سوف يتغير.

وفي الختام فقد ركزت الورقة على التبعات التي ستنتج عن عملية التوازن الحكومي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه، والتي أشركت في مسؤولياته المواطنين، وماذا يمكن أن ينتج عن هذه السياسية الجديدة من تغيرات على مستوى “شكل الدولة” الجديدة التي بدأنا نتجه لها.

التعقيب الأول: د. نوف الغامدي

يعتمد برنامج تحقيق التوازن المالي على ثلاث نقاط أساسية، هي: رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، وذلك لتفادي مشكلة سابقة تتعلق بإنفاق إيرادات النفط المرتفعة على التشغيل، وليس إنفاقا رأسماليا، وتحسين الإيرادات غير النفطية من خلال فرض رسوم على الوافدين، وضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية على المنتجات الضارة، ورسوم الأراضي البيضاء، ورسوم التأشيرات، إلى جانب رفع كفاءة الدعم الحكومي.

إن الإنفاق الحكومي المتصاعد من عام لعام بنسب تصل إلى 4٪؜ لا يعني نمو مشاريع التنمية فقط، بل نمو في نوعية هذه المشاريع، ومع قراءة مؤشرات النمو السكاني ونمو الناتج المحلي الحالية بل حتى النمو في الاقتصاد العالمي فإننا نتوقع أن وضع المملكة عند نهاية مدة خطة التوازن المالي سيكون أفضل بكل المقاييس وأكثر استقرارا وقدرة على إنتاج ما يحقق أهداف “رؤية 2030″، بكل ما فيها من طموح وغايات كبرى.

خطة التوازن المالي وفقا لهذه المعطيات ليست خطة “تقشف” كما كان البعض يحاول أن يروج لها أو يشوه مفهومها، فمن الواضح تماما أننا أمام خطة موازنات توسعية، وصناعة موازنة إنفاق قياسية، وهذا ليس إدعاء بقدر ما هو جوهر هذه الخطة وفقا لكل ما أعلنت عنه وزارة المالية، وما ثبت فعليا خلال ميزانية عام 2017 وموازنة عام 2018.

لكن التوازن المالي يعني ألا يكون هذا الإنفاق المتصاعد دون خطة واضحة وصريحة لإيجاد الإيرادات الكفيلة بتغطية هذا الإنفاق، لقد كان من السهل على الحكومة أن تعلن عن طموحاتها من المشاريع والنمو في الإنفاق، لكن الالتزام الذي أعلنته المملكة نحو الشفافية والحوكمة الاقتصادية يتطلبان أن توضح بكل جلاء من أين سيتم تحقيق الإيرادات الكافية.

وهناكً بعض النقاط لابد من قراءتها:

⁃ عدم تحصيل كامل الإيرادات المتوقعة. ولعل ذاك بسبب ضعف دقة بيانات الأساس، وصعوبات تقنية فنية ناتجة عن تنفيذ آليات تحصيل، ومتغيرات قد تحدث.

⁃ بلوغ الأثر السلبي على الأسر أعلى من المتوقع، وعدم تغطية قيمة التعويض للأسر ذات الدخل المنخفض للزيادة في تكلفة المعيشة. وذلك ربما بسبب ضعف دقة بيانات حصر شرائح دخول أفراد المجتمع وحجم الطبقة المتوسطة بين مسح ميداني وسجلات، إضافة إلى غياب قدرات تقنية الشرائح المستحقة للتسجيل أو عقبات منظومته الفنية، وأخيراً أثر برامج أخرى مرتبطة مثل مستوى توظيف السعوديين والأجور والإسكان وأسعار فواتير مكونات التضخم.

⁃ بلوغ الأثر السلبي على الشركات أعلى من المتوقع، والذي قد يعود أيضا لـ “دقة بياناتها وحجم وسلاسة توزيع منظومة إجراءاتها بين الأجهزة الحكومية” بالتالي توازن كلفة رفع الدعم والرسوم عليها مع قيمة برامج دعمها. وذلك قد يعود إلى أن الأهم هنا وهو “منهج” تحسين كفاءة سوق العمل الذي ولازال ومع إعلان برامجه خصوصا المتعلق بمنشآت صغيرة ومتوسطة يسير وفق قالب نموذج إداري مالي وقانوني لا اقتصادي، بل معاكس اقتصاديا واجتماعيا.

عدم كفاية سياسات الدعم الصناعي للقطاعات المستهدفة خلال الفترة الانتقالية ، ويمكنني القول بأنها ليست كافية بحكم ارتباطي بأبحاثها وأعمالها وكمثال: 49 مليار ريال فقط حجم صندوق التنمية الصناعية، وغياب بنك متخصص للصادرات ومنصة لها، وضعف خدمات وتكاليف مدن صناعية لحجم مشاريع صغيرة ومتوسطة وبلا إعلان إلى الآن لمنطقة تجارة بحرية.
زيادة تكاليف التحفيز ومزاحمتها لاستثمارات عادية، ونسبة قروض متعثرة أعلى.وهذه اسميها رؤية إدارية مالية لا اقتصادية، لأننا نفترض عند التخطيط أو منح القروض، دقة عالية لدراسات الجدوى والأبحاث الاقتصادية، وتواجد برامج عيادات استشارية موازية خاصة لتقويم التعثر بكل جهة مع تحمل الدولة لعنصر المخاطرة في مثل هذا النوع من الاستثمار التنموي.
الأثر الاقتصادي الإيجابي: يعد أقل من المتوقع للتحفيز، وعدم بلوغ النمو الاقتصادي المتوقع.
ومن المخاطر أيضا دقة وتوافر بيانات الأساس الموضحة بعضها بـ “جاري احتسابه” ببرنامج التحول، والأخرى هي:

مخاطر بناء برنامج تحقيق التوازن المالي بشكل سريع، حيث نجد بشكل غير مباشر أن الأولوية في البرنامج هي تقوية المركز المالي للحكومة ومتطلباتها لأهداف مرتبطة بها كمكون أول، وأخذت منهج سرعة تعبئة الإيرادات وخفض النفقات بأدوات لا تتطلب استثمار أولا، وتنفيذها قبل تنفيذ منظومة الإصلاح والدعم لمكون المجتمع ومكون القطاع الخاص، ونتيجة، قد تتأخر هذه المكونات من اللحاق بالمكون الأول، وبذلك نكرر المشكلة التي عانت منها المملكة بجميع خططها التنموية.
مخاطر هيكلية في دمج أجهزة تنظيم حكومية مفترض لها التخصص وأدوار محددة لا متعددة لتحقق أهداف التحول والتوازن المالي، أهمها الصناعة والعمل.
مخاطر ضعف قدرة القطاع المالي الحالي خصوصا البنوك والتأمين لمواكبة متطلبات منتجات الاستثمار والتمويل والخدمات الدولية لهذا الحجم من مكونات التحول.
مخاطر ضعف عدالة فرص التخصيص القادمة وفرص الاستثمار فيه لجميع مكونات القطاع الخاص وأثرها على أهداف أخرى.
مخاطر خاصة بمقاومة التغيير والتدريب، وحشد القدرات البشرية لقادة صف أول وثاني للبرنامج، إدراك قادة التحول صف أول وثاني بعلاقات وأدوار وأثر برامج كل قطاع كوحدات جزئية في عمل الاقتصاد الكلي، وكيف يعمل قانون تكلفة الفرصة البديلة، كفيلة بإذن الله بتجنب هذه المخاطر بدرجة عالية.
التعقيب الثاني: أ. جمال ملائكة

برنامج التوازن المالي هو برنامج ضروري جدا للتأكد أن مصروفات الدولة يقابلها دخل يفي بهذه المصروفات وإلا تعرضت البلاد الي إفلاس في القريب العاجل نظرا للتطورات العالمية الخاصة بالطاقة وتنوع مصادرها وبدائلها الواضحة للعيان. إن تنويع مصادر دخل الدولة من خلال رفع أسعار بعض المنتجات والخدمات وفرض بعض الضرائب هو أمرٌ حتمي في بلد يعتمد أساسا على مصدر واحد للدخل وهو النفط. إن أي بلدٍ في مثل حالتنا سيكون معرضا لكوارث اقتصادية عاجلا أم أجلا لأن الاعتماد على مصدر واحد للدخل وتعرض هذا المصدر للخطر بسبب التغيرات العالمية في ايجاد البدائل هو أمرٌ خطير جدا ومن هنا أهمية الإجراءات التي اتخذتها و”سوف” تتخذها الدولة.

وقد اتخذت الدولة قرارا ممتازا بالتوازي مع رفع الأسعار وفرض بعض الضرائب وهو برنامج “حساب المواطن” مما يخفف العبء على ذوي الدخل المحدود (يجب مراجعة حجم الدعم وتحديد المستحقين بصفة دورية) ومن نافلة القول إن التأثير على الفئات الأخرى سيكون محدودا أو معدوما.

وأتوقع أن تقوم الدولة في لحظة ما بفرض ضريبة دخل على الشركات والمؤسسات كمرحلة أولي ثم على المواطنين كمرحلة ثانية وطبعا ستكون الضرائب تصاعدية لضمان العدل الاجتماعي.

وكل هذه الإجراءات المؤلمة ضرورية جدا لضمان “استمرارية” الدولة ودخلها وبالتالي رفاه ونمو وتقدم هذه البلاد، إلا أنه هناك شروطا لابد من الوفاء بها لينجح العقد الاجتماعي الذي أشار إليه د. مشاري وهذه الشروط هي:

1- أن تقوم الدولة بدورها كاملا في ضرب الفساد بلا هوادة وفي كل الأوقات.

2- أن تقوم الدولة بخلق القوانين والظروف والبيئة والإجراءات والتحفيز ليقوم القطاع الخاص بدوره في الاستثمار والتوظيف والتوسع. وإذا لم يحدث ذلك فسوف نتعرض الي مخاطر كبيرة في المستقبل.

3- ضمان الشفافية الكاملة في كل ما تقوم به الدولة؛ حيث أن المواطن أصبح “مشاركا” في تمويل الميزانية ومن حق المواطن أو ممثليه مراقبة الميزانية وحق المسائلة.

4- أن تكون الجهات المقدمة للخدمات مثل الماء والكهرباء والبلديات والوقود الخ تكون هذه الجهات على مستويً عالٍ من النزاهة والكفاءة، وأن تكون تكاليف تقديم هذه الخدمات معقولة وخالية “تماما” من الفساد والهدر وسوء الإدارة لضمان أن سعر هذه الخدمات حقيقيا ولا يتحمل المواطن ثمن غياب هذه المتطلبات الطبيعية.

5- أن تبدأ الدولة جديا في التفكير بخلخلة الإدارة المركزية للوزارات وخلق نظام مشابه للنظام الذي تتبعه دول مثل الولايات المتحدة في أن تقوم كل منطقة بإدارة شؤونها بشبه استقلالية، وأن يكون لها مجلس محلي له صلاحيات واسعة لإدارة الشأن المحلي بما يتوائم مع البيئة المحلية ومميزاتها الخ.

ولا شك أن استمرارية شرح ضرورة الإجراءات التي تتخذها الدولة والقيام بالدور الإعلامي النشط والمستمر والمقنع هو ضروري لضمان قبول المواطنين لهذه الإجراءات بل وللمشاركة في البناء والتنمية حيث أن هذا المواطن أصبح شريكا مباشرا للدولة نظير ما يدفعه من ضرائب.

المداخلات حول القضية

تناول د. خالد الرديعان قضية التوازن المالي من زاوية مختلفة تتعلق بسلوك الحكومة في تقديم الإعانات كحساب المواطن وبدل غلاء المعيشة وأن تقديمهما ربما لم يتم على أسس اقتصادية بحتة بقدر ما هو قلق الحكومة من حدوث توترات اجتماعية قد يصعب ضبطها كما حدث في إيران قبل عدة أيام.

وأضاف قوله: نستبعد بالطبع حدوث شيء مشابه لما حدث في إيران بسبب التباين في أنظمة الحكم وطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم في البلدين، لكن الحكومات عموما تضع في حسبانها جميع الاحتمالات السيئة وهذا عمل حصيف.

نحن نتذكر مثلا القرارات التي صدرت فترة حكم الملك عبدالله رحمه الله في شهر مارس ٢٠١١م (٢٠ قراراً) وأنها جاءت في خضم ثورات ما سمي بالربيع العربي لتعطي إيحاء بأنها صدرت لمنع أي توترات اجتماعية محتملة؛ بل أن الصحافة العالمية صورتها هكذا في حين أن الصحافة المحلية كعادتها قدمتها بصورة مختلفة.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: لماذا تلجا الحكومة إلى إصدار مراسيم وقرارات في ظل متغيرات سياسية ليس لها علاقة مباشرة بالاقتصاد أو الوضع المالي للدولة. نحن نعلم أن القرارات (٢٠) جاءت وسعر النفط يتجاوز ١٠٠ دولار للبرميل؛ بمعنى أن الوضع المالي كان مريحا للدولة في حينه، وأن الوضع الاقتصادي لم يكن ضاغطا كما هو الحال عليه اليوم؛ عدا مشكلة السكن التي تحاول الحكومة ومنذ ذلك الوقت علاجها دون نتائج ملموسة.

وقد لاحظنا ما يشبه ذلك في قرار صرف بدل الغلاء الأخير، في حين أنه كان يمكن دمجه مع حساب المواطن أو رفع الأخير إلى مبلغ مناسب بدلا من تكرار تقديم المساعدة بصورتين مختلفتين، ولاسيما أن الفترة بين الإجراءين لم تكن بعيدة زمنيا.

ليس كل المواطنين على إلمام تام بدهاليز الوضع الاقتصادي للدولة وملاءتها.. فكل ما يدركه المواطن البسيط هو أن الغلاء فاحش، وأن دخله في تناقص، في حين يرى أن الدولة تبرم عقود تسليح بالمليارات وتقدم مساعدات لدول أخرى ما جعل المواطن في حيرة من أمره؛ فهو من جهة يريد توفير احتياجاته الأساسية والتي يواجه صعوبات في الحصول عليها، ومن جهة أخرى يعتقد أن الدولة لديها الكثير الذي يمكن أن تقدمه لكنها لم تفعل ما يكفي لخلق الاطمئنان الشعبي وسد الاحتياجات المتنامية وخاصة في قطاعي السكن والرعاية الصحية ومشاريع البنية التحتية الأخرى.

الحلقة المفقودة في هذه الدوامة والتي تثير البلبلة عند المواطن هي غياب الشفافية في مداخيل الدولة، وعدم قدرة الدولة على خلق الاطمئنان لدى المواطن البسيط بحيث يكون شريكا لها في السراء والضراء دون اللجوء لقرارات مضرة اقتصاديا على المدى الطويل حتى وإن كانت لصالح المواطن في المدى القريب.

وأشار د. إحسان بوحليقة إلى أن التوازن المالي على الرغم من أهميته، لكن في حال المملكة لابد أن يتسق مع أمرٍ آخر. إذ أن الرهان هو تحقيق مستوى إيجابي من النمو الاقتصادي.

وقد فطنت الحكومة لذلك عندما مددت أمد التوازن المالي إلى 2023. وحاليا، وحتى بعد صدور الميزانية، فما برح الهاجس تحسين مستوى المعيشة بمقدار أعلى مما قد يقضمه التضخم من دخل المستهلكين. بمعنى، لو كان دخل شخص 4000 ريال شهريا، وارتفع التضخم بمعدل 5 بالمائة في حين ارتفع دخل ذلك الشخص بمعدل 7 بالمائة، فيكون الهدف في الحفاظ على مستوى المعيشة قد تحقق إلى حدٍ بعيد، والعكس بالعكس.

ومع الإقرار أن تحديد مقدار الدعم والضرائب هو شأن سيادي للحكومة -كما هو الأمر في سائر البلدان- إلا أن تزامن العديد من العوامل لرفع الأسعار بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة يؤدي – بطبيعة الحال- إلى رفع تكلفة المعيشة، وبالتالي لزيادة الضغوط التضخمية، ومن ثمة رفع مؤشر الأسعار، في توجه معاكس لما كان عليه الحال في العام 2017، عندما شهد مؤشر الأسعار هبوطا للمنطقة السالبة لعشرة أشهر.

لكن ثمة فرق جوهري بين العامين؛ فالعام الماضي (2017) كان عام ركود، حيث انكمش بنحو0.5 بالمائة، بالأسعار الثابتة. أما العام 2018، وعلى النقيض من العام الذي سبقه، فإن التوقعات الحكومية تقول إن الاقتصاد سيشهد نموا – بالأسعار الثابتة – في حدود 2.7 بالمائة في العام 2018. وهذا يعني أنه يتوجب أن يتغلب النمو على التضخم بنتيجة صافية قدرها 2.7%، أي أن يتحسن مستوى الدخل بما معدله 2.7%.

وكان مهما أن تتحرك عجلة الإنفاق دون إبطاء لتسبق “التضخم” إلى الأسواق. وهكذا، يمكن القول إن تأثير “الأوامر الملكية” إبقاء المبادرة الاقتصادية بيد سياسات النمو. وتوضيح ذلك كما يلي:

1- أن أثر ارتفاع أسعار الطاقة واستحداث ضريبة قيمة مضافة تضخمي، إذ أخذت أسعار السلع والخدمات ترتفع مباشرة.

2- من جهة أخرى، أثرت التكاليف المتصاعدة وعدم وجود تحسن متزامن في الدخل في الأفق القريب على معنويات المستهلك فأخذ يحجم عن الإنفاق، لاسيما أنه مر بتجربة صعبة في العام الماضي 2017، تجسدت في تراجع الطلب الكلي وكساد الأسواق إجمالا.

3- أنه في حال استمرار ذلك: ارتفاع الأسعار من جهة وعزوف المستهلك عن الإنفاق من جهة أخرى، كان من شأنه أن يضع الاقتصاد السعودي وجها لوجه أمام “ركود تضخمي”.

4- أن العلاج أتى “إسعافيا”، عبر فتح قنوات ضخ نقدي ضخمة للأسواق، تؤدي لإنعاش معنويات المستهلك بدفعه للإنفاق، وبالتالي زيادة الطلب، مما يحرك الأسواق وينعشها، ويؤدي لنمو الاقتصاد المحلي.

5- وفي المدى القريب (أي خلال الأشهر الثلاثة القادمة) تتجسد المبادرات الاقتصادية الحكومية التي سيعلن عن تفاصيلها في برامج “رؤية المملكة 2030” التسعة المتبقية، وهي برامج تنويع اقتصادي بامتياز.

وتجدر الإشارة إلى أن تأثير “الأوامر الملكية” مباشر ويدعم جيب المواطن مباشرةً، مما يعني ارتفاع الإنفاق الخاص (استهلاك الأسر) ليصل للأسواق بسرعة وبوتيرة شهرية مع صرف كل معاش. وكذلك سيصل الإنفاق الأكبر للأسواق لاحقا مما أعلن في ميزانية العام 2018، التي يصل إجمالي إنفاقها إلى 1.110 ترليون ريال، منها 338 مليار ريال إنفاق رأسمالي واستثماري.

وفي هذا السياق، وعلى صلة بتجاوز وتيرةُ النمو وتيرة التضخم، فليس خيارا بقاء مستوى الأجور في القطاع الخاص على ما هو عليه حاليا، بحيث تعمل الشريحة الأكبر من السعوديين بأجر 3000 ريال شهريا، وليس إنصافا أن يذهب جلّ هذا الإنفاق ليحقق نمو اقتصادي وليولّد وظائفا، ثم تنصرف المحصلة لاستقدام عمالة وافدة رغم أن البطالة بين السعوديين 12.8 بالمائة، جلها بين الإناث، وجل الباحثات السعوديات عن عمل جامعيات! الخيار المُجدي أن تنتج الأموال نموا نسوقه لزيادة الطلب على الموارد البشرية السعودية (ذكور وإناث)، ليفتح فرصا وظيفية جديدة، ويُحسن الأجور إجمالا، ويولد فرصا للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. فإذا كانت “الأوامر الملكية” مصلا لوقاية الأسواق من شبح الركود التضخمي، فما مبادرة القطاع الخاص؟!

وتساءل م. حسام بحيري حول ما ذكرته د. نوف من أهمية وجود خطة واضحة وصريحة لإيجاد الإيرادات اللازمة لتغطية الإنفاق، هل الإيرادات الإضافية التي تم إقرارها كفيلة بتغطية الإيرادات المطلوبة للإنفاق؟ وإذا لم تكن كامله ما هي نسبة التغطية المتوقعة؟

وفي هذا الإطار أوضحت د. نوف الغامدي أنه وحسب ما هو متوقع ستظل مساهمتها 37% من إجمالي الإيرادات عام 2018، والمُقدرة بـ 783 مليار ريال، بينما 63% إيرادات نفطية متوقعة بقيمة 492 مليار ريال.

هذه التوقعات بُنيت نتيجـة توقع تحسن النمو الاقتصادي وتنفيذ عدة إجراءات لتنويـع مصادر الإيرادات منها:

1- فرض ضريبـة القيمة المضافة.

2- تطبيق المرحلة الثانية من المقابل المالي على الوافدين.

3- تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج تصحيح أسعار الطاقة.

ومن الواضح أن الدولة تستهدف تنمية الإيرادات بشكل هيكلي ومستمر كمصدر رئيسي لتمويل نفقـات الميزانيـة وخفض العجز.

حسب ما ذكر الأمير محمد بن سلمان، فإن صندوق الاستثمارات العامة سينفق 83 مليار ريال خلال العام المالي المقبل 2018 داخل المملكة، وسيتم تخصيص 50 مليار ريال من صناديق التنمية التي تقع تحت صندوق التنمية الوطني لتمويل مشاريع سكنية وصناعية وتعدينية، كمصدر ثالث للإنفاق بعيدا عن الموازنة.

بالتالي نحن أمام مشروع واضح المعالم في رسم الاقتصاد السعودي لمدة ست سنوات مالية مقبلة، وهذا سيمنحنا فرصة لا محدودة لجذب الاستثمارات وتعزيز الثقة بالاقتصاد.

ومن جديد قال م. حسام بحيري: بما أن جميع الإيرادات الضريبية المستقبلية متوقعة فما مدى أهمية ما ذكره أ. جمال عن الشفافية المالية وأهمية مشاركة المجتمع في إدارة المال؟

وفي هذا الصدد أوضح أ. جمال ملائكة أنها مهمة جداً، وأنها ستأتي في الوقت المناسب، والوقت المناسب هو عند فرض ضرائب الدخل، أما الآن فتستطيع الدولة أن تقول إن رفع أسعار الماء والوقود والكهرباء والقيمة المضافة هي “ضرورة”، وغالبا لا يستطيع أحد معاندة التطور خاصة عندما تكون القيادة واعية.

وركز د. محمد الملحم في تعقيبه على نقطة الجانب التربوي التي ذكرها د. مشاري النعيم في الورقة الرئيسة، وأوضح ذلك في النقاط التالية:

أولا: أنها تربوي كمفهوم لا كإجراءات وظيفية من خلال وزارة التعليم ومؤسساته؛ فالمقصود أن يتربى الناس على هذا النمط في المحافظة على الممتلكات الحكومية التي دفعوا قيمتها.
ثانيا: مع الإيمان بجودة هذا التوجه وأثره في سلوك المجتمع لكن ما هو مرتبط ارتباطا وثيقا بإيفاء الحكومة لما وصفته الورقة والتعليقات ب “العقد الاجتماعي” مع المواطن بأن توفر له ما يقابل هذه الضريبة من الجودة في البنى والخدمات وهو تحد كبير بل ضخم جدا لطالما كانت النقاشات الوطنية حوله بل هل هي إلا حوله؟!
ومن هنا وبسبب صعوبة هذا الجانب وحاجته إلى القضاء على الفسادين المالي والإداري وتمتين القيادات وإعادة هندسة الإجراءات وهي كلها إجراءات لا تحتاج إلى المال؛ فالاعتقاد أن الحكومة استعجلت وجازفت بتعريض نفسها للشكوك في إمكانية نجاحها بذلك والبدء في الضريبة قبل أن تحقق نجاحاتها في تلك المجالات المجانية أو أغلبها على الأقل، حتى ولو في مرحلة أولية، الأمر الذي أدى إلى أنه مع تقبل القرارات بروح وطنية لابد منها وهي سمة المواطن السعودي ولله الحمد إلا أنها صوحبت بشيء من القلق. ولو تريثت الحكومة قليلا حتى تحقق إنجازا واحدا يلمسه كل مواطن (السكن مثلا) ثم فرضت الضريبة لكان أجدى في تقديم المفهوم بثوب أقل قلقاً.

وذهب أ. جمال ملائكة إلى أن القرارات الحكومية مع شدة ألمها إلا أنها ضرورية جدا و “لا تتحمل التأجيل”. إن التحديات المالية وتلك المتعلقة بموضوع النفط لا تتحمل أي تسويف. هذا أولا، ثانيا لا زال من غير المفهوم الشكوى المستمرة والانتقاد الغريب مع أن الدولة أنشأت نظام حساب المواطن الذي خفف بشكل كبير من تأثير هذه الإجراءات الضرورية، ثالثا الاعتقاد أنه لابد من إحداث “صدمة” للمجتمع تجعله يفيق من الهدر والاسراف وأنه عليه إعادة هيكلة مصاريفه وبالتالي لا داعٍ لتأجيل القرارات.

ويرى م. حسام بحيري أنه ومع الاعتراف بأن لكل دولة ظروفها، فإن هناك خصوصية لاقتصاد المملكة كونه يعتمد على النفط كسلعه رئيسية، ومن الصعب جدا مقارنة إدارة اقتصادنا بدول أخرى لأسباب عديدة أولها عدم اعتمادها على سلعة رئيسية واحدة للتصدير وإدارة الاقتصاد من قبل أجهزة اقتصادية محترفة متمرسة تنتمي لعدد من المدارس الاقتصادية المعروفة. يوجد لديهم استقلالية تامة في إدارة الاقتصاد ومستوى الافصاح والشفافية والمصداقية لا يمكن مقارنته بما لدينا وحقيقة أن دخل الدولة الرئيسي يأتي من إيرادات الضرائب ووجود عدد كبير من المؤسسات غير الحكومية NGO’s تقوم بدور المراقبة بالإضافة إلى الاختلاف الشاسع في هيكلة أنظمة دولهم. على الرغم من التجارب الاقتصادية الناجحة الموجودة لديهم والتي يمكن الاستفادة منها ولكن لا نستطيع تطبيق تجاربهم بسبب أنه تنقصنا الكثير من العوامل التي تم ذكرها.

التوصيات المقترحة

أكد د. حميد المزروع على أنه يجب إعادة توجيه الإيرادات الضريبية وبنسبة لا تقل عن ٦٠٪‏ إلى ميزانيات البلديات وفق قرار وزاري وآلية صرف واضحة الأهداف لتنمية المناطق بشكل دائم.

ويرى أ. جمال ملائكة أن الأفضل توجيه الإيرادات للخزانة العامة، والدولة في الأساس توجه الصرف لكل المجالات بغض النظر عن “مصادر الدخل”.

واعتمادا على ما ورد بالمداخلات أكد م. حسام بحيري على ضرورة الشفافية، والمشاركة، والتخطيط، والتواصل الاجتماعي للتركيز على أهمية مشاركة المواطنين في تغطية نفقات الدولة.

وأوصى د. خالد الرديعان بما يلي:

1- دمج حساب المواطن مع بدل غلاء المعيشة في مبلغ موحد وصرفه للمستحقين؛ فقد يكون هناك فئة من الموظفين لا يستحقون بدل غلاء المعيشة، على أن يقدم البدل بصورة شرائح متعددة حسب المرتبة الوظيفية لتكون الفائدة لأصحاب المراتب الدنيا أكثر.

2- عرض عقود التسليح قبل إبرامها على مجلس الشورى لدراستها وإبداء الرأي فيها.

وفي تصور م. سالم المري فإن الإشكالية أن هناك أولويات يجب إتباعها قبل رفع سعر الخدمات ويمكن عن طريقها رفع الإيرادات مع تخفيف العبء على المواطن؛ فما تقدمه الجهات الخدمية للدولة من معلومات ليس بالضرورة دقيق! فنادرا جدا ما تركز هذه الجهات الخدمية على أوجه القصور في عملها وضرورة التصحيح قبل تحميل المستهلك كلفة إضافية، فمثلا؛

1- قفزت هيئة تنظيم الكهرباء ووزارة الطاقة ووزارة البيئة والمياه إلى رفع تعريفة الكهرباء والماء بينما هم يهدرون ما يقارب ٦٠٪‏ من الوقود في إنتاج الماء والكهرباء. والفاقد في شبكات المياه في بعض المدن الكبرى يقارب ٤٠٪‏ وكان بإمكانهم إجراء تصحيح صارم لهذا الوضع قبل تحميل المستهلك كلفة إضافية. فهناك طرق واضحة لرفع الكفاءة وإصلاح الشبكات لكن الوزراء لا يرون أنفسهم مسؤولين عن هذه المشاكل الناتجة عن سياسات سيئة تركز على أسهل الطرق ومصلحة المؤسسة والمسؤول وتهمل المصلحة الوطنية على المدى البعيد.

2- بالإمكان التركيز أولا على المؤسسات والشركات الحكومية وخفض كلفتها لصالح الخزينة العامة مثل خفض رواتب كبار المسؤولين والكلفة الإدارية مع التركيز على الفنيين والتقنيين وخفض أرباح بعض الشركات لصالح الخزينة العامة مثل شركة الاتصالات.

3- تبني الجهات الحكومية مباشرة البرامج المهمة فلو أخذنا وزارة العمل مثالا؛ فيجب أن تتولي وزارة العمل مباشرة مسؤولية تدريب وتوظيف العاطلين ومحاسبة الوزير على هذا الأساس. أما الاعتماد على برامج ورقية يكون المسؤول عنها دائما طرف ثالث مجهول فلن توصلنا لحل. وتتولى الوزارة الإشراف المباشر على سعودة قطاعات معينة. وهذا بالطبع يتطلب رفع مستوى المسؤولين في هذه الوزارة من الوكلاء ومدراء الإدارات بحيث يكونون من أصحاب الكفاءات والخبرات الطويلة في الأعمال وليس ممن يعينون فقط لأن الوزير يثق بهم أو يرتاح لهم!

المحور الثاني

الضرائب وتقنين الإنفاق الأسري

الورقة الرئيسة: د. حسين الحكمي

بحسب إحصائية نشرها موقع العربية نت في ديسمبر الماضي أظهرت أن ٢١.٧ من تكلفة المعيشة في السعودية تذهب للأغذية والمشروبات كأكثر ما يصرف من الدخل يليه في المرتبة الثانية بنسبة ٢٠.٥ مصروفات السكن والمياه والغاز والوقود ثم في المرتبة الثالثة النقل بنسبة١٠.٤السكن 1390

⁃ الأكل 1510

⁃ الملبس 1307

⁃ الكماليات 496

⁃ المواصلات 633

⁃ الخدمات الأساسية 1353

⁃ الترفيه 905

⁃ الرعاية الصحية 201

⁃ الحاجات المدرسية 248

⁃ حاجات الأطفال الرضع 883

ستواجه الأسر صدمة كبيرة وخللا في الميزانية في الأشهر القادمة؛ سيترتب عليه أنها ستضطر إلى أن تغير من سلوكها الاستهلاكي والترشيد في بعض الأمور كأن تنقل أطفالها من المدارس الأهلية إلى الحكومية (هذا سيترتب عليه ضغط على المدارس الحكومية)، من كان يستسهل الذهاب إلى المستشفيات الأهلية سيبدأ بالتوفير من خلال استخدام الخدمات الصحية الحكومية، ستفكر الأسرة بشكل مختلف في تنقلاتها وسفراتها بسبب تكاليف وقود السيارات التي وصلت إلى أكثر من الضعف، استهلاك الماء والكهرباء ستعمل الأسر على الاقتصاد فيه وخصوصا الكهرباء حيث أن الزيادة ستكون كبيرة وخصوصا في فصل الصيف. ستعمل الأسر على التفكير في بدائل أقل تكلفة للخدمات والمشتريات وكل ما تصرف عليه بحيث يتوائم مع قدرات الأسرة الاقتصادية.

التعقيب الأول: د. خالد الرديعان

أفرزت طفرة السبعينات الميلادية وما تلاها من سنوات رخاء سلوكيات سلبية بعضها يتعلق بأنماط إنفاق المال والتعامل معه وذلك في جميع دول الخليج العربية دون استثناء، بل حتى عند العرب الأقل ثراء ممن استفادوا من أموال الخليج.

هي في العموم سلوكيات مذمومة جعلت من الشعوب الخليجية مثار للسخرية خارج أوطانها بل ومادة إعلامية دسمة للصحف ووسائل الإعلام العالمية في الوقت الذي برز فيه الإسلام السياسي كمحرك للشعوب للانعتاق والتحرر من الاستبداد وللحاق بركب الحضارة.

لسوء الحظ فإن تلك السلوكيات الاقتصادية وإن كانت فردية في الغالب إضافة إلى فساد الأنظمة العربية شوهت صورة الإسلام من حيث نعلم أو لا نعلم ليبرز كثيرا من الصور النمطية التي اختلط فيها الإسلام الناصع مع التخلف والفساد والاستبداد وسوء تدبير المال واللهاث خلف الشهوات ليخرج لنا مسخ عالمي اسمه “شيخ النفط العربي” المكتنز والذي يرتدي نظارة سوداء ويركب سيارة فارهة وتحيط به الحسناوات. هذه الصورة الكرتونية الكريهة رسَختْ في المخيال الأوروبي والغربي ومن الصعب محوها بسهولة بعد أن كررها الإعلام الغربي. أزعم أن هذه الصورة هي عامل مهم في تشويه ليس العرب فحسب؛ ولكن الإسلام فيما بعد وهو ما نعاني منه اليوم وبكل مرارة. لا ننسى كذلك الثورة الإيرانية التي تمت باسم الإسلام وقضية الرهائن مما زاد الطين بلة.

الضرائب:

مع تناقص مداخيل بعض دول الخليج العربية التي تلاها القيام ببعض إجراءات التقشف كفرض الضرائب وزيادة أسعار بعض السلع والخدمات فإن الصورة الكرتونية القديمة لابد أن تختفي ليس لأن إعلامنا قوي بما فيه الكفاية للقيام بمهمة تصحيح الصورة، ولكن لأن الظرف الاقتصادي الراهن يفرض ذلك وبكل قوة فأيام الطفرة ولت ولن تعود.

إدخال الضرائب وإن كان عملاً متسرعاً – بتقديري – فإنه سيجعل الأغلبية تعيد النظر في أنماط إنفاقها وكيف ومتى تنفق؛ على أنه يصعب الحكم على سلوك الأفراد قبل مضي فترة كافية من الوقت؛ فنحن في طور تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية عميقة يصعب التنبؤ بنتائجها ونحن في خضمها. ما هو مؤكد أن العجلة دارت وأنه يصعب الرجوع للخلف وكل ما تم اتخاذه من قرارات سيمضي وحتماً سيخلق صعوبات للفئة ذات الدخل المنخفض من الموظفين المدنيين والعسكريين ومن يعيشون على إعانات الضمان الاجتماعي؛ كالمطلقات والأرامل وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. وستكون المعاناة أشد في المناطق الحضرية التي تضم جيوب الفقر في المدن الكبرى.

سيحدث طبقا لذلك خلخلة في سوق العمل؛ فجزء كبير من العمالة الوافدة ستغادر وسيكون هناك إحلال للجنسين في بعض المهن وخاصة بيع التجزئة والمهن البسيطة التي لا تحتاج إلى تدريب مكثف.

الضرائب وزيادة الأسعار وزيادة الوعي بأهمية المال “قد” تساهم هذه الأمور في تغيير بعض السلوكيات الاجتماعية بحيث تكرّس قيم العمل والإنجاز ورشدانية إنفاق المال عند الأفراد. قيم الرأسمالية وسلوكياتها ستسود على المستوى الفردي.

هذه إيجابيات متوقعة بناء على ما نعرفه من تأثير العامل الاقتصادي في السلوك البشري؛ لكننا وفي ذات الوقت قد نشهد تفشي ممارسات سلبية وانحرافات أخلاقية في سبيل الحصول على المال؛ كالسرقة والرشوة والفساد والاتجار بالممنوعات (المخدرات، السلاح، المواد الإباحية… الخ). هذه السلبيات تستوجب منا الحذر واليقظة والالتفات للطبقات المهمشة وعمل برامج دعم وخطط لها للحد من سلبيات المرحلة، ولعل القطاع الخاص يأخذ الريادة في هذا الجانب من خلال تطبيق مبادئ “المسؤولية الاجتماعية”.

أقول ذلك لأن الحكومة وبسبب زيادة أعباءها لن تكون قادرة على القيام بكل شيء. صحيح أنها ادخلت حساب المواطن وإعانة بدل الغلاء لكن ذلك قد يكون مؤقتاً؛ وبالتالي يفترض أن يتحمل القطاع الخاص جزء يسير من مسؤولية التنمية المستدامة؛ بحيث تكون الإعانات التي يقدمها بعيدة عن صيغ الاحسان charity وأن تكون ذات طبيعة تنموية لمساعدة الأفراد على مساعدة أنفسهم؛ بحيث يتعلمون صيد السمك بدلا من تقديمه لهم.

التعقيب الثاني: د. حميد الشايجي

في البداية أقول التغيير وليس التغيّر فهناك فرق بين المصطلحين، فالأول مقصود وموجه وسريع بينما الثاني طبيعي وسلس ويأخذ وقت. وتعد قضية التغييرات الاقتصادية وأثرها على الأسرة في المجتمع السعودي من القضايا الآنية الهامة، وقد ركزت الورقة الرئيسة على جانب من جوانب التغيير الاقتصادي ألا وهو ارتفاع الأسعار وفرض الضريبة على البضائع والخدمات.

وأود أن أؤكد أن ما تم الإشارة إليه صحيح في كثير من جوانبه، فالاقتصاد يعتبر عنصر أساسي من عناصر التغيير في الحياة الاجتماعية، وهذا ما أكد عليه أصحاب النظريتين الاشتراكية والرأسمالية، فماركس يرى أن الاقتصاد هو عصب الحياة وعصب التغيير والنهضة في المجتمع باستخدام المبدأ الاشتراكي، وفي المقابل دعا آدم سميث، عالم الاقتصاد الأسكتلندي، صاحب كتاب “بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها” (1776)، إلى تعزيز المبادرة الفردية، والمنافسة، وحرية التجارة، بوصفها الوسيلة الفضلى لتحقيق أكبر قدر من الثروة والسعادة.

وإذا ما نظرنا إلى مسألة ارتفاع مستوى المعيشة وزيادة أسعار بعض الخدمات كالكهرباء والماء والغاز والبنزين بالإضافة لبعض البضائع وفرض الضرائب كالضريبة الانتقائية على بعض المنتجات وضريبة القيمة المضافة، كل هذا حتماً سيكون له انعكاس على كاهل الأسرة السعودية، وحاولت الحكومة أن تخفف وطأة ذلك بصرف بعض الإعانات الجزئية عن طريق حساب المواطن والدعم الجزئي لبعض الخدمات المنتقاة وإعفاء خدمات أخرى من الضريبة كالصحة والتعليم. والكثير أشاروا إلى أن هذا الواقع سيوجه الأسرة السعودية لانتهاج سلوك ترشيد الإنفاق والاستهلاك الأسري. وفي هذا التعقيب سيتم تناول هذا الأمر من جانبين، مع موافقتنا على أهمية الإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها.

الجانب الأول، وقد يختلف عن وجهة نظر د. حسين، أن هذه الإجراءات لن تغير كثيرا من نمط حياة الأسرة السعودية في القريب المنظور، فكل ما يحدث الآن هو مجرد ردة فعل آنية على هذه القرارات، تأخذ فتره زمنية قصيرة حتى يتم هضمها ثم ستعود الحياة لوضعها الطبيعي، مثل إبرة التطعيم أول ما نأخذها نتعب قليلا وترتفع الحرارة ثم سرعان ما يتعود الجسم ويرجع لحالته الطبيعية، ولكن تتكون عنده مناعة فيتحمل الصدمات الجديدة القادمة. فما يحدث الآن وما يقال وما يكتب مجرد ردود أفعال آنية سرعان ما تتلاشى ويتعود الناس على الوضع، ثم يعودون لحياتهم الطبيعية، بصرفهم وممارساتهم المعتادة. ودعونا نركز هنا على مفردة المعتادة، فالعادات والتقاليد والعيب تلعب دور كبير في المجتمع القبلي التقليدي، عادات يجب عليك مجاراتها وإلا أصبحتَ منبوذا، مثال ذلك موظف بسيط براتب بسيط يعمل في الرياض يستدين من أجل أن يشتري ذبيحه لإكرام ضيوفه الذين أتوا من القرية لمراجعة المستشفى، وعند سؤاله لماذا لم يقتصد ويضيّفهم دجاج؟ قال (تبيهم يفضحوني عند الجماعة!!) ولنتساءل كم مراجع من الجماعة يأتي للرياض وكيف سيكون وضع صاحبنا؟؟!!

كما أن المباهاة والمجاراة والتقليد تلعب دوراً كبيراً في مجتمعنا بشكل عام وخصوصا بما ترسخه وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهيرها من نمط استهلاكي فظيع. كل ذلك سيقف سداً منيعاً في وجه الترشيد الأسري.

إذن الترشيد والاستهلاك يُعدّ كل منهما نمط حياة يتعود عليه الناس ويتشربونه من وسائل التنشئة الاجتماعية المحيطة بهم منذ الصغر، وفاقد الشيء لا يعطيه. فالترشيد نمط وأسلوب حياة يتشربه الفرد ويمارسه من زمن ومن قبل فرض الضريبة ورفع الأسعار، وهذا حال بعض فئات المجتمع غير المقتدرة وكذلك بعض المجموعات والفئات العرقية في المجتمع، كما أن الاستهلاك هو نمط وأسلوب حياة تشربه البعض ويمارسه وسيستمر يمارسه حتى بعد فرض الضريبة وارتفاع الأسعار. فكثير من الشعوب لازالت تستهلك وتنفق على الكماليات، فالمجتمع الأمريكي على سبيل المثال أكبر مجتمع استهلاكي وأكبر مجتمع يرمي نفايات، على الرغم من وجود الضرائب وارتفاع الأسعار. إن الشخص الذي يقتصد في طعامه وصرفه، لا يفعل ذلك لأنه لا يملك مالاً، بل لأنه نشأ على عدم الإسراف حتى وإن توفرت لديه المادة. بينما الشخص الذي تعود على الإسراف والتبذير سيستمر في ذلك كلما حانت له الفرصة، كالأمريكي الفقير المدمن الذي يشحذ من أجل أن يشتري جرعة مخدر أو قارورة مُسكر. فالسلوك الإنساني يحتاج إلى أجيال متعاقبة ليتغير ويثبت وليس فعلا آنيًّا.

أما الجانب الثاني والأخطر أنه وفي ظل استمرار النمط الاستهلاكي لدى بعض الأسر، والذي سيستمر معها لفترة طويلة من الزمن إلى أن يتغير، وفي ظل عدم ارتفاع الرواتب بنسبة متوافقة ومتلازمة مع ارتفاع الأسعار والضريبة، ستكون هناك عواقب ومشاكل وإفرازات اجتماعية سلبية. لذلك فإن بعض الدول تحاول أن تعالج ذلك برفع الرواتب والأجور كما حصل في إمارة الشارقة مؤخرا على سبيل المثال حيث تم تحديد الحد الأدنى لراتب الموظف بحكومة الشارقة ليصبح 17500 درهم بعد أن كان 12000 درهم وذلك لمن هم دون الثانوية العامة أما الثانوية العامة فيحصل على 18500 عند بداية التعيين والخريج الجامعي يحصل على 25000 عند بداية التعيين وتمت زيادة كافة الدرجات بالكادر بنسب مختلفةإعلام رسمي: من الممكن أن يقوم بالدور التوعوي لكنه غير متابع.

إعلام تجاري: وهو ما تم الإشارة إليه أعلاه وليست هذه بضاعته.
الخطأ الأكبر أنه لم يسبق فرض الضريبة أي نوع من التوعية بمعناها ودلالاتها والهدف منها لذلك كانت ردة الفعل تجاهها بهذه الصورة التي شاهدناها خاصة وأن التوقيت لم يكن مناسباً لأسباب تم الإشارة إليها سلفاً.

المشكلة الأكبر في تعاطي الإعلام معها أنه انقسم إلى فريقين:

إعلام رسمي يثني ويؤيد ويبرر بأسلوب تقليدي مستهلك.
وإعلام غير تقليدي (التواصل الاجتماعي) مثل تويتر وغيره وهو الأكثر تأثيراً؛ وهذا تعامل معها بصورة سلبية تمثلت في النقد وتشكيل رأي عام مناهض لها.. ساعده في ذلك معرفات أجنبية استثمرت الفرصة للإساءة وإثارة الرأي العام.
هذا التباين في المواقف أدى إلى عدم تقبل ضريبة القيمة المضافة من قبل العموم عن قناعة بقدر ما تقبلوها كأمر واقع!

أيضا وباعتقاد أ. جمال ملائكة فإن هناك تقصير ما في موضوع التوعية ولكن لنكن واقعيين، فصاحب القرار يعلم تماما أنه ستكون هناك ردة فعل سلبية سواء أكانت هناك حملة توعية أم لا، فلا ننسي أن من تعود على الرفاه والصرف الغير معقول بالمقارنة مع أقرانه عالميا فلن يقبل وسيشتكي الخ، وبالتالي صاحب القرار يحسم الأمر ويتحمل “الكلام” لأنه سينتهي عاجلا أم اجلا وما تم إقراره من دعم لمدة سنة ضربة معلم أسكتت المتكلمين لقاء ٥٠ بليون ريال ستنعش الاقتصاد بالتوازي.

التوصيات المقترحة

أشار أ. جمال ملائكة إلى أنه ولفرض أي نوع من الضرائب وخاصة وبالتحديد ضرائب الدخل لابد من الأخذ في الاعتبار الأمور التالية:

1- أن تقوم الدولة بدورها كاملا في ضرب الفساد بلا هوادة وفي كل الأوقات.

2- أن تقوم الدولة بخلق القوانين والظروف والبيئة والإجراءات والتحفيز ليقوم القطاع الخاص بدوره في الاستثمار والتوظيف والتوسع. وإذا لم يحدث ذلك فسوف نتعرض الي مخاطر كبيرة في المستقبل.

3- ضمان الشفافية الكاملة في كل ما تقوم به الدولة حيث أن المواطن أصبح “مشاركا” في تمويل الميزانية ومن حق المواطن أو ممثليه مراقبة الميزانية وحق المسائلة.

4- أن تكون الجهات المقدمة للخدمات مثل الماء والكهرباء والبلديات والوقود الخ تكون هذه الجهات على مستويً عالٍ من النزاهة والكفاءة وأن تكون تكاليف تقديم هذه الخدمات معقولة وخالية “تماما” من الفساد والهدر وسوء الإدارة لضمان أن سعر هذه الخدمات حقيقيا ولا يتحمل المواطن ثمن غياب هذه المتطلبات الطبيعية.

5- أن تبدأ الدولة جديا في التفكير بخلخلة الإدارة المركزية للوزارات وخلق نظام مشابه للنظام الذي تتبعه دول مثل الولايات المتحدة في أن تقوم كل منطقة بإدارة شؤونها بشبه استقلالية وأن يكون لها مجلس محلي له صلاحيات واسعة لإدارة الشأن المحلي بما يتوائم مع البيئة المحلية ومميزاتها الخ.

ولا شك أن استمرارية شرح ضرورة الإجراءات التي تتخذها الدولة والقيام بالدور الإعلامي النشط والمستمر والمقنع هو ضروري لضمان قبول المواطنين لهذه الإجراءات بل وللمشاركة في البناء والتنمية حيث أن هذا المواطن أصبح شريكا مباشرا للدولة نظير ما يدفعه من ضرائب.

وبتقدير د. خالد الرديعان فإن الاستفادة العظمى من تطبيق الضرائب ستكون بخلق وعي عام بأهمية الشفافية ومحاسبة المقصرين لمنع الهدر مع تطبيق العدالة في توزيع الخدمات. كما أن هذا سيلقي على الحكومة عبء كبير في مسألة إدخال إصلاحات سياسية جذرية، وإصلاحات أخرى تتعلق بحرية التعبير في وسائل الإعلام، ومحاسبة المقصرين من الوزراء وأمراء المناطق وسائر المسؤولين في جهاز الدولة.

وذهب أ.د. صدقة فاضل إلى أنه إذا اعتبرنا أن فرض الرسوم جزء من عملية إصلاحية فلا بد أن يتلازم مع فرض الرسوم إصلاح شامل وفى كل المجالات.

ويرى أ. محمد الدندني أنه وكما أن تطبيق الضرائب بدا حازما من المهم أن تكون مراقبة الآثار حازمة ودقيقة لتقليل أَي سلبيات قد تنتج حيث توجد الآلية للمراجعة والتعديل حسب الحاجة. وفي السياق ذاته فإن من المعروف أن القرارات الكبيرة والشاملة لها تأثيرات سلبية ولو مؤقتة وهذا طبيعي، والاعتقاد أن صاحب القرار يدرك هذا، وليس من الصعب المراقبة ومعالجة بعض الأمور، أولا لما حبانا الله من خير والحمد لله وثانيا وجود الرحمة في مجتمعنا وقيادتنا وهذه نعمة ولله الحمد. كيف نرصد هذه الأمر؟ لا بد من الشفافية وتفعيل دور المجتمع في ملاحظة أية آثار سلبية. كيف نفعل دور المجتمع؟

المسجد، المدرسة، تجمعان يعرف الناس أحوال بعض من خلالهما، على مدير المدرسة وأخصائي الشؤون الاجتماعية مراقبة أحوال الطلبة، فحال أي طالب يعكس مستوى أسرته. المسجد وخاصة مساجد الأحياء الصغيرة لها دور عن طريق إمام المسجد أو من يعتد به من أحد السكان الواعين لرصد أي حالة تستدعي التعرف عليها ورفعها عبر قنوات رسمية لوجهة واحدة، وهنا يتعين على وزارة الشؤون الاجتماعية وفروعها في كل المناطق أن تراقب وتدقق في هذه الأمر. ومن ثم الرفع لولي الأمر.

أما عن الآلية الرسمية، فلغة الأرقام لغة دقيقة وفعالة. تكلفة المعيشة معروفة وكم يحتاج الفرد والأسرة من مصروف شهري معروف ويمكن عمل index لمعدل متوسط يجب أن لا يكون الدخل أدنى منه. من يقوم به أيضا وزارة الشؤون الاجتماعية وتستقي المعلومة من وزارة المالية وهيئة الإحصاء. مع هذا يتم وضع آلية للمواطن المحتاج أن يوصل وضعه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ومن ثم التواصل معه والتأكد من حقيقة وضعه.

هاتان الآليتان سترصد ليس فقط أي آثار سلبية كنتيجة لرفع الأسعار والضريبة المُضافة، ولكن أيضا ستتعرف على الوضع الحقيقي لمن هم بحاجة قبل صدور القرارات من رفع الأسعار والضريبة.

وقد يقول البعض أن صندوق المواطن وقرار دعم المحتاجين يشير إلى أن هناك معرفة بوجود آثار سلبية ولكن ما تم الإشارة إليه سيكون الرقيب على هذا الصندوق وكذلك الحصول على المعلومة الأدق للتصحيح والمراجعة.

وفي السياق ذاته فإنه ولينجح اَي قانون أو نظام يجب أن يكون كل الشركاء مقتنعين ويعرفون أن هناك نتائج طيبة ستحصل حتى مع الألم لبعض القرارات. لذا فأحد أهم شروط النجاح أن تكون الغالبية مقتنعة ومؤمنة بالتغيرات.

ومن وجهة نظر م. حسام بحيري فإن الشفافية المالية والمشاركة الوطنية والإدارة المالية المحترفة والمحاسبة مطلوبة لنجاح أي نظام ضريبي في أي مجتمع. ويبدو أنه ليس هناك إدراك أو المام تاريخي لدي مسؤولينا المتحفزين لفرض أنظمة الضرائب للأبعاد السياسية الخطيرة التي ممكن أن تحصل عند فرض قوانين الضرائب بدون استيفاء الآليات المساندة لها والتي تم ذكرها.

ويرى د. حميد الشايجي أنه قد تزداد بعض السلوكيات المنحرفة مع فرض الضرائب، ومن ثم يجب أن نستعد ونتهيأ لها في أجهزة المتابعة وفي المحاكم والسجون وبرامج الرعاية اللاحقة، خصوصا في البدايات إلى أن يعي الناس خطورة التهرب من الضرائب ويستوعبون أنهم بدفعهم للضرائب يساهمون في نهضة بلادهم، وهذا الوعي لا يتأتى إلا إن كانوا مشاركين في قرار جمعها وقنوات صرفها.

وباعتقاد د. محمد الملحم فإن المسألة الاجتماعية التربوية socio-educational لا يمكن تحقيقها بمجرد الأوامر العليا وفرض الأنظمة الجديدة بل هي عملية دوغماتية تحتاج إلى الكثير من الإعداد وتعدد قنوات التأثير والتغيير لتؤتي ثمرتها.

وأكد أ. عبدالله الضويحي على أهمية دور الجهات الرسمية بوضع برامج توعوية غير تقليدية توضح الهدف من الضريبة وأهدافها وأبعادها وتستثمر الإعلام بقنواته المختلفة التقليدية والحديثة وغير ذلك.

المحور الثالث

مؤشرات الأداء الوظيفي والمؤسسي.. ما بين التأثير والتأثر

الورقة الرئيسة: د. عبد الرحمن الشقير

ارتبطت مؤشرات قياس الأداء الوظيفي بالعصر الصناعي الرأسمالي، من خلال ربطها براتب الموظف وترقيته وإمكانية حصوله على مناصب.

وقد نفَّذت اليونسكو برنامجاً مهماً في مجال إحصاءات العلوم المعاصرة استطاعت من خلاله اعتماد توصية المؤتمر العام لليونسكو عام 1398هـ/ 1978م، تتعلق بالتوحيد الدولي لإحصاءات العلوم والتكنولوجيا، وصدر في كتاب “دليل إحصاءات العلم والتكنولوجيا” بهدف تسهيل تصميم مؤشرات الأداء الوظيفي للعلوم والمهن.

وسوف أشير بإلماحة عن مؤشرات الأداء الوظيفي الحكومي، والمؤسسي، والمؤشرات الجديدة المزمع تنفيذها قريباً.

في حين لا يوجد سجل تاريخي لتقييم أداء الموظف السعودي، وذلك لانتقال المجتمع من العصر الزراعي أو الرعوي إلى عصر الاستهلاك دون المرور بعصر التصنيع، أو بناء خبرات حكومية ذاتية كافية.

لذلك سوف أشير في هذه الورقة إلى مؤشرات الأداء الوظيفي الحكومي والمؤسسي، وتقييم تأثيرها وتأثرها بحسب ما اطلعت عليه ولاحظته، أو عايشت جزء منه.

نفذت وزارة الخدمة المدنية دليل إحصاء الوظائف والمهن متأثرة فيما يبدو بدليل اليونسكو، ومن المعروف أن نظام الخدمة المدنية كان من تأسيس خبراء الإدارة العامة المصريين، وهدف الدليل هو وضع مؤشرات تقييم موظفي الدولة. ويتضمن: المسمى الوظيفي، وتوصيفه، وتصنيف مراتب شاغليه، وما يتوقع منهم إنجازه، بحيث يؤخذ التقييم في الاعتبار عند ترقية الموظف.

وقد صاحب هذا الدليل نماذج تقييم من مئة درجة تعبأ سنوياً من قبل مدراء الإدارات لموظفيهم، واستثنى النظام تقييم كل من: القضاة، والأكاديميين، وبعض المهن العليا التي تخضع طبيعة عملها لتقييم داخلي من قبل مؤسساتها.

في حين تأثرت مؤشرات التقييم الوظيفي لدى القطاع الخاص (مؤسسات وشركات وبنوك)، وبعض الهيئات الحكومية، بالنظام الصناعي الرأسمالي المبني على سقف إنتاجية لكل موظف (تارقت)، وتراجع بصفة دورية لضمان الارتفاع المستمر لإنتاجية الموظف.

وقد اطلعت على شكلين من أشكال تقييم الموظف معمول بها في عدد من الشركات الأمريكية، هما: التقييم ربع السنوي، بحيث يحدد ميزات وعيوب كل موظف، ويشكر على الميزات ويحذر من العيوب، وإذا تطور وحقق النسبة أو المعدل (التارقت) المطلوب منه، فإنه يزيد دخله ويرتفع منصبه، وإذا لم يتطور خلال أربعة إنذارات يفصل، وهذا الشكل هو المعمول به بالمملكة باختلاف التفاصيل لكل شركة.

والشكل الثاني هو: ربط التقييم بالراتب والمهام، حيث تضع الشركة ثلاثين مؤشراً مثلاً، ولكل مؤشر مبلغ يناسبه، ثم يعرض على الموظف مهما كانت شهادته أو مرتبته، وكل مؤشر يرى أنه سيلتزم به كعدد ساعات الدوام، والإشراف الميداني، والمعمل، يكون راتبه محدد سلفاً، وفائدة هذا التقييم أنه لا يخضع للتأثر بالشهادة والخبرة، إذ يتيح للموظف الجامعي الجديد أن يستلم ثلاثين ألف دولار، بينما يستلم الدكتور الخبير عشرة آلاف دولار.

وقد تطورت أساليب قياس مؤشرات أداء الموظف وتكاملت الدراسات حولها، ويوجد شركات متخصصة في تصميم اختبارات الأداء، بحيث تمكن المؤسسات من تحديد منصب الموظف وراتبه العادل، بناء على مؤشرات الشهادة، والخبرة، والقدرات الإبداعية، وتقدم خدماتها للشركات والمؤسسات الحكومية التي تعمل على أسس مهنية عالية.

تأثير مؤشرات الأداء الوظيفي والمؤسسي:

يلاحظ أن مؤشرات الأداء الحكومي المعمول بها الآن أنها انطباعية وتركز على أناقة الموظف والتزامه بالدوام وعلاقاته الاجتماعية بالعمل، ورأي رئيسه فيه، لذلك لا تؤثر في تطوير العمل، ولا تطوير الموظف، ويحصل أكثر الموظفين على تقدير ممتاز حتى لا يحرم من الترقية، وهو يهمل جوانب الإبداع والمهارات الفردية، وهذا ما أفقدها واقعيتها، وألحق الضرر بمن يعمل بنشاط.

وقد نلتمس بعض العذر لمؤشرات التقييم التقليدية، لأن الموظف الحكومي يعمل طول خبرته الوظيفية بضمانة الدولة، ولا يمكن فصله، لذلك لا يجد الموظف الحكومي التقليدي أنه مهدد أو أن أمامه تحديات.

في حين نجد أن مؤشرات أداء موظف القطاع الخاص أكثر فعالية وتركيزاً في العمل، وفهم أساليبه وأسراره، وبناء خبرات ذاتية كبيرة للمؤسسة وللموظف.

آفاق جديدة:

تعتزم وزارة الخدمة المدنية إجراء تغييرات جذرية في أنظمتها، بما فيها مؤشرات الأداء الوظيفي، وأصدرت “الدليل الإرشادي للائحة إدارة الأداء الوظيفي” ضمن برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية، وهو يعتمد على ميثاق الأداء الوظيفي، من خلال تقييم الموظف من قبل رئيسه بصفة دورية مستمرة، وليس في آخر السنة، ووضع مؤشرات قابلة للقياس وملموسة، وليست انطباعية، وتتفاوت نسبة العلاوة السنوية وفقاً لدرجة تقييم الموظف الفعلية.

ولكن لن يعمل بهذا التقييم إلا بعد أن تتحول إدارات شؤون الموظفين بالوزارات إلى إدارات موارد بشرية.

التعقيب الأول: أ. د. راشد العبد الكريم

لا شك أن الجميع – تقريبا – يتفق على عقم نظام التقويم التقليدي – أو على الأقل ضعفه -، ويرى أنه ساعد في إيجاد “ثقافة” كسل وتهاون ورتابة في العمل الإداري، وأعاق التطوير الحقيقي للأداء، بما يحوي من عمومية وانطباعية وغموض في بعض الأحيان. وأقول “ساعد في إنتاج”، إلا إنه – بالتأكيد – ليس العامل الوحيد في ذلك.

بينما كانت فعالية نظام التقويم في القطاع الخاص تعتمد على وجود (مؤشرات أداء) مرتبطة بمعايير إنجاز أو أهداف (أو مجالات)، يمكن قياسها، وإعطاء شواهد أداء واضحة لها، بحيث تربطها بالأداء الواقعي وليس بالسمات الشخصية والانطباعات.

وأريد أن أشير في هذا السياق إلى نقطتين:

1- أن لا يكون التقويم غاية في نفسه، أو وسيلة إلى شيء ليس مقصودا أصلا له، مثل الحصول على العلاوة. فالعلاوة ليست هي المقصود الرئيس (على الأقل بالنسبة لصاحب العمل)، بل المقصود تجويد العمل وإنجازه بفعالية، أي تحقيق أهدافه، والذي بناء عليه تأتي العلاوة.

2- أن يتم التقويم – أو اعتماد التقويم – في ثقافة تقويمية، بحيث نضمن:

‌أ. وعي الموظفين – بما فيهم الرؤساء – بنظام التقويم الجديد (وأخذهم الوقت الكافي لذلك).

‌ب. مناسبة المؤشرات لنوعية العمل، وتوافقها مع المتطلبات المتوفرة لأداء العمل.

‌ج. وجود هذا النظام في نظام عمل أعمّ، يتناغم معه وينسجم مع أهدافه، ويكون شفافا ويضمن حقوق الموظف وعدالة الفرص أمامه.

كما أنه من الضروري أن لا يكون هذا النظام الجديد عبئا جديدا على الموظف والرئيس:

1- على الموظف، بأن يجعله يركز على الشكليات (والوسائل) على حساب الجوهر والغايات.

2- على الرئيس، بأن يدخله في دوامة وضع الأهداف للموظفين – وأحيانا اختراعها! – ومؤشرات الأداء لها، وهو ما يحتاج إلى وحدات خاصة بذلك.

فنحن بحاجة إلى آليات تطبيق لأنظمة (وليس بالضرورة نظام) التقويم تكون شمولية الرؤية، وتراعي نظريات الدافعية والإنجاز وفعالية الأداء، بحيث تكون هذه الأنظمة قيمة مضافة لنظام العمل، وعامل محفز للأداء.

ولذلك فأنا مع ما ورد في ختام الورقة الرئيسة، من أننا بحاجة ماسة إلى تحويل إدارة شؤون الموظفين إلى إدارة موارد بشرية، وإيجاد وحدة لتطوير الموارد البشرية في كل إدارة أو قسم لكي لا يكون التقويم عبء على كاهل الرئيس، فيتحول إلى “إجراءات ورقية”، تسند إلى “مجرد” موظفين.

نقطة أخيرة، وهي: هل للعامل الإنساني من اعتبار في أنظمة التقويم؟ ففلسفة التقويم – كما أشار د. عبد الرحمن – متأثرة بالعصر الصناعي الرأسمالي، وبـ “الإدارة العلمية” وما صاحبها من “مكننة” الإنسان، فأخشى أنه مع الثورة أيضا في الرقمنة في مجال التقويم أن ينسحق ما تبقى من الإنسان في “الإدارة الرقمية”. فالرقم مهم، لكنه ليس كل شيء.

التعقيب الثاني: د. خالد بن دهيش

في تعقيبي سيكون تركيزي على مستقبل قياس الأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية الذي يمثل إحدى مبادرات برنامج التحول الوطني في ظل رؤية المملكة ٢٠٣٠.

والذي أرى أنه يمثل التحول الكبير والمهم في قياس الأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية والذي يرتكز على أهداف خططها الاستراتيجية.

ففي ظل رؤية المملكة 2030 التي تتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقاً من خلال الاستفادة من ثرواتنا البشرية والطبيعية والمكتسبة التي أنعم الله بها علينا.

ولتحقيق أفضل أداء لقياس الخطط الاستراتيجية وأهدافها التنموية التي تقوم عليها الرؤية لابد من الاعتماد على مبدأ الشفافية والمحاسبة الفورية، وهذا يستلزم إيجاد مركز يقيس أداء الأجهزة الحكومية لتسهيل عملية المسائلة على الأداء من خلال تطبيق مبدأ الشفافية والمصارحة في حالتي التقصير والنجاح بهدف الرقي بالأداء الحكومي الفعّال لخدمة الوطن والمواطنين، وفِي نفس الوقت ضمان الاستفادة الكاملة من مقدرات وخيرات الوطن.

ولقد تضمن برنامج التحول الوطني 2020 خطط استراتيجية ذات أهداف استراتيجية ومؤشرات أداء ل 24 جهاز حكومي.

ولكون الإنسان هو هدف التنمية وهو يمثل رأس المال البشري، فلابد من رفع كفاءته وتزويده بالمعارف والمهارات اللازمة لتحقيق هدف مواءمة قدراته وتأهيله مع احتياجات سوق العمل المستقبلي للارتقاء بمستوى أداء وإنتاجية ومرونة الأجهزة الحكومية، وتحسين ثقافة العمل الحكومي، وتطوير معايير ومقاييس ومؤشرات للجودة والأداء والاعتماد، وإيجاد بيئة عمل أمنة وجاذبة.

ولتحقيق كل ذلك أنشئ في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية مركزاً لقياس أداء الأجهزة الحكومية ومركزاً للإنجاز والتدخل السريع ومكتباً للإدارة الاستراتيجية ومركزاً للمشاريع ليساهموا في متابعة الأداء وقياس مدى تحقيق الأجهزة الحكومية لأهدافها بخططها الاستراتيجية. ومن أدوات قياس أداء الأجهزة الحكومية استخدام بطاقة الأداء المتوازن Balanced Scorecard التي تقدم مؤشرات لقياس الأداء KPI’s التي تترجم الرؤية والأهداف الاستراتيجية لكل جهاز حكومي إلى مجموعة من الأهداف المحددة وتقدم مقاييس ومعايير مستهدفة ومبادرات للتحسين المستمر تساعد الأجهزة الحكومية والرقابية في تحديد وقياس مدى تقدمها تجاه أهدافها ليمكن مساءلتها ومحاسبتها أو مساعدتها للتغلب على معوّقاتها من خلال مركز الإنجاز والتدخل السريع بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، فلكل هدف تسعى الجهة الحكومية لتحقيقه قيمة مستهدفة تقيس هذا الأداء في فترة زمنية محددة، والقيمة المستهدفة هي قيمة مرجعية تقيس الأداء المتحقق، تم التوصل إليها من تجارب ناجحة لدول أخرى نجحت في تحقيقها. وبذلك تتم المساءلة عن التقصير بتطبيق مبدأ الشفافية، وتعزيز الكفاءة التشغيلية وتشجيع ثقافة الأداء.

إن من أهم الأهداف التي ترقى بمؤشرات قياس أداء الأجهزة الحكومية: تقليص الإجراءات البيروقراطية الطّويلة، والتوسع في استخدام الخدمات الإلكترونية، وتحسين بيئة العمل وتوظيف أفضل الكفاءات، ووضع مؤشرات تقيس مستوى مخرجات التعليم المتوائمة لاحتياجات سوق العمل، وتعزيز فرص التأهيل والتدريب المستمر، وتطوير برنامج المؤهلات الوطنية لكل مسار تعليمي أو تأهيلي أو تدريبي.

ولقد بادرت وزارة الخدمة المدنية بالتعاون مع معهد الإدارة العامة على تطوير آليات جديدة للعمل في الأجهزة الحكومية بمنظومة جديدة غير تقليدية، إذ يجري العمل على مشروعين لقياس إنتاجية الموظف وتأهيل المرشحين للقيادات الإدارية في الأجهزة الحكومية، إذ ستعمل وزارة الخدمة المدنية على إنشاء مركز قياس لتأهيل الراغبين في الترشيح للقيادات الإدارية ويعمل معهد الإدارة العامة على مشروع خاص بإنتاجية موظفي الدولة. وهذا بالطبع إلى جانب تبني وزارة الخدمة المدنية برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية الذي يهدف لتدريب 500 ألف موظف حكومي خلال خمس سنوات. لتأهيلهم لتطبيق مبادئ إدارة الموارد البشرية في الأجهزة الحكومية التي تركز على تنظيم الأفراد وتطوير أدائهم وتوفير بيئة العمل لتشجيعهم والاستفادة من تأهيلهم، ولتطبيق مبدأ الجدارة، وتأسيس قاعدة لبرنامج بناء قادة المستقبل من المواهب والكفاءات البشرية في كل جهاز حكومي، وللتمكين من إيجاد بيئة تتساوى فيها الفرص ويكافأ فيها المتميزون بما يتفق مع أهداف وطموحات برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030.

التعقيب الثالث: د. عبير برهمين

اتفق مع د. عبدالرحمن الشقير في أن مؤشرات الأداء الوظيفي والمؤسسي والمعمول بها الآن هو من تأسيس خبراء الإدارة العامة المصريين منذ السبعينات الميلادية أي ما يقارب الخمسين عاما وأكثر. وهو نظام قد يكون مناسب في حينه. إلا أنه من غير المعقول ولا المقبول أن يتم العمل به دون محاولة تحديثه أو تطويره منذ تاريخه وحتى الآن. مع تواجد العديد من الخبراء والمختصين في الإدارة العامة من السعوديين ممن يحملون شهادات من مصادر غربية. وهذا مثير للتساؤل والاستغراب؛ إذ أن عدم التطوير يعني إما انعدام الثقة في الشهادات التي يحملها أبناء الوطن في التخصص وتلك مصيبة كبرى. والأدهى والأمر أن تكون هذه القدرات المتوفرة حصلت على شهاداتها عن جدارة واستحقاق ولكن تم تهميشها وعدم الاستفادة منها في دفع عجلة التنمية والتطوير لسبب أو آخر. في كل الأحوال فإن خبراء الإدارة العامة المصريين الذين وضعوا هذا النظام في السعودية قد قاموا بتغييرات عدة على النظام المعمول به في بلدانهم. وليست المسألة في كون التغييرات للأفضل أو الأسوأ فهذا شأنهم. إلا أن الشأن الذي يعنينا هو لماذا لم يتم إحداث أي تغيير في بلدنا.

نظام التقييم الوظيفي لوظائف الخدمة المدنية اعتمدت على القشور دون اللب وعمدت إلى تسطيح الأداء، وقتل مفهوم التفاني والإنجاز والتنافس المحمود في جودة الأداء بتبنيها مبدأ “مقاس واحد يناسب الجميع”. فكان الترهل الوظيفي والتسيب هو أهم ثمار هذا التقييم وما زلنا نتجرع مرارته إلى الآن.

وفي رأي الشخصي عدم محاولة التغيير في أساليب التقييم الوظيفي هو أحد الأسباب غير المباشرة للبطالة. فالشباب من الخريجين الجدد – باستثناءات قليلة – يرتضي بالجلوس عاطلا في منزله بحثا عن وظيفة حكومية لأن النظام يكفل له أقل مستوى أداء، وعدم تعرضه للمساءلة أو الفصل، ويضمن له مرتب معقول آخر الشهر. وهو يفسر كثيرا أيضا عزوف العديد عن الالتحاق بالقطاع الخاص والذي نجح في الارتقاء بمستوى الأداء بطرق التقييم الربع سنوية أو إتباع أسلوب التارجت أو البونس.

يجري حاليا تطبيق تقييم الأداء الوظيفي عن طريق الاعتماد على المواثيق الوظيفية وهي تعني بتقييم مستمر للأداء. هذا التغيير جميل جدا إذا تم تطبيقه بشكل مناسب وصحيح إلا أن مشكلتنا في القطاعات الحكومية عادة ما تكمن في آلية التنفيذ على أرض الواقع. كأكاديمية قد يستغرب البعض إنني أرحب كثيرا بوجود تقييم أداء وظيفي للأساتذة الجامعيين كوني أحدهم بل إنني اتهمت من قبل بعض الزميلات والزملاء بأنني أتصنع البطولة في غير محلها ولسوف أعض أصابع الندم فيما لو طبق ذلك. لست بمتصنعة للبطولة إلا أنني من واقع التجربة غير راضية عن كثير مما ينجم من ممارسات خاطئة من الفئة المستثناة من التقييم ولست أعمم، إلا أن عدد كبير جدا وللأسف لا يستحق لقب أستاذ جامعي قياسا على ممارساته وأخطائه العملية وأدائه لمتطلبات وظيفته التي هي من أكبر المسؤوليات على الإطلاق. والطامة الكبرى في فئة القضاة وهذا يفسر تفاوت الإجراءات والأحكام القضائية الكارثية في البت في بعض القضايا، وما يتعلق بتطبيق وتقدير العقوبات فيما ليس له مستند أو مرجع ديني أو قضائي.

خلاصة القول نحن على أعتاب مرحلة جديدة فيها تسارع لوتيرة الأحداث والتغيير لمستقبل أفضل، ونأمل أن يشمل ذلك تقييمات الأداء الوظيفي والمؤسسي؛ لأن من شأنها التأثير على مستوى تقدم أو تقهقر العمل في أنظمة ومؤسسات الدولة المختلفة مما يؤثر سلبا أو إيجابا على جميع أطياف المجتمع.

المداخلات حول القضية

باعتقاد أ. محمد الدندني فإننا لا نستطيع الغوص في مسألة تقييم الأداء الوظيفي والمؤسسي دون أن نجيب على الأسئلة التالية:

1- هل نحتاج هذا الكم الهائل من الموظفين وهذه المباني الفخمة والكبيرة المكلفة لعملية ليست ربحية؟ هي إدارات لخدمة مجتمع من القضاء إلى عامل البلدية، وربما اعتبرت جزء من البنية التحتية لخدمة مؤسسات مفترض أن تكون منتجة وربحية ومن ثم مجتمع منتج، واخيراً دولة تعتمد على هذا الإنتاج في ميزانيتها وفِي توزيع الثروة ولا يقل أهمية تقديم خدمة راقية ومفيدة للمجتمع.

2- قبل الحديث عن تقييم الأداء، هل أعددنا الموظفين إعدادا جيدا قبل أن نقوم بتقييمه؟

3- هل هناك آليه للتمييز بين الموظف الفني والمختص في وزارته أو إدارته والموظف الذي يعمل في الأقسام المساندة، مثلا وزارة البيئة والزراعة والمياه، لا ننسى أنها أيضا تُعنى بالثروة الحيوانية والسمكية وكذلك الدواجن. هنا عمل فني كبير يشمل مهندسين زراعيين وأطباء بيطريين ومختصي البيئة ومهندسين هيدرولوجيين، الخ. وهل فعلا يقوم هؤلاء الموظفون بأداء عمل فني وميداني حقيقي أو عمل إداري صرف؟ ومن يقوم بالعمل الفني هو شركة مختصة وينحصر دور هؤلاء الموظفين في المراقبة؟

4- عودا على النقطة الأولى، هل عدد الموظفين يتناسب مع الحاجة والهدف؟ بعض الدوائر متخمة وبعضها لديها عجز. مثلا هل نعرف كم تحتاج مدينة كالرياض إلى مراقبين صحيين وهل لدينا العدد المؤهل والكافي؟

5- هل اللامركزية ونقل الصلاحيات إلى المناطق تساعد في حصر الحاجة لعدد الموظفين وتقليل أو القضاء على السمنة في عدد الموظفين وكذلك تلبية الحاجة لبعض الدوائر التي لديها عجز؟

6- هل حان الوقت لتحويل الوزارات إلى هيئات مشرعة ورقابية فقط وحصر القرار في المناطق؟ القضاء على البيروقراطية وتسريع المعاملات وغيره من الفوائد منها تفريغ الوزارة لتحسين الأداء وتقييمه. وزير مع فريق مختص بأهداف وزارته.

ما سبق ليس له علاقة بالتقييم ولكن يجب إصلاح البنية بشموليتها وربما أو بالتأكيد هناك أمور لم يتم ذكرها؛ كي نستطيع أن نتخلص من بعض الأسباب التي تعيق تحسين الأداء. فعلى سبيل المثال فإن تقليل المعاملات الورقية وتفعيل العمل الالكتروني مهم جدا؛ فمازالت المعاملات حتى الآن ترسل بالبريد من المناطق إلى الوزارات وحتى داخل المنطقة الواحدة. وظيفة مراسل مازالت موجودة. كذلك ماذا نستفيد من القطاع الخاص أو تجربة القطاع الخاص؟، وجود أهداف في هذا القطاع ساعد في تقدم الأداء وتقييمه، وعلى رأسها الربحية وأهداف أخرى منها رفع قيمة الشركة وتعزيز التنافسية والاستدامة. أيضاً هل هناك أهداف في القطاع العام تساعد المنظم لسن برامج تحسين الأداء وكذلك قوانين للتقييم؟ ما هي البرامج المناسبة للقطاع العام؟ بلا أهداف سيكون الوضع كمن يتحسس طريقة في الظلماء.

ويرى د. خالد الرديعان أنه في القطاع الخاص يسهل قياس أداء الموظف بمقاييس مادية تتعلق بالربح إلا أن ذلك غير ممكن في القطاع العام غير الربحي؛ لذلك فقد تكون خصخصة الجامعات هي الحل. فعندما يكون القطاع ربحيا فإنه يسهل وضع مؤشرات أداء، أما إن كان غير ذلك كالقطاع الحكومي فقياس الأداء يظل روتيني بل ومشخصن، كما يتساوى غالباً الموظف الجاد وغير الجاد في القطاع الحكومي وبالتالي هناك مشكلة بحاجة إلى حل؛ كما أن التحفيز شبه معدوم.

وعقب د. رياض نجم بأنه ربما يكون هذا صحيحا إلى حد ما؛ لكن يمكن أن يكون تقييم الموظف أكثر فعالية إذا كان مبنيا على الإنتاجية وعلى تحديد نسب لا يمكن تجاوزها لكل تقدير في الإدارة الواحدة. مثلا لا يتجاوز تقدير ممتاز ٢٠٪ وجيد جدا ٢٥٪ وهكذا، والتوقع أن التقييم الجديد في الخدمة المدنية مبني على هذه القواعد.

و يتساءل د مساعد المحيا عن مدى قدرتنا في تطبيق تقييم الأداء الوظيفي عبر آليات ومعايير وظيفية تقوم على منظومة التقييم المستمر للأداء. هذا التطبيق أو الممارسة التقويمية سيكون جيدا لو استطعنا تطبيقه على نحو يرتكز على تلك المعايير ويطبقها على نحو متكافئ دون أن يكون هناك الكثير من الحالات الانطباعية في عملية التقويم التي تقوم على الفردية في الممارسة التقويمية فقط ومدى علاقة الموظف برئيسه …وبالتالي فالمشكلة تستظل في آلية التنفيذ وطريقة تطبيقها . والمشكلة الأكبر أن هذه الممارسة لن يكون لها بالتالي أي أثر ايجابي في تطوير العمل ولا على جودته ولا على أداء الموظفين الذي قد يصابون باحباطات شديدة وبخاصة وأن الفكرة المقترحة ستحرم العديد من الموظفين من الترقيات ،

وذكر د. خالد بن دهيش أن هناك العديد من الدراسات منذ زمن حول منح الرخصة المهنية للمعلمين/ات لم يتم تطبيقها حتى الآن، والحصول على الرخصة أو تجديدها تمنح المعلم/ة حق الاستمرار في مهنة التعليم بعد إجراء اختبار كل عدد من السنوات ٣-٥، لمعرفة مدى تقدمهم واطلاعهم على المستجدات في مهنة التعليم من خلال البرامج التدريبية التي يتحصل عليها، وهي بمثابة قياس لقدرة المعلم وتقييم لمستواه المهني ومدى مناسبة استمراره كمعلم/ة.

وأوضح د. إحسان بوحليقة أن الهدف من قياس أداء الموظف هو تحفيزه أساساً وليس لتسليط عصى الخصومات وخطابات لفت النظر. فليس من الدقة قياس فقط أداء الموظف برتابةٍ كميةٍ بعيداً عن جعل التقييم جزء من كل، أخذاً في الاعتبار أن الموظف جزء من منظومة متكاملة. وبذلك فلن يكون القياس دقيقاً إن ارتكزت مؤشراته على رأس الموظف، وأهملت بيئة العمل، وأداء رؤسائه ومرؤوسيه. كما يعد التحفيز عاملاً مؤثراً جداً. والتحفيز motivation في الإدارة management ليست قضية تفصيلية، بل جوهرية ارتكازية. بمعنى أن ذات الموظف يتفاوت أداؤه تفاوتاً هائلاً في حال تغير بيئة العمل وفريقه وطريقة التحفيز المتبعة.

في حين يرى م. خالد العثمان أن هناك حوافز كثيرة جدا غائبة عن ذهنية المسئولين خصوصا في القطاع الحكومي، أما في القطاع الخاص فالأنظمة تعيق تبني حوافز متعددة منها مثلا خيارات الأسهم والملكيات المتصاعدة.

ومن وجهة نظر د. عائشة الأحمدي فإن مؤشرات الأداء، هي ضرورة في المؤسسات الحديثة، لمعرفة التوجه الذي تسير عليه نحو تحقيق أهدافها، وكذلك تساعد في التقييم الذاتي للفرد، هذا عدا أنها دون شك، معيار للأداء الموضوعي، أما استخدامها، كمسطرة لتقييم المؤسسات، والأفراد فيعد بوابة عبور حقيقية نحو مجتمع الإنجاز، بصرف النظر عن التأثيرات الأخرى التي تنشأ عن سياسات الالتزام بها.

وذكرت أ.د فوزية البكر أن مؤشرات الأداء الوظيفي ليست آلة فقط إنها مناخ عام بقيم ثقافية عامة لا تسمح مثلا للمدير بالتمييز لأي سبب فكري أو عائلي، كما لا تسمح للموظف بتوقع التميز لمعايير عائلية أو شخصية الخ، إضافة إلى أن مقاييس الأداء في الحكومة ليست مقننة بدقة بعض مؤسسات القطاع الخاص. ومن ثم يكون التساؤل المطروح: ما هو المخرج لتنجح التجربة التي بدء فعلا تطبيقها في القطاع الحكومي؟

ومن جديد تطرق أ. محمد الدندني إلى النقطة المتعلقة ب “أخلاق العمل”؛ حيث تساءل: كيف نُفعِّل ما هو في صلب هويتنا وثقافتنا وديننا، الأمانة والإخلاص. لا يوجد قوانين في تاريخ البشرية تستطيع تحسين الأداء والإنتاج بلا أخلاق للعملwork ethics ألم يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه، عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.

نعم القوانين والتشريعات تنظم وتساعد كثيرا ولكن هناك ثقافة يجب أن تسترد وتفعل. الحضارة الغربية نجحت في زرع تقديس العمل مهما كان نوعه، ولكن لولا الجزاء والتحفيز والعقاب لما نجحوا لهذه الدرجة. عندما يضعون قانون يفعل ويعمل به إلى أن يسبقه الزمن ويعدل بطرق متحضرة وشفافة.

وأكد د. محمد الملحم على مسألة حيادية التقييم وأنها فن state of art أكثر منها علم، كما أنها قيم أصيلة أكثر منها قيم عمل تدعيها المؤسسة أو الأفراد، وعندما نكون بصدد مشروع تقييم برامج Program Evaluation فأكبر عقبة هي الحصول على المقيمين المدربين أو الممارسين على الأقل، وهو أمر نادر لدينا بينما هو مشكلة محلولة تقريبا في الولايات المتحدة لانتشار ما يسمى ترخيص المقيم Licensed Program Evaluator. وأدبيات تقويم البرامج تعج بمشكلة أزمة التقويم كمهدد للمؤسسات والأفراد وكيف يمكن تلافي سلطته المهددة من خلال إجراءات تلطيفية mitigation تهدف أساسا إلى الحصول على تعاون الأفراد وشعورهم أنه (أي التقويم) عامل مساعد لهم وليس مهدد، ومن هذه الإجراءات مثلا إشراك أصحاب المصلحة stakeholders أو العملاء clients في بناء أدوات التقويم والتخطيط لإجراءاته بل وربما صياغة نموذجه الأنسب.

وما تقدم الهدف منه الإشارة إلى أزمة التقييم وأنه لا ينبغي التهوين من متطلباته للممارسة الصحيحة، ولأن من يتقن التقويم ويحقق متطلباته من جمع البيانات وتبويبها ورصدها بدقة وفعالية هم فئة قليلة وقليلة جدا، بينما أغلب الممارسات تقوم على الانطباعية في وضع الأرقام، ولهذا فقد أثبت الاعتماد على هذا العامل فشلا ذريعا في تقييم الأداء في كل القطاعات الحكومية والخاصة، وأصبحت الترقية القائمة على التقييم عامل إخماد shut down لجذوة العطاء ولروح الولاء، ولم يبق سوى الحد الأدنى من أخلاقيات العمل ومُثُــل الدين والعادات هي التي تســــيّر العمل ليتقدم بالبطء الذي نشاهده يوميا.

التوصيات المقترحة

يرى د. إحسان بوحليقة أن القضية لا تكمن تحدياتها في الهيكلة والتشكيلات الإدارية فقط، بل في التحفيز. إذ أن تحفيز الموظف هو العنصر الأساس ليعطي أفضل ما لديه، وبالتالي تتحسن مؤشرات أدائه. والتحفيز طيف عريض من الأساليب والطرق. وبالقطع ليس الأهم هو الجانب المالي، إلا في حال من لا يعول كثيراً على تنافسية الأداء، باعتبار أنه لا يوجد فرق كبير بين من يؤدي ومن لا يؤدي. والمثال التقليدي هو القطاعات الحكومية إجمالاً.

ومن جانبه يرى د. محمد الملحم أنه لا يمكن أن يوجد حل واحد لمشكلة عميقة تمس عدة جوانب (أو ربما كل الجوانب) بل مجموعة حلول متكاملة يجب أن توضع بطريقة فنية متقنة وتتابع بروح وطنية صادقة. وفي هذا السياق يمكن اقتراح أنموذج إنساني يقوم على مزاوجة التقييم بالأهداف، أهداف المؤسسة، وأهداف العاملين، فيجب أن يكون لكل موظف أهداف يستقيها من أهداف المؤسسة (ويبني لكل منها مؤشرات أداء KPIs) بحيث يتكون لدينا أيضا هرما لهذه المؤشرات يبدأ من الأعلى بتلك الخاصة باستراتيجية المؤسسة وينتهي نزولا بتلك التي يمارسها الموظف يوميا. وبقدر وضوح أهداف المؤسسة وقابليتها للقياس بقدر ما ينجح هذا النموذج، وهذا يتطلب آليات فعالة لقياس تحقق أهداف المؤسسة، فإذا ما تحققت بنسبة مقبولة كانت العلاوة السنوية للجميع (دون استثناء) وإذا تحققت بنسبة الحد الأدنى الحرج (وهو أقل من المقبول) لم تمنح العلاوة لأحد (حتى المدراء) أما إذا تحققت بنسبة عالية فإنه ينظر في تحقق أهداف الموظفين فمن تمكن من تحقيق أهدافه بنسبة عالية استحق زيادة (القيمة المضافة). وبهذا يقضى على تقييم المدير الانطباعي كما تتحقق العلاوة للجميع مع فرض التقييم المؤسسي كأساس لتقييم الأفراد مما يجعل العمل فيه جديا وقائما على أسس سليمة وقوية.

وأكد د. خالد الرديعان على أن مؤشرات الأداء في القطاع الأكاديمي يجب أن تتغير تماماً وأن تكون في صلب عملية تطوير الجامعات لانتشالها من الترهل والرتابة. وفيما يخص القطاع الأكاديمي تحديداً فهناك ضرورة لوجود مؤشرات تقييم واضحة؛ فبعض الأكاديميين يقومون بعملهم بصورة روتينية مملة وكأنه وظيفة للكسب دونما أي رغبة بتطوير أداءهم وتحسين مخرجات العملية الأكاديمية والاهتمام بالابتكار والنشر. صحيح أن هناك متطلبات للجودة تشمل أداء الاستاذ وهناك تقييم داخلي سنوي لكن ذلك غير كافِ؛ بل إنه غير مؤثر على موقع الأكاديمي وما يحصل عليه من علاوة سنوية وامتيازات أخرى، بل إن التقييم لا يترتب عليه ضرر بالنسبة للمقصرين طالما أن وظيفة الأكاديمي تقع في نطاق “القطاع العام”. ولعل خصخصة الجامعات قد تكون حلاً لهذه المشكلة بحيث يتم إتباع معايير ومؤشرات مختلفة لقياس أداء الأكاديمي تضمن أداءه للعمل على أكمل وجه.

مسألة أخرى تثير الاهتمام في القطاع الأكاديمي هي الجانب الشخصي؛ فالحصول على بعض الامتيازات يخضع للأهواء والقرب والبعد من متخذ القرار بصرف النظر عن كفاءة الشخص وقدراته والأمثلة في هذا الباب أكثر من أن تحصى، بل إن ذلك ينسحب على الترقيات العلمية التي تتطلب من البعض “سلق” بعض البحوث وتقديمها كمتطلبات للترقية دون أن تقدم إضافة تذكر لجسم المعرفة.

ويعزز هذا الأمر د مساعد المحيا بتساؤله حول مدى رغبتنا فعلا بإيجاد بيئة تعليمية متطورة تطبق مفهوم الجودة على أرض الواقع وليس على الورق .. إذ هناك اليوم أعداد كبيرة من الطلاب تلتحق بالجامعات مما تطلب وجود متعاونين من خارج الجامعة للقيام بالعبئ التدريسي الأمر الذي يصعب معه تطبيق آلية تقويم مناسبة وحيادية مع هؤلاء لا سيما وأن وجودهم ومشاركتهم كثيرا ما تقوم على الاختيارات الذاتية البعيدة عن المعايير العلمية الدقيقة ..

وفي تصور م. خالد العثمان فإن القطاع الحكومي أكثر حاجة لحزم متنوعة من الحوافز غير المادية بالنظر إلى التطبيق الأفقي لكادر ديوان الخدمة المدنية.

بينما أكدت د. عائشة الأحمدي على أن ربط العلاوة السنوية، بمؤشرات الأداء، هو باب النهوض برفع إنتاجية الفرد، لاسيما في القطاع العام، فتقريبا القطاع العام في المملكة يعد على مستوى المؤسسات بحسب تقارير التنمية الإنسانية العربية من أقل البلدان العربية إنتاجية، إذا ما قيست، بساعات العمل الفعلي، إن ربط العلاوة السنوية، بمؤشر الأداء ‏هو المخرج الوحيد للتخلص من الترهل الذي تعاني منها مؤسسات القطاع العام.

المحور الرابع

أما جاء وقت لوكالة الفضاء السعودية؟

الورقة الرئيسة: م. أسامة كردي

تقوم مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم و التقنية حالياً بأعمال وكالة الفضاء السعودية عبر معهد الفضاء و الطيران التابع للمدينة .. و يشمل عمل المعهد مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي منها إنتاج أدوات رصد الأرض، وتطوير نظام المعلومات الجغرافية، واستخدامات الأقمار الصناعية، وتطوير الملاحة الجوية و الفضاء، ومشاركة المملكة في البعثات الفضائية، ورفع مستوى التعليم العالي و التدريب في مجال الفضاء و الطيران .. و يتبع المعهد عدد من المراكز الوطنية مثل المركز الوطني للاستشعار عن بعد و المركز الوطني لتقنية الأقمار الصناعية، و المركز الوطني لتقنية الطيران، و المركز الوطني لتقنية المحركات النفاثة، و المركز الوطني للفلك .. و قد صنعت المدينة و أطلقت ١٣ عشر قمراً صناعياً للأغراض العلمية أطلقت من مركز (بايكونير) لإطلاق الصواريخ في كازاخستان .. بالإضافة إلى عدد آخر من البرامج المتعلقة بالاستخدام العلمي للفضاء .. ولكن من الواضح أن برامج المدينة لا تشمل أي برامج متعلقة بصناعة الطائرات (ما عدا ما يتعلق بالطائرة الأوكرانية) أو إطلاق الصواريخ إلى الفضاء بما يشمل التمكن من كافة مراحل صناعة ثم إطلاق الأقمار الصناعية.

و يمكن مقارنة برامج المدينة مع برامج جمهورية الهند للفضاء التي شملت إطلاق مسبار فضائي إلى القمر استمر في الدوران حول القمر من أكتوبر ٢٠٠٨ إلى أغسطس ٢٠٠٩ .. وكذلك إطلاق مركبة فضائية إلى المريخ في نوفمبر ٢٠١٤ وبدأت مساراً حول الكوكب في سبتمبر ٢٠١٤. وذلك من موقع إطلاق الصواريخ في الهند المسمى (ثومبا).

كما تقوم وكالة الفضاء الإماراتية بتنفيذ برنامج لإطلاق (مسبار الأمل) إلى كوكب المريخ في ٢٠٢٠ ولديها برامج إلى ما بعد ١٠٠ سنة.

إن من المأمول اتخاذ قرار قريب لإنشاء وكالة الفضاء السعودية لأسباب متعددة منها أهمية دخولنا لهذا النادي المهم، وتوفر البنية التحتية من القوى البشرية السعودية، والتقدم الحاصل في أعمال المدينة، واستعداد الكثير من وكالات الفضاء العالمية للتعاون معنا، والأهم من كل هذه الأسباب هو تأثير نشاط هذه الوكالة على اقتصاد المملكة والحركة العلمية والصناعية فيها.

التعقيب الأول: د. زهير رضوان

تناول م. أسامة كردي أعمال معهد بحوث الطيران والفضاء بمدينة الملك عبد العزيز وأهدافها الاستراتيجية وبرامجها المتعددة. إلا أنه أشار إلى نقطة مهمة لم يغطيها المعهد ضمن برامجه وهي البرامج المتعلقة بإطلاق الصواريخ إلى الفضاء. لذلك سيكون تعقيبي بالتركيز على برنامج الوصول للفضاء والذي يعتبر من أكبر التحديات.

ومما لاشك فيه، أن هناك أهداف تدفع الأمم للتسابق للوصول إلى الفضاء، منها أهداف اقتصادية أو عسكرية أو حتى معرفية بحتة، فلكل أمة تطلعات وأهداف تدفعها لإنشاء وتطوير برامج فضاء، وتبذل في سبيل ذلك مئات الملايين من الدولارات ومجهود مضني وإخفاقات تكاد تتجاوز النجاحات سعيا لأن تكون من الرواد في مجال الفضاء، لإثبات تطور الأمة ورقيها وامتلاكها لمعرفة تضعها في مكانة تفوق الدول الأخرى في المجال التكنولوجي والاقتصادي والعسكري.

ومن أشهر برامج الفضاء على الإطلاق برنامجي الفضاء الأمريكي والسوفيتي، والتي كان لكل منهما أهدافه الخاصة، فحين أعلن الاتحاد السوفيتي إطلاق برنامج الفضاء عام 1930م لأهداف عسكرية، أعلن عن برنامج الفضاء الأمريكي عام 1958م لأهداف مدنية وعلمية. وعلى مر السنوات حقق كل منهما الكثير من أهدافه، فقد حقق برنامج الفضاء السوفيتي نجاحات كبيرة كإطلاق أول صاروخ باليستي، وإطلاق أول قمر صناعي في المدار، دار حول الكرة الأرضية خارج الغلاف الجوي، وهم أول من أرسل رجل، امرأة، حيوان إلى خارج الغلاف الجوي، وأول من قام رواده بالخروج من المركبة في الفضاء، وأول من أحضر عينة من تراب القمر وغيرها من الإنجازات التي جيرت باسم الاتحاد السوفيتي للأبد. ولم يكن برنامج الفضاء الأمريكي أقل حظا، حيث حقق الكثير من الإنجازات أيضا منها على سبيل المثل، الهبوط على سطح القمر عام 1964م، إنشاء معمل الفضاء في المدار، استخدام المركبات الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام كالمركبة تشالنجر وديسكفري، كما أنه يقوم بتشغيل محطة الفضاء الدولية، واستطاع إرسال مسبار فضائي هبط على سطح كوكب المريخ. وأسس برنامج الفضائي الأمريكي لاستكشاف وفهم الكرة الأرضية عبر المراقبة الكهرو بصرية والرادارية وبالأشعة تحت الحمراء لمعرفة أفضل لطبوغرافية الأرض والطقس والتلوث وتجمعات المياه الجوفية والتصحر وغيرها، كما يسعى البرنامج الأمريكي لمعرفة الكرة الأرضية والمجموعة الشمسية عبر استكشاف الفضاء.

إضافة إلى برنامجي الفضاء الأشهر والأكثر تقدما وهما الأمريكي والسوفيتي، قامت دول أخرى بإنشاء وكالات فضاء في محاولة للحاق بالبرنامج الأمريكي والسوفيتي، حيث قامت الصين بإنشاء برنامجها المتواضع عام 1950م، ولم تتمكن من إرسال بشر إلى الفضاء الخارجي حتى عام 2003م لتصبح بذلك ثالث دولة تستطيع إرسال بشر إلى المدار خارج الغلاف الجوي وإعادته، وتخطط الحكومة الصينية لإنشاء محطة فضاء ثابتة في الفضاء وإرسال بشر إلى سطح القمر عام 2020م.

كما قررت الحكومة الهندية اللحاق بركب الدول المستكشفة للفضاء بإنشاء وكالتها الخاصة لأبحاث الفضاء، ولم يكن من أولوياتها إرسال بشر إلى المدار رغم قيام رائد الفضاء الهندي بالطيران إلى المدار عام 1984م على متن مركبة الفضاء السوفيتية، وفي عام 2007م قررت الوكالة تبني برنامج فضاء هندي بالكامل يفضي إلى إرسال رائدي فضاء إلى المدار للقيام بعدة دورات ومن ثم العودة للأرض. ويطمح البرنامج الهندي لاكتساب المعرفة الكافية لصناعة مركبات فضاء تطلق للمدار وتعود للأرض تحمل ركاب ومسافرين.

ولحصد مكتسبات برامج الفضاء ونجاحها في أي دولة، فلابد أن يتوفر لديها القدرة المالية والمعرفية والرغبة القوية والدعم المتواصل للبرنامج، كما يتطلب نجاحها أيضا التضامن مع وكالات ومنظمات فضاء أخرى سبقتها في هذا المجال للاستفادة من خبراتها لاختصار الفترة الزمنية اللازمة لتحقيق أهداف البرنامج، ومهما كانت أهداف البرنامج سواء اقتصادية كإطلاق الأقمار الصناعية، أو عسكرية كمعرفة تكنولوجيا صناعة الصواريخ البالاستية، أو معرفية كالأبحاث الطبية والفسيولوجية التي تستخدم حالة انعدام الجاذبية للوصول للنتائج، وبغض النظر عن الأهداف فالمكتسبات المرجوة كثيرة نذكر بعض منها على سبيل المثال:

الاستقلالية والإضافة المعرفية.
استخدام تكنولوجيا الفضاء في تطبيقات مدنية وعسكرية.
خلق وظائف تقنية مساندة.
ويمكن لبرامج الفضاء دعم الصناعات المدنية باستخدام نتائج أبحاثها في عدة مجالات أشار إليها م. أسامة كردي في الورقة الرئيسة. وهناك غيرها من المجالات التكنولوجية التي باتت تعتمد على الأبحاث التي تقوم بها وكالات الفضاء لاستخداماتها في الفضاء ولها مردود وفضل كبير على التطور التقني الذي يخدم حياة البشر.

لذا بدأت جميع الدول المشغلة لبرامج الفضاء الحالية وشركات معنية بصناعة الفضاء والطيران ومراكز بحثية متخصصة في علوم الفضاء بإعادة النظر في مركبات الفضاء وتصاميمها، حيث يتوجه الجميع لتبني فكرة المركبات الفضائية المصممة للإقلاع والهبوط على مدارج مشابهة للتي تستخدم للطائرات، وبذلك تنخفض تكلفة الإطلاق لأقل من النصف، وسيكون من الممكن استخدام المركبة الطائرة بحيث يتم تزويدها بالوقود وتحميلها ومن ثم إطلاقها مرة أخرى. وسيتم تصميم المركبات لحمل المسافرين خارج الغلاف الجوي لأغراض التنقل والأبحاث والاستكشاف، كما سيكون بإمكانها حمل الأقمار الصناعية وإطلاقها في مدارها.

لذلك تعتبر الفترة الزمنية الحالية هي مرحلة تحول في مستقبل برامج الفضاء، حيث تتسابق جميع الجهات المعنية بالفضاء لإنتاج مركبات فضاء متطورة قابلة للاستخدام بطريقة مماثلة للطائرات المدنية وبدون الحاجة لصواريخ أو منصة إطلاق وبدون حاجة الركاب لارتداء الملابس الخاصة برواد الفضاء. وهذا التوجه ليس فقط لدى وكالات الفضاء الحكومية، إنما كذلك توجه من عدة شركات للطيران والفضاء ومراكز الأبحاث حيث توصلوا لتصاميم أولية واعدة. إحدى الشركات قامت بتصنيع صاروخ به مكوك يقوم بفصل المكوك في الفضاء ثم يعود الصاروخ إلى الأرض ويهبط بطريقة سليمة لاستخدامه لرحلة أخرى، وشركة أخرى اهتمت بتصاميم للمحركات النفاثة ذات قوة دفع تحررها من الجاذبية لخارج الغلاف الجوي ومن ثم إعادة المركبة إلى الأرض، وهذا يعتبر قفزة كبيرة جدا في مجال السباق لعلوم برامج الفضاء الذي سيوفر الكثير من التكلفة التشغيلية مع زيادة في الفائدة المردودة من برامج الفضاء على الدولة.

ومن هنا أرى أن الوقت مناسبا جدا للمملكة العربية السعودية للاستثمار في برنامج فضاء سعودي للوصول للقمر والمريخ لمساندة الأهداف المدنية والعلمية بالمملكة، وخاصة أن موقع الربع الخالي الجغرافي مناسب جدا للرحلات الفضائية، تحت مسمى وكالة الفضاء السعودية بإشراف مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع جهة دولية مختصة بعلوم الفضاء والطيران لتواكب بذلك مستقبل برامج الفضاء ودعم النهضة العلمية والتكنولوجية التي تشهدها المملكة.

التعقيب الثاني: د. محمد الملحم

أود أن أحول السؤال إلى سياق أعم وهو: هل حان الوقت لمؤسسات دولية في المملكة العربية السعودية؟ لأني أرى أن وكالة الطاقة في السعودية إما أن تكون محلية بحتة أو أن تكون دولية، وأنا أرى أن الثانية هي الأقرب إلى الواقعية سواء كانت عربية أو خليجية مثلا، أما الصيغة المحلية فلا أعتقد أنها مجدية اقتصاديا خاصة على المدى الطويل.

وعند الحديث عن الصيغة الدولية فإني أضع هنا تجربة كاوست على الطاولة كمثال شاهد على هذا التوجه بيد أن المقارنة بين المؤسستين (وكالة فضاء وجامعة) ليست متقاربة كثيرا بالنظر إلى المساحة الأكبر التي توفرها الجامعة ونطاقها الأكاديمي بينما في وكالة الفضاء تختلف الالتزامات وأسلوب التشغيل والنظم التي تحكم ذلك. وسؤال إنشاء مؤسسات دولية سياسي أكثر منه اقتصادي أو مرتبط بالعلوم أو الثقافة أو الفن.

إنشاء وكالة فضاء تخدم مجموعة دول يعني ملكية صواريخ وقواعد إطلاق ومراكز تحكم بتقنيات متطورة جدا، كما أن الأنظمة الإدارية التي تعمل فيها مثل هذه الحزمة، مهما أحكمت وضبطت صياغتها لتوائم هذا المطلب (وهو أسهل حلقة هنا) فلابد أن تكون ذات سمعة حسنة في التطبيق وحسن الأداء ولابد أن يرعاها نظام قانوني (تشريعي وتنفيذي) متميز، ولكي تكون الوكالة ذات جدوى فلابد أن تكون لها أذرع في الصناعات تساهم في دعمها ومساندتها، وخاصة من خلال أقسام البحث والتطوير R&D بأبحاث نوعية لخدمات التقنية وصحة الإنسان، كما أن الجامعات ينبغي أن يكون لها حضور أكبر في الأبحاث العلمية الأساسية (لا مجرد أبحاث الترقية) لتثري عمليات وكالة الفضاء، وأخيرا فإن تلك الوكالة ينبغي أن تكون على قدر مناسب من الجودة في الأداء لتتكامل مع بقية وكالات الفضاء.

كل هذه تحديات كبيرة تنتظر مثل هذا النموذج قبل أن نفكر في ما هو متوفر لدينا من أساسيات يمكن أن تجتمع معا لتشكل مكونات الوكالة المقترحة.

المداخلات حول القضية

أشار د. زهير رضوان إلى أن الفوائد العلمية لبرامج الفضاء كثيرة جدا ومنها على سبيل المثال:

1- المسح الطبوغرافي الدقيق لسطح الأرض.

2- ملابس الحماية ضد الحرارة العالية جدا والمنخفضة جدا والاشعاعات.

3- تطوير عمل وآلية الأذرع الميكانيكية وبرمجياتها.

4- أبحاث المواد المركبة لصناعة الطائرات والسفن والسيارات.

5- الاتصالات ونقل المعلومات.

6- توفير الطاقة وزيادة كفاءتها.

7- أجهزة كشف ومكافحة الحرائق.

8- جمع وتخزين الطاقة الشمسية.

9- استخدامات أشعة الليزر والأشعة تحت الحمراء.

10- الأجهزة الطبية وأجهزة الأشعة بالرنين المغناطيسي.

11- الإصلاح الذاتي للمعدات والأجهزة.

12- متابعة الكوارث الطبيعية ومعرفة أسبابها تسلسلها.

وأوضح م. أسامة كردي أن وكالة الفضاء السعودية تلتقي مع رؤية 2030 في أكثر من مجال أهمها تطوير واستخدام التقنية في كافة مناحي الحياة. وحول مدى وجود تواصل أو تعاون بين السعودية في مجال أبحاث الفضاء مع دول أخرى أو جهات دولية، فهناك بالفعل تعاون للمدينة مع العديد من المنظمات الدولية ولكنها مرتبطة باستخدام الفضاء وليس غزوه. أقمار الاستشعار عن بعد والتغيرات الجوية كمثال. كما أن لدينا حاليا القوى البشرية العلمية القادرة والطلبة المبتعثين من قبل المدينة الذين يؤمنون الحاجة المستقبلية.

وذكر د. خالد بن دهيش أن مشاعل الشميمري أول فتاة سعودية تعمل في مجال هندسة الصواريخ والمركبات الفضائية، وأشار إلى أن الطريق الذي سارت عليه شابه العديد من الصعوبات، حيث قالت: “واجهتني صعوبات كثيرة ولكن للآن والحمد لله حاولت اتخطى هذه الصعوبات، وأريد التوضيح هي ليست صواريخ نووية فقط، الصاروخ النووي كان بحثي مع وكالة ناسا ولكن التخصص حقي تصميم الصواريخ عامة، في الماجستير كان التركيز على الصواريخ النووية التي تستخدم لإرسال الإنسان إلى المريخ ..” نفتخر بهذه الشابة السعودية والمؤمل أن تكون مع غيرها نواة للأبحاث في هذا المجال، فقط تحتاج لرعاية الدولة بها ودعمها وغيرها المتخصصين في هذا المجال.

وعقب د. زهير رضوان بأن مشاعل الشميمري أسست شركة في الولايات المتحدة بعد أن وجدت فرصة تجارية لا يغطيها السوق في إرسال الأقمار الصناعية الصغيرة؛ لذا بادرت بتصميم صواريخ تخدم نشر هذه الأقمار الصناعية الصغيرة في الفضاء .. فهذا مكسب اقتصادي على مستوى فرد .. فكيف يكون على مستوى دولة!!! كما أن كل مرة تحتاج أي دولة إرسال أقمارها الصناعية عليها التنسيق والانتظار إلى أن يأتي دورها. وكون السعودية يصبح لديها وكالة فضاء ورحلات مكوكية خارج الغلاف الجوي سيعزز التكلفة الاقتصادية بالاكتفاء الذاتي وبإرسال الأقمار الصناعية للبلدان الأخرى وكذلك النفع المعرفي للكوادر الوطنية. ويدعم الدولة بالثقل السياسي بين الدول المجاورة والدول المصنعة في المجال المعرفي ومجال البحث والتطوير.

لكن برأي أ. محمد الدندني فإن الشميمري تعمل في بيئة تختلف من نواح كثيرة، لاسيما ما يتعلق بالبنية التحتية ووجود النشاط والبحث و الناحية الأكاديمية من جامعات و معاهد أبحاث الخ.

وعقب على هذا الأمر المتعلق بمشاعل الشميمري والمقابلات التي انتشرت لها حيث تدعي انها مهندسة صواريخ .. وق سبق هنا وأن علق عليها بعض المهتمين والمتخصصين فاكدوا انها لا تعمل لدى ناسا اذ اشتراطاتها لا تتمتع بها مشاعل ..وانها اي مشاعل حين تقدمت بطلب التمويل لمدينة الملك عبد العزيز لم تقدم أي مسوغ لبحثها مع بساطة الشروط ..

ومن يدعي بأن ناسا تبنتها ودفعت تكلفة دراستها الجامعية حقيق عليها تقديم الاشتراطات اليسيرة والمعقولة جداً وكذلك الوثائق الثبوتية للدرجة العلمية والابحاث المنشورة لتمويل بحثها !!

هي طبعا ذكرت بأن لديها شركة للصواريخ وتبين لاحقاً انها شركة على ورق !!

مدينة الملك عبدالعزيز وفرت لها كامل الفرصة لتحظى بدعم مادي لبحثها وفق ما هو معمول لتسهيل مشروعها في معهد الفضاء ولكن للأسف هي لم تقدم أدنى هذه المتطلبات سواء مسوغات المشروع او وثائق لسيرة ذاتية للتحقق منها او أبحاث منشورة الخ .. ولذا سبق وان أشار هنا الزميل د نصر الصحاف بأنها تقدمت لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قبل عدة سنوات بطلب تمويل لمشروعها فطلبنا منها تقديم طلب مشروع وفق المعايير الموضوعة لمثل هذا النوع من الأبحاث ولم نسمع منها بعد ذلك !!

الا انها اتصلت بي تلفونياً لرغبتها في العمل بالمدينة وطلبنا منها سيرة ذاتية وصور لدرجتها العلمية ولم نسمع منها بعد ذلك ابداً !!

لذا فيبد وأن ما تقوم به وما تعرضه في اليوتيوب لا يتجاوز المهايطة ولا يرتقي الى درجة العلوم في الطيران …

واتفق د. زهير رضوان مع ما ذكره أ. محمد الدندني، وأضاف أنه ولقطع الشك باليقين، تسعى مدينة الملك عبد العزيز لتغطية الثغرات في البنية التحتية وخلافه بالاستعانة بشركات عالمية وجهات دولية في هذا المجال .. ولعل من الأفضل أن لا يعلن عن وكالة فضاء سعودية، حتى تكتمل جميع المقومات لها، ويشمل ذلك القدرة على إطلاق صواريخ محملة بالأقمار الصناعية للفضاء.

وذكر د. عبدالعزيز الحرفان أنه يوجد تعاون بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وناسا في عدة مشاريع بحثية وسبق أن نفذت مؤتمر حضره كبار مسؤولي ناسا وسمو الأمير سلطان. وفي ذات السياق فإن برنامج الفضاء لأي بلد يعتمد على صناعات وتقنيات كثيرة وتعاون القطاع الخاص والعام في استثمار إمكانيات كل جهة ونحن تفتقر لذلك، إضافة إلى أن كثير من التقنيات الضرورية لا يمكن للمملكة من الحصول عليها لأنها أسرار صناعية وعسكرية.

وتساءل د. خالد الرديعان حول نوعية الاستثمارات التي قد يوظفها رجال الأعمال والقطاع الخاص في مجال الفضاء. وحول ذلك يعتقد م. خالد العثمان أن القطاع الخاص لن يكون له أي دور في مثل هذا البرنامج في بداياته سوى كمقاول لتنفيذ مشاريع البرنامج .. ربما بعد أن ينضج البرنامج وتتضح معالمه وأهدافه يكون من الوارد إشراك القطاع الخاص بنماذج استثمارية.

ومن وجهة نظر د. حامد الشراري فإن المملكة لها تجربة طويلة في مجال الفضاء فهي من المؤسسين لمنظمة الاتصالات الفضائية العربية (عربسات) في عام ١٩٧٦ .. وملكيتها لهذه المنظمة تتجاوز الثلث (٣٧٪؜) وهي الأعلى، أيضا أول رائد فضاء عربي مسلم هو سعودي الأمير سلطان بن سلمان قبل أكثر من ٣٠ سنة بالإضافة للجهود التي تقوم فيها مدينة الملك عبدالعزيز للتقنية في هذا المجال وجهات أخرى. والمملكة هي قلب العالم الإسلامي وثقله ومن ضمن أقوى عشرين اقتصاد، هذه المعطيات تعد كافية للبدء في دخول المملكة عالم الفضاء من خلال العمل على إيجاد جهاز معني بالفضاء وبناء خبرات في هذا المجال كوكالة للفضاء .. مثل هذه المشاريع لها أبعاد تتجاوز الأبعاد الاقتصادية.

ومن جانبه قال م. أسامة كردي: لإظهار تأثير برامج الفضاء على نواحي الحياة في المجتمع سأقوم بسرد قصة ملابس رواد الفضاء ضمن البرنامج الأمريكي للهبوط على القمر .. ضمن هذا البرنامج احتاجت ناسا لتطوير ملابس رواد الفضاء، فلجأت إلى مصنع صغير للملابس النسائية حيث تعمل مجموعة من السيدات و طلبوا منهم العمل على تطوير هذه الملابس .. و لكن ناسا لم تتركهم منفردين بل دعمتهم بخبرات ناسا السابقة كما دعمتهم بخبرات الشركات الأمريكية المصنعة لبدائل القماش المستخدم في هذه الملابس و بالخبرات القانونية المطلوبة للتعامل مع عقد من هذا النوع .. و قامت ناسا بطرح التصنيع النهائي لهذه الملابس أمام عدد من الشركات الأمريكية. و يستفاد من هذه القصة كيف يكون تطوير المؤسسات الصغيرة من قبل الحكومة و كيف يكون دعم البحث و التطوير (للقماش المستخدم) و كيف يكون التنافس الصحيح حتى بين الشركات الكبرى .. ملاحظة: نظام المشتريات الحكومية (و بالذات العسكرية) يسمح للقوات المسلحة الأمريكية بطرح مناقصاتها بطريق (المنافسة العلمية) مع دفع تكاليف التصميم حتى للتصميم غير الناجح .. عندما احتاج الجيش الأمريكي لطائرة نقل عسكري فازت ماكدونالد بتصميم و صناعة الطائرة سي ٥ جالاكسي و طلب الجيش ٥٠٠ طائرة منها .. و كان التصميم غير الناجح هو لشركة بوينج و كان تصميمها للطائرة ٧٤٧ التي صنع منها ٢٠٠٠ طائرة مدنية .. ونفس القصة تنطبق على طائرة بوينج ٧٠٧ التي كانت طائرة للتزود بالوقود في الجو!!

Please Search in YouTube: moon landing space suites.

و من الملاحظ أن كافة أجزاء برنامج الهبوط على القمر قام بها القطاع الخاص الأمريكي بما في ذلك عربة التجول على سطح القمر و عجلاتها الخاصة بما يسمح بتطبيقها داخل وحدة الهبوط على القمر وإعادة فتحها بعد الهبوط .. و اكتفت ناسا بلعب الأدوار المهمة الثلاث وهي دور المحفز و دور المقنن و دور المراقب .. يستثنى من ذلك أول البرامج و هو برنامج التوجيه بالحاسب الآلي Navigation الذي تم التعاقد مع ال MIT لتنفيذه .. و الغرض هنا هو إيضاح كيف يمكن أن ينعكس برنامجنا الفضائي على تطوير اُسلوب عمل القطاع الخاص و تنمية البحث و التطوير و الرقي التقني لدينا وإحداث وظائف للمواطنين .. الواقع أن ناسا لا تصنع شيئاً !!

وفي تصور م. حسام بحيري فإنه لن يكون هناك أي إعاقات سواء إقليمية أو دوليه لإنشاء وكالة فضاء سعودية ولكن ماذا ستكون أهدافها؟ هل المشاريع التي ستعمل عليها سيكون لها صبغة تجارية لتتمكن من الاستفادة من أي مردودات اقتصادية من صناعاتها واختراعاتها؟ ميزانيات الأبحاث والتطوير للاختراعات ستكون مكلفة هل يوجد تكنولوجيا معينة نريد أن نستهدفها لسد احتياج أو مشكلة محلية مثل الطاقة الحرارية أو استخراج أو صنع المياه؟ هل ستدعم الدولة برامجها جزئيا أم كليا؟ هل هناك بنية أساسية وطنية صناعية وتقنية لمساندة برنامج الفضاء لأنه إذا اعتمدنا على خبراء أجانب قطعا لن نستفيد منهم الكثير في هذا المجال بالذات لمدى حساسيته وتعقيداته؟

وتطرقت أ. علياء البازعي إلى ما ذكره رئيس الهند في كلمته مؤخراً في القمة العالمية للحكومات في دبي “وصلنا المريخ بتكلفة أقل من تكلفة فيلم من أفلام هوليوود”.

وأشارت د. الجازي الشبيكي إلى خطاب رئيس وزراء الهند في عام 2014 في ساحة (تايم سكوير) أثناء زيارته للولايات المتحدة عندما خاطب الجمهور قائلاً: “أيها الأمريكيون، أن الهند لم تعد بلد السحرة التي يراقص شعبها الثعابين، فقد باتت الهند إحدى القوى الاقتصادية المتنامية بشكل متسارع، وفي ظل حاجتها للموارد الاقتصادية، بدأت الهند تستثمر برنامجها الفضائي، ليس فقط من أجل الاستكشاف والمساهمة في مراكمة المعرفة العلمية بالكون، وإنما أيضا كمنجم اقتصادي يُدخِل إيرادات مهمة للدولة”.

وعقب أ. محمد الدندني بأن هناك فارق كبير بيننا وبين الهند. سكانا وموقع جغرافي ومتطلبات دور دولي في محور بدأ يتشكل بالإضافة إلى التفوق العلمي. ناهيك عن أن الهند لا تبني خططها علىً عدد السكان، والاعتقاد أنها دولة تبني خططها في أحسن الأحوال على ربع عدد السكان.

ومن الجدير بالذكر أن برنامج الهند بدأ على استحياء منذ الاتحاد السوفييتي فهي حليف قديم وتلقت الكثير من الدعم وإلى الآن. هذا باختصار كيف تبنت برنامج ضخم مع ما لديها من مشاكل تنموية. هل أهدافنا من ناحية برنامج كهذا تتماشى مع خططنا التنموية وسياسة الدولة إقليميا ودوليا. لا يمكن فصل مثل هذا البرنامج عن السياسة العليا للدولة. حتى ولو كان البرنامج سلمي وعلمي بحت.

وأوضح د. محمد الملحم أن الهند استثمرت في السكان لصالح التنمية برعاية مؤسساتية ناجحة فبنت المصانع المنافسة وحازت سوق البرمجيات العالمي وبنت المفاعل والأقمار الصناعية وأنشأت جامعة MIT الهندية. وعند تحليل موقف الهند السياسي ربما نفلح في معرفة أسباب استثمارها في العمل الفضائي المتقدم. لكن عموما من الصعب تبني فكرة التطوير الشامل وتحقيق رفاهية العيش لكل مواطن قبل بدء مثل هذه المشاريع؛ فهو شبه مستحيل لأن التنمية الحضرية تأخذ وقتا أطول. لكن المؤكد هو وجود مبررات علمية واقتصادية وجيهة وجاهزية حقيقية قبل أن نخطو هذه الخطوة.

واتفق أ. محمد الدندني مع الرأي بصعوبة التطوير الشامل وتحقيق رفاهية العيش، بل ويجب أن ترتبط بإنتاجية عالية من الشعب، وتبقى الأولوية لقوة رادعة تحمي بلادنا ومكتسباتها أولا ثم الالتفات لبرامج تنموية أخرى.

في حين ترى د. عبير برهمين أن عقد المقارنة بيننا وبين الهند فيه كثير من الاجحاف والعنصرية وعدم التفكير بموضوعية. ففي نظرنا للأسف الهند هي بلد السائقين والعمال وعمال النظافة. وننظر دوما إلى تدني مستوى المعيشة ومستوى دخل الفرد ومستوى انتشار الفقر. والسؤال هو هل نحن فعلا أفضل حالا من الهند؟

ويرى د. زهير رضوان أننا لا نستطيع أن نقارن الهند بالمملكة لأن مواردهم غير مواردنا … نحن لدينا البترول وهم لديهم البشر واستراتيجيتهم الأساسية بنيت على تصدير القوى العاملة للعالم سواء إلى خارج الهند أو العمالة من بعد من داخل الهند؛ لذا تجدهم بهذه النسب العالية حول العالم، ومن ثم فإن علينا أن نستعين بمثل هذه القوى البشرية من الهند بدلا عن السائق والحارس وخلافه.

وتطرقت أ. مها عقيل إلى وجهة نظر المواطن البسيط الذي سيقول وهل نجحنا على الأرض كي نذهب إلى الفضاء؟ وهو ما يؤكد الحاجة إلى تثقيف المجتمع بأهمية برنامج الفضاء وعلاقته بالتنمية. ولكن هل يجب أن نكمل تأسيس البنية التحتية والبحثية والبشرية والتقنية قبل الشروع في برنامج الفضاء أم يكون ذلك بالتوازي؟ وهل نبدأ بجزئية من البرنامج نركز عليها ونتقنها ونصبح مركز تفوق فيها أم نتبنى برنامج كامل؟ بالإضافة إلى ضرورة التفكير في التكلفة على المدى الطويل والاستمرارية.

وحول هذه النقطة يعتقد م. خالد العثمان أن الرافد الأول والأهم لقناعة المواطن بتقديم موقع برنامج الفضاء في سلم أولويات التنمية هو تحديد الأهداف المنطقية والعملية بمنتهى الوضوح من هذا البرنامج بعيدا عن البهرجة الإعلامية والمنظرة والفشخرة .. لا يجب أبدا أن يتبع هذا البرنامج النمط الذي نراه أحيانا في بعض البرامج التي لا تعدو أن تكون فقاعات إعلامية بلا مضمون حقيقي.

وذهب د. خالد بن دهيش إلى أنه يجب أن لا ننسى أن أول رائد فضاء عربي مسلم كان سعودي هو الأمير سلطان بن سلمان عام ١٩٨٥حتى وإن كان دوره محدود.

وبدوره أوضح م. خالد العثمان على أنه قد مرت أكثر من ثلاثين سنة على رحلة الأمير سلطان دون أن نستثمرها استثمارا حقيقيا بأي شكل من الأشكال .. كم خسرنا من ذلك يا ترى؟

وأشار د. زياد الدريس إلى انه ألمح إلى هذه الخسارة من عدم استثمار رحلة أول رائد فضاء مسلم عربي سعودي في مقالة له تحت عنوان: رائد الفضاء الذي لم يهبط بعد! وجاء فيها: “في يوم 29 رمضان 1405هـ الموافق 17 يونيو 1985م أقلع المكوك الفضائي ديسكفري حاملاً من بين روّاده السبعة أول رائد فضاء مسلم عربي سعودي اسمه: سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز.

لم يكن الحدث هيّناً، لا على المستوى الأممي ولا القومي ولا الوطني، لكن تفاعلنا معه كان، وما زال هيّناً!

ولأننا ألِفنا مع الأسف تعظيم منجزات الغرباء والتشكيك في منجزات الأقرباء، فقد قال البعض أنه اُختير لأنه أمير، كأن عوامل فقدان الجاذبية وأعراضها المميتة ستحابي رئتَيْ الأمير حتى لو لم تكن لديه الجاهزية الجسدية واللياقية لغشيان الفضاء! وشكّك آخرون في صعود المركبة إلى الفضاء أصلاً وأن أيام الرحلة كانت كلها من مشاهد داخل أحد استوديوهات هوليوود، ليس لأنهم لا يؤمنون بارتياد الفضاء ولكن لأن المركبة فيها أمير!

كانت تلك الشكوك العبثية متداولة أثناء الرحلة، لكن رائد الفضاء العربي الأول استكمل رحلته المكوكية، بعد عودته من الفضاء، بين دول العالم المتقدم يستمعون إلى تجربته الفريدة ونتائج الأبحاث التي أجراها بالتعاون مع الفريق العلمي السعودي الكبير. وقامت وكالة ناسا الفضائية بوضع اسم سلطان آل سعود ضمن قائمة أسماء الذين ارتادوا الفضاء، بل وتصفه في موقعها حتى اليوم بأنه (أصغر شخص يذهب إلى الفضاء بعمر ٢٨ سنة و١١ شهر و٢١ يوماً).

بكل أسف وضعف، فإن فتيان وفتيات العرب يدرسون اسم أول رائد فضاء روسي واسم أول رائد فضاء أميركي لكنهم لا يدرسون ولا يعرفون اسم أول رائد فضاء عربي، لماذا؟!

هل السبب هو الانهزامية أمام أمجاد الآخرين والزهد في أمجادنا، أم هي الغيرة من أن يكون أول رائد فضاء عربي سعودياً “انطلق من الخيمة إلى الفضاء”!!

وأوردت د. نوف الغامدي مقال لها بعنوان “خصخصة الفضاء وَالترليونير”، وذكرت في إطاره أن “اقتصاد الإبداع والابتكار والثقافة يعد من أهم الاقتصادات الذي تبلغ إيراداته عالمياً 2.1 بليون يورو، كما أنه يوفر 30 مليون فرصة عمل، فإيرادات القطاع في أوروبا 662 مليار يورو، وفِي آسيا 694 مليار يورو، أما في إفريقيا 54 مليار يورو، وفِي أمريكا اللاتينية 115 مليار يورو، وفِي أمريكا الشمالية 579 مليار يورو. ومن هذه الاقتصادات “اقتصادات الفضاء” التي شهدت رواجاً عالمياً خلال السنوات الأخيرة، باعتبارها نمطاً من الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية المستندة إلى المعرفة العلمية المرتبطة بالفضاء الكوني، بما يسهم في تحقيق النمو المنظم للأنشطة الفضائية المواتية لاضطراد النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في جميع البلدان.

والتساؤل: هل سيشهد عالمنا خلال السنوات العشرين القادمة ظهور أول ترليونير؟ من الفضاء واستثمار مناجم المعادن المتناثرة هناك في الأعماق القريبة والبعيدة!

لقد بلغ حجم اقتصادات الفضاء عالمياً ما يقرب من 330 مليار دولار نهاية عام 2014 بمعدل نمو يزيد على 9% مقارنةً بحجمها في عام 2013، والذي كان مُقدراً بنحو 302.5 مليار دولار. ويساهم هذا النمط الاقتصادي في توظيف حوالي مليون شخص حول العالم، إذ يبلغ متوسط أجر الواحد منهم 110 آلاف دولار سنوياً.

وبلغ نصيب الولايات المتحدة فقط من إجمالي هذا الاقتصاد 43 مليار دولار بما يعادل 13% من حجمه، فيما يبلغ إنفاق باقي الدول المنخرطة في اقتصادات الفضاء 36 مليار دولار بنسبة 11%، ووصلت الأنشطة الصناعية والتجارية الفضائية إلى ما يقرب من 128 مليار دولار بنسبة 39% من حجم اقتصادات الفضاء، كما يبلغ نصيب الأنشطة الخدمية الخاصة بالمنتجات الفضائية 123 مليار دولار بنسبة 37%.

إن مجالات اقتصادات الفضاء يندرج تحتها العديد من الأنشطة الاقتصادية في إطار اقتصادات الفضاء منها إطلاق الأقمار الصناعية لأغراض الاتصالات والمراقبة الأرضية، فالعالم يشهد ثورة غير مسبوقة في مجال إنتاج الصورة وتوزيعها، نتيجة للنجاح الهائل في توظيف نتائج تكنولوجيا الاتصال عبر الوسائط الفضائية في مجال الإعلام المرئي ليرفع من إمكانيات تعميم البث الفضائي عبر آلاف الفضائيات الإعلامية.

ويتراوح عدد الأقمار الصناعية الفعَّالة حتى أغسطس 2017 حوالي 1419 قمراً، يشكل 54% منها أقمار اتصالات تعمل من خلالها 35650 قناة تلفزيونية فضائية، ويتوقع أن يكون العدد خلال عشر سنوات قادمة 47000 قناة، ولقد أثارت الهند انتباه العالم مؤخراً بعد تمكنها من إطلاق 104 أقمار اصطناعية من خلال صاروخ فضائي واحد فقط، الأقمار تملكها 7 دول مختلفة، وهو ما يدعونا للتساؤل: ما الدول المهيمنة على الفضاء المحيط بالأرض؟ ومن يملك أكبر عدد من الأقمار الاصطناعية؟

وذكر موقع “huffpost” أنه حالياً، هناك 1381 قمراً اصطناعياً عاملاً تدور حول الأرض، من بينها 976 قمراً تملكها 5 دول مجتمعة؛ هي: الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، واليابان، والمملكة المتحدة، في عام 1966، كانت هناك 6 دول فقط تملك أقماراً اصطناعية، هي: الولايات المتحدة، وروسيا، وكندا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وفرنسا، بينما في عام 2016، هناك أقمار اصطناعية تمثل نحو 75 دولة، وكان الاتحاد السوفييتي هو أول من أطلق قمراً اصطناعياً إلى الفضاء، بينما دولة لاوس هي آخر الدول التي تملك قمراً اصطناعياً خاصاً بها في الفضاء، بينما هناك 28 دولة في انتظار إطلاق أقمار اصطناعية على فترات زمنية مختلفة قادمة.

أما فيما يخص المراقبة الأرضية والملاحة، فتتم حالياً من خلال الأقمار النانونية، حيث تم إطلاق ما يقرب من 100 قمر من هذا النوع خلال عام 2014. وتوضع الأقمار النانوية عادة في مدارات دون 300 كم ويتم تجميعها في المدارات الأرضية الأدنى لغرض المراقبة الأرضية اليومية، بحيث تكون دقة الصور الناتجة بحدود أمتار قليلة فقط، كما يُقدر حجم الاستثمار في صناعة الأقمار ومنظومات إطلاقها بحوالي 1.4 مليار دولار أمريكي، وهو ما يُوفر فرصاً اقتصادية ضخمة. وكمثال على ذلك، وقعت شركة “يوتلسات” الفرنسية للاتصالات الفضائية عقداً لاستخدام صواريخ “بروتون- إم” الروسية في عمليات إطلاق الأقمار الصناعية إلى مدار في الفضاء في الفترة من 2016- 2023.

ومن الأنشطة الاقتصادية أيضا تكنولوجيا المعلومات والإنترنت، يتم استخدام شبكة الإنترنت بشكل مُوسع من خلال الأقمار الصناعية، ففي عام 2008 استعمل حوالي مليون شخص بواسطة الأقمار الصناعية، الإنترنت Bandwidth بتكنولوجيا حزمةK-U . أما اليوم وباستعمال تكنولوجيا حزمةK-I التي تعد أكثر ملاءمة لاستعمالات الإنترنت، فقد ارتفع عدد المستخدمين إلى مليوني شخص، ويتوقع أن يرتفع عددهم إلى ثمانية ملايين في السنوات العشر القادمة، حيث تعد هذه الخدمة أكثر ملاءمة للمناطق النائية التي لا توجد بها خدمات اتصالات أرضية.

أيضا يعد التنقيب والتعدين في الفضاء من الأنشطة الاقتصادية المهمة، فلقد وقع الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” في ديسمبر 2015 على “قانون المنافسة التجارية على إطلاق المركبات في الفضاء”، ويتضمن هذا القانون بنوداً تسمح للمواطنين الأمريكيين وتشجعهم على النهوض بأنشطة التنقيب واستخراج الموارد من الفضاء، على الرغم من عدم أحقية أحد في امتلاك أي أجرام فضائية، وبحسب دراسة لطلاب الدراسات العليا في كلية الأعمال بجامعة نيو ساوث ويلز في استراليا حول اقتصادات تعدين الفضاء، فإن إنشاء منجم وتشغيله على سطح القمر يعد أقل تكلفة من بناء أكبر محطات الغاز على الأرض، حيث تُقدر التكلفة بنحو 27 مليار دولار.

أما فيما يتعلق بسياحة الفضاء، والتي يُقصد بها السفر إلى الفضاء لأغراض ترفيهية، وتعد هذه الرحلات محدودة للغاية نظراً لتكلفتها العالية. وقُدرت أسعار رحلات سياحة الفضاء على متن مركبة سويوز الفضائية الروسية ما بين 20- 35 مليون دولار أمريكي خلال الفترة من 2001-2009، حيث سافر خلال هذه الفترة حوالي 7 أفراد فقط. وقد أوقفت الحكومة الروسية في عام 2010 رحلات سياحة الفضاء، إلا أنها تخطط إلى استئنافها في هذا العام 2018، وبشكل عام، مازالت سياحة الفضاء في خطواتها الأولى، إلا أنه بالنظر لحجم المشاريع المرتقبة يبدو أنها ستحقق تقدماً سريعاً في السنوات المقبلة. ومن المتوقع أن تصبح السياحة الفضائية سوقاً يُعادل قيمة مليار دولار خلال الـ 15 سنة القادمة وفقاً لتقرير صادر في 2010 عن وكالة الطيران الفيدرالية الأمريكية.

أيضا فيما يتعلق بالنقل الفضائي، اتفقت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية “NASA” مع شركتي “BOEING” و”SPACE-X” لبناء أسطول تجاري من “تاكسي الفضاء” بحلول عام 2019 لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، لينتهي بذلك الاعتماد الأمريكي على سفن الفضاء الروسية. وحصلت “بوينج” بموجب الاتفاق على 4.2 مليار دولار، بينما تحصلت “سبيس إكس” على 2.6 مليار دولار، وتدفع “ناسا” 70 مليون دولار مقابل رحلة فرد واحد على مركبات الفضاء الروسية “سويوز”، وهي وسيلة النقل الوحيدة المتاحة منذ إحالة الأسطول الأمريكي مكوك الفضاء إلى التقاعد في عام 2011.

من الأنشطة الاقتصادية أيضا الحصول على الطاقة من الفضاء، تعتبر مصادر الطاقة المتجددة عُرضة للتقلب وعدم الاستقرار، حيث تتعرض مصادر الطاقة الشمسية للتذبذب نتيجة لاعتمادها كلياً على حالة الطقس. ولذلك تقوم الوكالة اليابانية للاكتشافات الفضائية (JAXA) بالعمل على إعداد أقمار الطاقة الشمسية الصناعية Solar Power Satellites التي أصبحت مجالاً نشطاً للأبحاث والدراسات والتطوير بالنسبة للوكالة التي تهدف إلى البدء في البث البعيد للطاقة لاسلكياً في غضون 15 عاماً، وذلك من خلال مجمع شمسي يزن أكثر من 10 آلاف طن وبعرض عدة كيلومترات على مدار ثابت يرتفع عن الأرض 36 كيلومتراً.

وهناك آثار مهمة للاستثمارات في الفضاء، فاقتصادات الفضاء تلعب دوراً متزايداً في ازدهار وتنشيط المجتمعات الحديثة، وتؤثر على نموها الاقتصادي وتطورها استراتيجياً بفضل الاستخدام المكثف لتكنولوجيا الفضاء، خاصةً الأقمار الصناعية في مجالات الملاحة الجوية والبحرية، والاتصالات، واستكشاف الموارد الأرضية، والاستشعار عن بعد، ومتابعة الأحوال الجوية، كما تؤثر تكنولوجيا الفضاء في مجالات التخطيط الزراعي، وإدارة الكوارث والأزمات، ومراقبة الأرض، وحركة النقل، والتخطيط العمراني الحضري، وهو ما يجعل من كل هذه الأنشطة مُحركاً للنمو الاقتصادي، فضلاً عن توفير العديد من الوظائف في جميع مراحل الإنتاج الخاصة بالمعدات الفضائية، فعلى سبيل المثال، تعد الصناعات الفضائية البريطانية واحدة من أكبر مصادر الدخل للحكومة، كما توقع وزير الصناعة والتجارة الدولية الماليزي “مصطفى محمد” سابقاً أن تكسب صناعة الفضاء الماليزية ما قيمته 12.6 مليار رنجيت ماليزي (نحو 3 مليارات دولار أمريكي) من العائدات خلال عام 2015، بالمقارنة مع 11.8 مليار رنجيت (حوالي 2.8 مليار دولار أمريكي) في عام 2014.

كما ساهم دخول أصحاب شركات الفضاء “الخاصة” إلى هذا المجال، في الانطلاق إلى آفاق استثمارية بلا حدود تُقدر فيها الاستثمارات والأرباح بمليارات الدولارات، وبالتالي “خصخصة اقتصادات الفضاء”، ففي إطار البحث عن سُبل لخفض تكلفة النقل الفضائي، خاصةً في الولايات المتحدة نتيجة تقليص ميزانية وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، تقرر إدخال القطاع الخاص في عالم الفضاء وكسر الاحتكار الحكومي لهذا المجال، حيث كانت البداية عام 2008 على يد رجل الأعمال الأمريكي “أيلون ماسك” صاحب شركة (SPACE-X). ففي هذا العام وقعت هذه الشركة اتفاقاً مع “ناسا” تلتزم بمقتضاه بإرسال إمدادات حيوية لرواد فضاء المحطة الدولية، حيث بلغت قيمة الاتفاق ملياراً و600 مليون دولار أمريكي، وكانت هذه هي المرة الأولى في عالم الفضاء الذي تقوم فيه شركة خاصة ببناء صاروخ فضائي.

وهناك أسباب متعددة وراء اقتحام القطاع الخاص مجال اقتصادات الفضاء، والذي ظل لفترة طويلة حكراً على الدول فقط، ومن هذه الأسباب ارتفاع تكلفة النقل الفضائي وتشكيلها عبئاً على ميزانيات الدول صاحبة برامج الفضاء، وسيادة النمط البيروقراطي على أداء وكالات الفضاء الدولية المختلفة وتضخم موازناتها، فضلاً عن رغبة وكالات الفضاء المملوكة للدول في التفرغ لتطوير مشاريع أكثر أهمية وتعقيداً، والولوج إلى اكتشافات فضائية أكثر تأثيراً على مسار الإنسانية، فمثلاً لقد تأثرت بعض الصناعات بتقنيات الفضاء منها صنع رقائق البطاطا المقرمشة فالمركبة الفضائية تتهشم عند دخولها المجال الأرضي إذا لم تكن سرعتها عالية مما أوحى لهذه الصناعة أن يتم تعبئة الرقائق في أكياس بسرعه عالية مما يمنع ويحد تكسرها، أيضا الوسائد الوقائية في السيارات وغيرها من التقنيات التي تم نقلها من تقنيات الفضاء.

ولقد بدأت الدول العربية في السنوات الأخيرة العمل على خلق مكانة لها في مجال اقتصادات الفضاء، لكنّ خُطاها لاتزال بطيئة، حيث أن أغلب الأقمار الصناعية العربية هي صناعة أجنبية ولأغراض تجارية، فمصر تعد من بين الدول العربية الأولى التي أطلقت القمرين الصناعيين “نايل سات 1″ في عام 1998، و”نايل سات2” في عام 2000، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة من أولى الدول العربية التي دخلت سباق إطلاق الأقمار الصناعية لأغراض تجارية واستثمارية عبر التعاون مع شركة “طاليس” الفرنسية، حيث تم إطلاق أول قمر صناعي “ياه سات” في عام 2011، ومن المرجح أن يصل عدد أقمارها الصناعية إلى 18 قمراً في موعد أقصاه 2018، كما ستحصل الإمارات على أنظمة أقمار صناعية عالية الأداء تراقب الأرض بموجب عدة عقود أُبرمت في عام 2015.

وتعتبر قطاعات الفضاء والاستكشافات الفضائية بدولة الإمارات العربية المتحدة من أهم محركات الاقتصاد حالياً، حيث تخطت الاستثمارات الإماراتية في مجال تكنولوجيا الفضاء حالياً عتبة 20 مليار درهم إماراتي (نحو 5.5 مليار دولار)، وقد أسست حكومة دبي مركز محمد بن راشد للفضاء في عام 2015، ويعتبر المركز عنصراً أساسياً في المبادرة الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة للتشجيع على الابتكار العلمي والتقدم التكنولوجي وتطوير التنمية المستدامة في دبي والإمارات بشكل عام، كما أعلنت الإمارات عن إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية وبدء العمل على مشروع لإرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل إلى الكوكب الأحمر في عام 2021، لتكسر بذلك التركيز التقليدي على تكنولوجيا الأقمار الصناعية، وبذلك ستكون دولة الإمارات العربية المتحدة من بين تسع دول فقط تطمح لاستكشاف المريخ.

أما في السعودية فلقد وقع صندوق الاستثمارات العامة مع مجموعة “فيرجن” مذكرة تفاهم من أجل شراكة بينهما، يستثمر بموجبها الصندوق السعودي مليار دولار أمريكي في شركات “فيرجن غالاكتيك” و”سبيس شيب” و”فيرجن أوربت”، إضافة إلى 480 مليون دولار أمريكي كخيار إضافي في المستقبل للاستثمار في قطاع الخدمات الفضائية.

والحقيقة أن حجم الخطوات التي تخطوها المملكة نحو تحقيق رؤيتنا لتطوير اقتصاد متنوع وقائم على المعرفة كبير، ومستقبل المملكة هو مستقبل يعتمد على الابتكار.

فلا يفصلنا عن انطلاق رحلة فيرجن غالاكتيك المأهولة بالبشر نحو الفضاء سوى بضعة أشهر، كما ستنطلق رحلة فيرجن أوربت إلى الفضاء لتضع عدداً من الأقمار الصناعية حول الأرض، وسيمكننا هذا الاستثمار من تطوير الجيل المقبل من أنشطة إطلاق الأقمار الصناعية وتسريع برنامجنا المتعلق بالسفر عبر الفضاء من نقطة إلى أخرى بسرعة تزيد عن سرعة الصوت.

إن هذا النوع من الشراكة ستساعد في تطوير أنظمة الرحلات الفضائية المأهولة، وأنظمة مستقبلية لإطلاق أقمار صناعية صغيرة ذات تكلفة منخفضة، بالإضافة إلى تطوير قدرات النقل الأسرع من الصوت، كما يشمل ذلك احتمال تطوير قطاع الترفيه المرتبط بالفضاء في السعودية، وعلى غرار وكالة الإمارات للفضاء هل سنرى قريباً وكالة السعودية للفضاء أيضا والتي ستخلق جيل من وظائف المستقبل.

وختاماً، أصبحت اقتصادات الفضاء مُحركاً أصيلاً للنمو الاقتصادي وجزءاً لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي للدول؛ ونظراً لهذا التطور المطّرد يتعين على الدول العربية أن تكون فاعلاً مؤثّراً في هذه المنظومة، لا طرفاً مستهلكاً فقط، وذلك لن يتأتى إلا من خلال تنمية القدرات الذاتية، حيث أن امتلاك التكنولوجيا المنقولة لا يكفي، بل يجب بناء القدرات والكفاءات القادرة على استخدام تلك التكنولوجيا وتطويرها محلياً، إن المعادلة الاقتصادية الجديدة التي ربما ستتحكّم بشؤون عالمنا هي استثمار رحلات فضائية ناجحة إلى الكويكبات والكواكب الأخرى تباعاً لكسب ترليونات أو كوادرليونات الدولارات من مناجم المعادن المتناثرة فيها بناء محطات توليد الطاقة الهائلة هناك واستثمارها في البرامج الفضائية وربما لعيش الانسان في أماكن توجد فيها مياه أو الميثان كما يُعلن بين حين وآخر والتي كان آخرها قمر (تايتان) في زحل التي صوّرته سفينة الفضاء (كاسيني) في شهر أيلول 2017 والمجس الأوربي (هايجنز) على متنها.

وأخيراً فإن أول “ترليونير” سيكون هو ذلك الشخص أو الجهة التي ستستثمر الموارد والمعادن النفيسة الموجودة في تركيب الكويكبات بشكل مثمر وبنّاء في عقدين من السنين أو ثلاثة عقود قادمة”.

التوصيات المقترحة

أوصى م. أسامة كردي بالتوصيات التالية:

1- إنشاء وكالة الفضاء السعودية.

2- إنشاء برنامج لبناء الأقمار الصناعية خارج إطار مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

3- إنشاء برنامج لإطلاق الصواريخ لحمل الأقمار الصناعية ولأغراض أخرى غير عسكرية.

4- التوسع في التعليم الثانوي والجامعي وفي الابتعاث في خدمة الوكالة ومشاريعها.

5- تطوير تعاون الوكالة مع وكالات الفضاء في الدول الصديقة والشركات المحلية والعالمية.

وأكد م. خالد العثمان على ضرورة تحديد أغراض وكالة الفضاء السعودية المقترحة بوضوح شديد.

وأوصى د. خالد بن دهيش بدعم وتشجيع الشباب الموهوب في مجال الأقمار الصناعية والصواريخ في المجالين السلمي والعسكري

وأكد د. خالد الرديعان على ما يلي:

1- تنسيق الجهود بين الجامعات السعودية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فيما يخص أبحاث الفضاء وتقنياته وإنشاء وكالة الفضاء السعودية لهذه المهمة.

2- الافادة من تجارب الدول الصديقة كالهند والصين واستقدام علماء منها لهذا الغرض.

وأوصى د. حامد الشراري بدراسة إمكانية أن تكون المملكة من ضمن الدول التي تكون فيها منصة لإطلاق الأقمار الصناعية لقربها من خط الاستواء كما أن أجواء الطقس مناسبة أغلب العام (لا سحب ركامية أو غبار كثيف …).

واقترح د. رياض نجم إنشاء جهاز مستقل على غرار هيئة الطاقة النووية والمتجددة، مع عدم تسمية الجهاز المقترح ب (وكالة) لأن المسمى غير متعارف عليه في المملكة إلا كجزء من وزارة. ويضم لهيئة الفضاء المقترحة كل ما يتعلق بهذه الصناعة في الأجهزة الحكومية خصوصا مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

ومن وجهة نظر د. يوسف الرشيدي فمن الضروري أن يكون لنا إسهام فيما يقدم من أبحاث وأعمال في مجال الفضاء من خلال الدخول في مشاريع دولية مشتركة لتقليل التكلفة، دون الحاجة لإقامة قواعد أو مشاريع مستقلة لإثبات أننا منتجين. التعاون المشترك من خلال مراكز الأبحاث الدولية أو حتى الإقليمية من الممكن أن يوصلنا الي الهدف بأقل التكاليف ويكون له بالغ الأثر على ما يمكن أن نقدم في هذا المجال. أما فيما يتعلق بدور مثل هذه المشاريع في توليد فرص وظيفية، فالاعتقاد أن كمية الوظائف ونوعيتها تستحق استحداث برامج أكاديمية ومهنية كونها محدود جداً؛ لذلك من المهم التركيز على المشاركة والتعاون والتركيز على جانب محدد من صناعة الفضاء تعطينا ميزه عن الآخرين من الدول التي بدأت حديثا محاولة غزو الفضاء، على أن تكون هذه المشاركة والميزة صناعية أو خدمية مثل ما تقدمة استراليا لناسا في عملية متابعه المركبات الفضائية كونها تتميز بموقع جغرافي مميز.

ويرى م. حسام بحيري أن التعامل مع برامج الفضاء تحتاج إلى إدارات مرنة محترفة وبراجماتية لأنهم سيتعاملون مع أفضل عقول موجودة من الوطن هل سيكون المناخ العملي جاذب أم طارد للعلماء والمختصين المطلوبين. وإذا قررنا أن ننشئ وكالة فضاء وطنيه فلابد أن نوفر المتطلبات المطلوبة أولا لإنشاء كيان ضخم لنتفادى الدخول في حيز “مكانك سر” مثل تجاربنا السابقة في إنشاء أجهزة مماثلة لم يتم الاستفادة منها وأنفقنا عليها المال الكثير ولا نزال حتى اليوم بالرغم من إنتاجياتها الضعيفة والتي لا تبرر حجم الدعم المالي الذي قدم لها. ومن الأفضل أن نساند قطاع الصناعة والتكنولوجيا العسكرية لأنها ستكون مقدمة مهمة لبناء قاعدة صناعية متقدمة للمساهمة في تكوين وكالة فضاء فعالة.

كذلك من المهم دعم الصناعات العسكرية والالكترونية والصناعات المساندة في القطاعين الحكومي والخاص؛ فأي دولة تريد أن تؤسس برنامج فضائي لابد أن يكون لها قاعدة صناعية وتكنولوجيه قوية. وفي الواقع فإن جميع الدول التي يوجد لديها برنامج فضائي مستقل نجد أن بنيتها الصناعية والتقنية متقدمة نوعا ما. ولكن الكثير من الدول الآن يتعاونون مع بعضهم لتأسيس برنامج فضائي مشترك للاستفادة من الخبرات المشتركة وهذا حاصل مع دول الاتحاد الأوروبي. إن برنامج فضائي عربي أو إسلامي ممكن تحقيقه لأن دول مثل تركيا وماليزيا ومصر وإندونيسيا تحتاج لبرامج مماثلة ولكن ليس لديها القدرة المالية أو الأهمية الماسة لإنشاء برامجها المستقلة.

وفي الختام أشار د. مساعد المحيا إلى أن الغاية من وكالة الفضاء السعودية أن يكون هناك برامج عملية تفيد في المجال المدني والعسكري، وأن لا تكون من الجوانب التي يراد فيها صناعة “شو” محلي أو دولي فقط.. وربما تكون وسيلة لتسلق كثيرين وفرص ادعاء من ليس جديراً بذلك. الأمر الواجب هو أن نعنى بكل برنامج حقيقي يستفيد من تجربتنا عبر مدينة الملك عبد العزيز ويؤسس عليها ويستفيد من الخبرات السعودية وغير السعودية ذات الاهتمام بهذا المجال.

المحور الخامس

ما بعد التحول.. واقع المنشآت السعودية في بيئة العمل تجاه تمكين المرأة

الورقة الرئيسة: د. ريم الفريان

رؤية 2030 هي رؤية طموحة تعتزم خلق سعودية جديده ذات اقتصاد مزدهر، ومواطن طموح ومجتمع حيوي.

وتعتبر المرأة محط رعاية وتقدير واهتمام ملحوظ في جوانب الرؤية السديدة، وكجزء من هذا المجتمع بحثت فيما تشتمله هذه الرؤية عن نصف المجتمع وهي المرأة لأجد أن تمكين المرأة قد ورد في محور الاقتصاد المزدهر بلفظ المرأة تحديداً مرة واحدة فقط.

وجاء فيه زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل بمؤشر واضح ومحدد وهو “رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30%” لا سيما وأن نسبة البطالة بين الإناث هي أعلى من نظيرتها بين الذكور.

وقد توالت البشائر في القرارات والأوامر السامية الحكيمة المباركة لتمكين السيدات في القطاع الحكومي وتعيينات عديدة لسيدات في مجالس إدارات تمثل قطاعات مهمه في الوطن.

ومع هذه التطورات المتسارعة، كان لا بد من الوقوف على حقيقة تطبيق تمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في سوق العمل من خلال واقع منشآت سوق العمل، وهنا سعيت من خلال دراسة بحثية قمت بها تجاوباً مع ما تمليه الرؤية، وأتى البحث بالنتائج الأتية:

طبيعة البحث والأسلوب المتبع لتحقيقه:

اتبع البحث نمط الدراسة الموضوعية الاستقصائية من خلال تقصي ومتابعة ثلاث منشآت تنوعت بين القطاع الحكومي والخاص والغير ربحي، تم إجراء المقابلات مع كل من (قائد المنظمة / الموظفات / مدراء المشاريع) والاطلاع على الوثائق الخاصة بالمنشاة (محاضر / ملفات / وثائق تعود للموارد البشرية / بالإضافة لما تم نشره من أخبار في الصحف)، كذلك المتابعة ورصد حقيقة التمكين من خلال حضور الاجتماعات والفعاليات المقامة.

نتاج البحث:

تشير البيانات إلى أنماط للعاملين في المنشآت تجاه تمكين المرأة متمثل بـ:

• الداعم الحقيقي لتمكين المرأة.

• المدعي لدعم تمكين المرأة

• المناهض جهراً لتمكين المرأة

• غير المبالي بتمكين المرأة.

ويتضح من خلال كل فئة التالي:

1) فئة الداعم الحقيقي لتمكين المرأة:

– يصرح بأهمية تمكين المرأة وضرورة دعمها.

– يسعى جاهدا لتوظيف الكفاءات من الإناث.

– يحرص على اعتبار مشاركة الإناث في المشاريع ذو أهمية وإضافة نوعية لجودة المشروع.

– يبذل جهدا في زيادة عدد العقود التجارية المبرمة مع شركات ومؤسسات مملوكة او مدارة من قبل إناث.

2) فئة المدعي لدعم تمكين المرأة:

تتظاهر هذه الفئة من خلال التصريح بأهمية تمكين المرأة بأنها تدعم المرأة ولكن واقع حالها مغاير تماماً لما تصرح به حيث أنها:

– ليس لديها خطة أو نية لتوظيف الإناث في المنشأة.

– تتراوح المناصب القيادية الموكلة لإناث بين الندرة والإنعدام.

– الإناث ذوات المناصب القيادية في المنشأة تندرج في نوعين: الأولى “المزهرية” وهي تحوز مسمى وظيفي فقط دون أي دور في المنشأة، والثانية “المنسية حد الاضطهاد” وهي غير ممكنه من المشاركة في المشاريع الكبرى ولا إحداث أي تغيير يذكر على الرغم من كونها تمتلك الكفاءة والقدرة على ذلك.

– يميل هذا النوع إلى عدم إبرام عقود مع شركات ومؤسسات مملوكة إلا عند الحاجة الملحة أو توافق العقد مع منافع ومكاسب لا تحققها عقود أخرى.

– تتعمد أيضاً هذه الفئة إشغال الإناث من الموظفات بعداوات ونزاعات مختلقة مع أقرانهم من الموظفين أو فيما بينهم أو في أعمال غير مهمة.

3) فئة المناهض جهراً لتمكين المرأة:

– لا تخفي هذه الفئة وقوفها في وجه تمكين المرأة وتصرح علناً بعدم أهمية التمكين للمرأة.

– تتعمد تعطيل أو الحد من مشاريع تمكين المرأة وخلق المعوقات لذلك.

4) فئة غير المبالي لتمكين المرأة:

– لا تعلن هذه الفئة قبولها أو رفضها لتمكين المرأة.

– تعتمد على رأي الغالبية في تكوين نظرتها للموضوع حيث أن التمكين خارج إطار اهتماماتها.

– لا تسعى هذه الفئة لدعم تمكين المرأة ولا تسعى في ذات الوقت لتعطيله.

– تميل هذه الفئة لتطبيق القرارات المتعلقة بالمرأة كونها قرار رسمي.

التوصيات:

وبعد إعداد الدراسة اتضح الحاجة للتوصيات التالية:

1- أن يتم إعداد دراسة موسعة تعتمد الأسلوب الإحصائي ووفق المناطق الجغرافية.

2- إطلاق حملات وورشات عمل للتوعية ونشر ثقافة تمكين المرأة في كافة القطاعات.

3- دعم المنشآت الممكنة للمرأة وإبراز دورها في المجتمع.

4- العمل لإيصال الوعي بأهمية المرأة في المجتمع للأجيال الجديدة من خلال التعليم.

التعقيب الأول: م. خالد العثمان

ورقة د. ريم الفريان المعتبرة أجملت بناء على دراستها ما هو معلوم بالضرورة عن تصنيف مواقف شرائح المجتمع المختلفة من قضية تمكين المرأة حتى ولو يكن هذا التصنيف محل إقرار وقبول في المشهد العام الذي يتبنى مواقف مثالية في غالب الأحيان. في رأيي قضية تمكين المرأة هي إحدى القضايا التي يوظفها البعض للمزايدة والتباهي دون قناعة حقيقية تتمثل ممارسة فعلية على أرض الواقع. وتمنيت لو أن دراسة د. ريم قدمت بعض الأرقام عن نِسب التمثيل لكل شريحة من الشرائح الأربع التي حددتها حتى نَعي مقدار التباين بين التبني الحقيقي لهذه القضية، والتبني القائم على المصلحة الشكلية، والرفض الساطع والمواقف المحايدة منها. وإن كان التخمين مقبولاً في مثل هذه الدراسات فإنني أميل إلى أن الغالبية هي تلك الشريحة التي تنادي بالتمكين بشكل مظهري بحت، وتلك الرافضة له رفضاً ساطعاً. شاهدي على ذلك هو النتائج على أرض الواقع لمشاهد التمكين في كل الحالات التي تسنح فيها فرص جلية لتحقيق التمكين فإذا بها تمر مرور الكرام دون أن يتحقق هذا التمكين الذي ينادي به الكثيرون في حالة من النفاق الاجتماعي المريع. سأستشهد في طرحي بقضية قيادة المرأة للسيارة، وهي القضية التي شهدت جدلاً مجتمعياً طويلاً بين الرفض والحياد والقبول والمطالبة حتى أتى القرار الحكومي الرسمي السيادي ليحسم هذا الجدل ويحيله أمراً واقعاً مفروضاً على الجميع. مثل هذه القضايا الجدلية لن يحسمها الخيار الديموقراطي المجتمعي لأن المجتمع ببساطة تسيطر عليه مفاهيم هي أبعد ما تكون عن الديموقراطية الحقيقة. لذلك، فإنني مقتنع بأن القضايا الجدلية، ومنها قضية تمكين المرأة، لن يحسمها النقاش المجتمعي الموضوعي الغائب، بل القرار السيادي الحكومي الحاسم، ولو على سبيل التطبيق المرحلي الذي يؤسس لمرحلة من التغيير القسري لتمكين المجتمع من تجاوز مخاوف التغيير والتجديد خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة. في هذا المسار أرى أن تمكين المرأة يتطلب تدخلاً حكومياً يفسح له المجال بقوة القرار في مستويات عديدة، بعضها بدأنا نرى في تعيين قيادات نسائية في بعض الأجهزة الحكومية، وبعضها ما زلنا ننتظره عبر فرض كوتا نسائية في المؤسسات التي تشهد ممارسات انتخابية عجزت المرأة فيها حتى الآن من تحقيقي اختراق حقيقي، ومنها على سبيل المثال مجالس إدارات الغرف التجارية والهيئات المهنية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص. إن فرض كوتا نسائية يمثل استمراراً للنهج الذي اختطه الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله عندما أعلن قراره التاريخي بتعيين 20% من أعضاء مجلس الشورى من النساء، وهو القرار الذي يجب أن يكون نبراساً لممارسة تمكين المرأة من المشاركة في مختلف مستويات العمل في المؤسسات المختلفة. فرض الكوتا النسائية أمر سبقتنا إليه دول عديدة عاشت مراحل التغيير المؤدي إلى التمكين القسري الذي يعيد الحقوق إلى نصابها، ومنها دول مجاورة مثل الأردن ومصر ولبنان والعراق وغيرها. الكوتا وسيلة لتمكين المرأة من تجاوز العقبات المجتمعية المقاومة للتغيير حتى تنال فرصتها الكاملة لإثبات قدرتها على المساهمة الفاعلة جنباً إلى جنب مع الرجل في إدارة التنمية ومؤسسات المجتمع. وهي بالضرورة وسيلة مؤقتة قد تنتفي الحاجة لها بعد فترة من الزمن بعدما يتحقق التوازن المطلوب وتترسخ القناعة المجتمعية بقدرة المرأة على أداء الدور المنوط بها والذي تنادي وتطالب بفرصة حقيقية لإثبات قدرتها على أدائه بكل اقتدار. فهل إلى تحقيق ذلك من سبيل؟.

التعقيب الثاني: د. نوف الغامدي

حقيقة من التساؤلات المهمة التي تطرح علي في كل مرة أقف فيها كمتحدثة أو في اجتماع خارج هذا الوطن: ” ما الذي تغير في المرأة السعودية بعد هذه التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟! ماذا يحدث لديكم؟! نسمع الكثير من الأخبار ولكن هل هذا فعلاً يحدث؟! كيف غير قرار القيادة واقع المرأة لديكم؟! كيف تستطيع المرأة أن تنجح في مجتمعكم؟! “

والواقع أن هذه الاستفسارات هي نتيجة عدم وضوح تغيرات المجتمع المتسارعة مؤخراً بالنسبة لهم، وقد يكون السبب الرئيس هو القصور الإعلامي وعدم وجود قنوات تواصل مؤسسي لإيصال صورة المجتمع السعودي الحقيقية!

خلال رحلتي الأخيرة لـ واشنطن للمشاركة في مؤتمر القانون بالسعودية والشرق الأوسط مع جامعة جورج تاون، شاركت بورقة عمل عن رؤية المملكة في مجال الرياضة والترفيه والضيافة، وناقشت خلالها دور المرأة ضمن رؤية 2030 والتغيرات التي حدثت لصالحها.

وكانت البداية مع فتاة تعمل مع مايكروسوفت قابلتها على الطائرة من جدة إلى واشنطن بعد رحلة عمل لها في السعودية لمدة 3 أيام، وما لفت نظري أن الفتاة ارتدت الحجاب بشكل مبالغ فيه وما أن أقلعت الطائرة حتى تخلت عنه وهي توضح لي أنها مسلمة من أصول هندية لكنها غير محجبة مع العلم أنها درست في الأكاديمية بواشنطن وهذه أول زيارة لها للسعودية وكانت مرتبكة خلال إقامتها فهي لا تعرف ما هو حدود المسموح لها هنا، وسألتني عن الحياة اليومية وعن إنجازات المرأة والصعوبات التي تواجهها من واقع تجربتي؟! والحقيقة أنها تفاجأت أنني كنت أتحدث عن الواقع بصورة مختلفة عن توقعاتها وكيف أننا نعيش حياة طبيعية ونمارس أعمالنا والحياة لا تخلو من بعض المنغصات ولكنها أمور طبيعية تختلف من دولة لأخرى، فـ سألتني: هل هذا واقع حقيقي أم لطبقة معينة؟! بالطبع وضحت لها أن المرأة السعودية أنجزت الكثير والكثير وكانت شريكة للرجل ولها دور كبير ومؤثر في هذا المجتمع قبل أن تقود السيارة! وأن هناك الكثير من الرجال يدعمون المرأة وشركاء في نجاحاتها، وقد دعوتها لعشاء الاستقبال الذي حضره عدد كبير من السفارة السعودية والملحقية وقيادات من جامعة جورج تاون وأبدت إعجابها بما رأته من السعوديات على المستوى الثقافي والعلمي وتمثيلهن للوطن بصورة متألقة.

إن هذا الوطن عمل كثيراً بالشراكة مع أبناءه على تغيير إرث من العادات البالية والحواجز المجتمعية وخلال العام الماضي عمل بصورة جادة ونوعية على تمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً بالإضافة الى التمكين السياسي والدبلوماسي.

وفي كلمتي بجامعة جورج تاون ذكرت أن السعودية ليست دولة رائعه بلا أخطاء فقد نرتكب بعض الأخطاء هنا أو هناك ولكن طريق النجاح والتغيير دائماً تحت الإنشاء، والدولة والمجتمع والمرأة يعملون سوياً لتغيير هذا المجتمع وواقع المرأة إلى الأفضل لأننا نستحق الأفضل وليس لأن هناك من يجبرنا بمواقفه على هذا التغيير والحقيقة أننا نعود لوسطيتنا كما ذكر الأمير محمد بن سلمان وهذا ما كنّا عليه.

ذكرت في مقال سابق لي طالبت فيه بإنشاء “هيئة عامة لشؤون المرأة” أن العديد من البيانات أظهرت أن خُمس القوى العاملة من السعوديين العاملين في المملكة هم من النساء، وَتمثل هذه البيانات مفاجأة للكثيرين ممن يزعمون بأنّ المرأة السعودية لا تزال ذات مساهمة محدودة في اقتصاد المملكة. إنّ البطالة بين النساء السعوديات تصل إلى 33 بالمئة، وَ هي واحدة من أدنى النسب في العالم العربي، وَ ربما في العالم بأكمله، إلا أن هذه البيانات تعني أن المرأة السعودية لا يزال بوسعها أن تدخل الكثير من القطاعات وَ تستفيد من الطفرة الاقتصادية غير النفطية التي تنتظرها المملكة، والحقيقة أن المتابع للمتغيرات يلاحظ جيداً أنّ الدولة عند إعداد خططها التنموية تركز على تنمية الوعي بحقوق المرأة داخل المجتمع السعودي، وَتغيير النظرة التقليدية لدورها، وتهدف الهيئة إلى تمكين المرأة السعودية على كل المستويات وَ تساهم في تأسيس البنية التحتية لتمكينها وَ تعزيز القرارات وَ التشريعات المتعلقة بها خلال مرحلة التحول لمواكبة المتغيرات بشكل موازي وَالتنسيق مع كل الجهات لإدماج المرأة في المجتمع فهذا المقترح ليسّ جندرياً بل يهدف لإصلاح الخلل في تصنيف المرأة.

وإذا كانت المرأة نصف المجتمع، فماذا يحتاج هذا النصف لكي ينجح؟!. هل وجود رجل عظيم في حياة المرأة هو ضرورة، لدفعها نحو التقدم وتطوير الذات وبناء مستقبل وظيفي في جميع مجالات الحياة؟، كما ذكرت د. ريم كداعم؟. أم أن الرجل يقف عائقاً أمام نجاحها، حين تتخطاه وتسبقه خطوات واسعة في مجال عملها ومهنتها؟!، على حد رأي د. ريم كـ مناهض؟! أو مدعي أو غير مبالي؟! .

في كل الأحوال باتت المرأة تعرف أن دورها في هذا المجتمع لم يعد ثانوياً، بل هو دور مكمل وأساسي، لكنها تعرف أيضاً أنها كي تنجح في القيام بهذا الدور فهي تحتاج إلى أدوات وإمكانات، منها ما هو في متناول يدها، ومنها ما يتعين عليها أن تناضل وتجتهد للحصول عليه.

والواقع أن المرأة تصطدم بما يسمى بـ “السقف الزجاجي” في كل مجالات الحياة، الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، المهنية والأسرية، وهي نظرية غربية في علم الإدارة الحديثة، برزت في الثمانينيات، وتتمحور حول الحاجز المانع لتقلد المرأة المناصب المرموقة، القيادية، السيادية، وغيرها، باعتبارها امرأة رغم كفاءتها، أو تفوقها على الرجل في المجال ذاته، إلا أن اعتلاءها يصطدم بسقف وهمي شفاف غير معلن، أطلقوا عليه “السقف الزجاجي”، وبالطبع ههو “زجاجي”، فأي سقف يوضع للمرأة لن يكون إلا غير مرئي، لإيهامها بعدم وجوده، فإصرار النساء على تحدي الممنوع يفوق الرجال بكثير، ذلك بأن الرجل ممنوحاته واسعة واستحقها لمجرد أنه رجل، أما المرأة فعليها “واجب” إثبات كفاءتها مادامت تتنفس!.

من وجهة نظري، أن المرأة لا تتأثر بالعاطفة في قراراتها، والسقف الزجاجي ليسّ إلا “حجة واهية”، يتم الدفع بها لإقصاء دورها، فالمرأة السعودية كسرت “السقف الزجاجي”، الذي يحد من فرصها وأصبحت شريك مهم في تحقيق رؤية المملكة 2030، ومستقبل هذا الوطن، وشريك في صناعة التغيير، وبدعم من شريكها الرجل.

المداخلات حول القضية

أشار د. خالد الفهيد إلى أهمية طرح هذه القضية التي تأتي في ظل الحراك الحالي بهدف توطين المهن وعلى الأخص في القطاع الخاص. وتساءل هل تمكين المرأة يشمل السعوديات وغير السعوديات؟ مما يعني تسهيل إجراءات استقدام الخبرات النسائية أو أن التمكين يقتصر فقط على المرأة السعودية؟.

واتفقت د. ريم، مع م. خالد حول أهمية وجود كوتا لتمكين المرأة في المنشآت خصوصاً الكبرى منها، التي يمكنها توفير فرص عمل على جميع المستويات. وأهمية الجانب الإحصائي لدراسة مثل هذه الظواهر الاجتماعية.

كما اتفقت أيضاً مع د. نوف حول وجود سقف زجاجي وأحيانا يتحول الى جدار أسمنتي كلما ازدادت المرأة تمكن في مهاراتها وقدراتها المهنية وذلك ليس قصراً على المرأة السعودية. فحتى تصل المرأة القيادية لمرحلة في حياتها المهنية تحتاج فيها الأشخاص المؤمنين بتمكينها في مواطن صنع القرار، أكثر من الأشخاص المرشدين لها مهنياً، وقد تم طرح ذلك في كتاب لسلفيا هيو-وت Forget a Mentor Get a Sponsor .

وافقها في ذلك د. زهير رضوان بأن أكثر ما لفت انتباهه في هذه القضية ما طرحته د. نوف بخصوص السقف الزجاجي والمتمحور حول الحاجز المانع لتقلد المرأة المناصب المرموقة، وذكر أن وجهة النظر القائلة: أن المرأة لا تتأثر بالعاطفة في قرارتها والسقف الزجاجي حجة واهية؛ بينما يرى من وجهة نظره أن حجة السقف الزجاجي من توظيف النساء في المناصب التنفيذية والمرموقة ، إما أنها متعلقة بموضوع التحرش الجنسي وما يترتب عليه من إخلال لسياق العمل، أو إحتمالية الحمل والإنجاب وما يترتب عليه من فترة طويلة تنقطع فيه عن العمل، وبناء عليه تصبح المرأة في وضع صعب يحتم عليها اتخاذ قرار ما بين أن تستمر كونها أمرأة عاملة أو تنجب أطفال.

وأضاف أن هناك سقف زجاجي أيضاً للرجل لدينا في العمل، الأول سببه العنصرية، والثاني سببه تضارب المصالح الشخصية على حساب مصالح العمل. وبالتالي يفترض أن لا ينتابنا قلق بشأن تمكين المرأة فهذا سيتحقق مع الرؤية، ليس لأن ثقافة المجتمع تغيرت، ولكن لأن الحاجة للمرأة في سوق العمل ستكون ملحة للغاية في السنوات القادمة لدواعي التوطين من جهة، وبسبب التضييق على استقدام الوافدين وكلفة استقدامهم.

ولكي يتحقق التمكين فإن بعض القوانين التي تفرض على المنشآت والشركات في القطاع الخاص كمسألة الكوتا ستكون ضمن وسائل التمكين كما اشار م. خالد العثمان. كذلك فإن قضية تمكين المرأة تتعلق بمخرجات تعليم البنات، وهذا يستدعي فتح كثير من التخصصات الجامعية أمام المرأة حتى تنخرط بسوق العمل. أيضاً فإن خروج بعض العمالة الوافدة وخاصة في المهن المكتبية والمحاسبية سيفتح نافذة أخرى تساعد على تمكين المرأة. عدد كبير من الوظائف ستشغر وستملأها المرأة.

ويرى د. خالد الرديعان أن ما يفترض أن نقلق بشأنه هو الاقتصاد الوطني بشكل عام، فهل هو قادر على التوسع والتأقلم مع المستجدات والانظمة الجديدة؟. واتفقت معه د. وفاء الرشيد في أن التحدي والهم المقلق اليوم هو الاقتصاد الوطني بشكل عام.

وفي تقدير د. خالد الرديعان أيضاً، فإن المرأة جاهزة للانخراط بالسوق، وكذلك المجتمع، ويبقى دور القطاع الخاص بتهيئة نفسه لهذا الحدث وعدم التباطؤ في قبول المرأة طالما أنها تستطيع سد النقص في كثير من المهن وخاصة المكتبية والهندسية. كما أن هناك عدد كبير من المبتعثات سيغطي جزء مهم من الحاجة ويبقى على جامعاتنا تغيير بعض أنظمتها وتخصصاتها لتلتحق بها المرأة.

وأضاف د. الجازي الشبكي أن ملتقى أسبار في تقريره الـ 16، ناقش قضية قريبة من هذه القضية وهي: “المرأة في رؤية المملكة 2030”. ومن أهم ما تم طرحه بها من وجهة نظره رؤية المملكة الطموحة 2030 وبرنامجها التحولي، كي يحقق نجاحاً في إشراك المرأة السعودية بفاعلية في التغييرات الإقتصادية والإجتماعية التي تشهدها البلاد، عليه أن يُصاحب تلك التطلعات في الرؤية بالآليات التفصيلية والقرارات الداعمة لتحقيق التمكين الحقيقي للمرأة بمعالجات جذرية ودقيقة وشاملة بعيداً عن الحلول الجزئية أو التجزيئية المتناثرة من دون تكامل أو تنسيق أو روابط بين كل الجهات ذات العلاقة حكومية كانت أو قطاعاً خاصاً أو قطاعاً ثالثاً .

وهناك حاجة إلى خطط قوية لرفع مستوى وعي المجتمع بأهمية دور المرأة في المشاركة التنموية على مختلف الأصعدة، ورفع المستوى المهاري والثقافي والمهني للمرأة ببرامج جادة تتولاها الدولة بعيداً عن المعاهد والمراكز التجارية غير المؤهلة، كما أن هناك حاجة ضرورية لإشراك المرأة في مراحل صنع القرار في مختلف البرامج التنموية في المجتمع لإكسابها المزيد من الخبرات التي تدعم مؤهلهاتها التعليمية.

المنشآت بكافة أنواعها إذا تم دعم توجهاتها وخططها بقرارات سياسية، مع وجود مؤهلات نسائية ثرية المعرفة والخبرة، ومجتمع واعٍ مُدرِك، ستفتح مجالاً أوسع وأرحب لمشاركة المرأة وتمكينها بشكل تلقائي ودائم، وقد يكون من أسباب وجود مناهضة لتمكين المرأة من قبل بعض المنشآت، عوامل دينية أو أعراف أوعادات مجتمعية، وتستطيع الآليات الموجهه من قِبل الدوله والمـخططً لها تخيطيطاً سليماً توجيهها الوجهة الصحيحة، بالبرامج التوعوية الدينية والاجتماعية المرتكزة على المرجعية الشرعية، وهذا يتطلب من الدولة بذل الجهود مع الجهات ذات العلاقة لتصحيح النظرة للمرأة، وإعطائها الحق في أداء دورها الطبيعي في الحياة بالمشاركة مع الرجل، بعيداً عن الفتاوى المتجزأة المتناثرة هنا وهناك، وفق رؤية كل عالم أو طالب علم، كما حدث قبل أيام في موضوعي “العباءة وزيارة النساء للمقابر”.

وإذا كان رفض المنشآت لعدم الثقة في مؤهلات النساء وخبراتهن ، فهناك أيضاً آليات تفصيلية كان من المفترض على الرؤية والبرنامج التحولي إعطائها الأولوية. أما إن كان الأمر يتعلق بإجازات الحمل والأمومة وغيرها ..، فالاستفادة من تجارب الدول الاسلامية وغير الإسلاميه التي نجحت في تحقيق مشاركة للمرأة في العمل بقوانين وأنظمة مساندة للمرأة الأم، يمكن الاستفادة منها، ومن القوانين والأنظمة الدولية الداعمة.

وذكرت د. ريم الفريان، من النتائج الغير متوقعه خلال المقابلات أن السيدات أعطو تفسيراً لأسباب عدم تمكين المرأه من المناصب القيادية. فمن وجهة نظرهن تركزت الاسباب في العوامل الآتيه:

– أسباب دينية.

– خوف من أن تحصل السيدة على المنصب القيادي الذي يطمحون للحصول عليه نظرا للتوجهات الجديدة لتمكين المرأة.

– عدم الرغبة في تأهيلهن لتلك الفرص.

– عدم أهمية الفئات التي تخدمها السيدة (اذا كانت تخدم سيدات).

وأشار م. خالد العثمان إلى أن حديث د. الجازي عن تأهيل وتعليم المرأة ذكره بحوار حضر بعضاً منه في مناسبة سابقة حول ذات الموضوع.. الكثير من المتحفظين على مشاركة المرأة في العمل يتذرعون بضعف تأهيل المرأة عموما ونقص المعاهد والكليات العلمية والتطبيقية.. حينها طرحت تساؤلاً حول واقع ومصير وعدد السعوديات الحاصلات على شهادات في مجالات علمية من خارج المملكة سواء عبر برامج الابتعاث أو أولئك اللائي كن مصاحبات لأهاليهن في الإقامة خارج المملكة لأحد الأسباب المتعددة لذلك.. أذكر من هؤلاء مثلا د. هويدا الحارثي دكتورة العمارة المميزة الحاصلة على درجة علمية مرموقة من جامعات أمريكا وهي الآن رئيسة قسم العمارة منذ فترة في الجامعة الأمريكية ببيروت.. أليس عجيبا ألا تجد مثل هذه السيدة حظها من التمكين في بلادها ؟.

واعتبر م. حسام بحيري أن تمكين المرأة من العمل حق من حقوقها الأساسيه والشرعيه، ويعتقد أن أفضل وسيلة للتغلب على العقبات التي ممكن أن تواجهها هي سَن القوانين والتشريعات المطلوبة التي تؤكد على مساواتها في حق العمل، خصوصاً في القطاع الخاص والحكومي. بدون سن القوانيين المناسبه ستكون هناك عوائق مستديمه تحد من تمكنها.

وتساءل م. خالد العثمان ماذا عن الحوافز؟.. ففي مرحلة سابقة كانت المرأة تحسب بشخصين في برنامج السعودة، لكن هذا الأمر لم يعد مستمراً، لست موافقاً بالضرورة على هذا الإجراء لكنه يطرح نوعاً من الحوافز التي تدعم فرص المرأة في العمل في القطاع الخاص.. وهي بالطبع وسيلة أيضا لتوجيه هذا التمكين ليطال قطاعات معينة أكثر من سواها وتخصصات معينة أكثر من سواها.

وافقته في ذلك د. فوزية البكر بقولها: في الصفحة الاولي من جريدة الحياة اليوم دراسة توضح ان النساء السعوديات يعملن بنصف الأجور التي تعطي للسعوديين، أي أن كل عاملتين سعوديتين بعامل رجل. وأعاده الباحث إلي غرق السوق بالعاطلات عن العمل.

ولاحظ UMKurdi من دراسته لرؤية المملكة ٢٠٣٠ وجود وزارات وهيئات مكلفة بمتابعة أهداف الرؤية والعمل على تحقيقها، وتقديم التقارير حول تقدم العمل لتحقيق هذا الهدف. كما لاحظ عدم وجود أو عدم اهتمام من أي من الجهات الحكومية ببعض هذه الأهداف ومتابعتها له، ومن تلك الأهداف مشاركة القطاع الخاص بنسبة ٦٥٪‏ في الناتج القومي، ومنها مشاركة المحتوى المحلي بنسبة ٥٠٪‏ من احتياجات القوات المسلحة، ومنها كذلك ما يتعلق بمشاركة المرأة بـ ٣٠٪‏ في القوى العاملة، ولكن من الملفت عدم تكليف أي جهة حكومية بتحقيق هذا الهدف. وأضاف أن مساهمة المرأة في الرؤية منحصرة في نسبتها من القوى العاملة، مع العلم أن هناك جزء مهما لم يرى اهتمام الرؤية به وهو دور المرأة كمستثمرة وسيدة أعمال تمتلك وتدير إستثماراتها وشركاتها.

وفي تصور د. محمد الدندني، أن تمكين المرأة مهم جداً لأن طبيعة الحياه وطبيعة موازنتها أن يكون لها نصيب مثل ما لرجل في العمل والترقي إلى مراكز قيادية حسب الكفاءه. ولا أؤيد وضع كوتا لنساء فهذا تدخل في السوق وأمر غير طبيعي. ربما يتجاوز عنه في القطاع العام مع الحرص عَلى الكفاءه.

لا ننسى أنه في القطاع الخاص حتى الرجل يواجه تحديات إما من رب العمل وبالذات إن كانت شركه عائلية، أو أن تكون القياده أجنبية أو عربية. أي أن محاربة المرأة ربما تقع أحياناً تحت حرب العمالة الوطنيه رجل أو إمرأة.

وخلص إلى أنه يجب على المرأة أن لا تنتظر المساواة من بعض الرجال القياديين، وضرب مثلاً بما يحدث مع الأقليات حيث تجدها أكثر مثابرة وكفاح لكي تثبت وجودها. فما تحتاج المرأة وأقصده هو روح العمل والاصرار.

وأشار د. رياض نجم أن ما يُطمح إليه في نهاية نقاش قضية تمكين المرأة في بيئة العمل في المملكة إلى تفعيل هذا الهدف في تحقيق النمو الاقتصادي في المملكة، ويؤدي كذلك الى القضاء على بعض السلبيات القائمة في المجتمع. ويرى أن الخوض في أسباب عدم هذا التمكن في الماضي سيفضي إلى حل هذه الإشكالية.

ولا بد من وضع سياسات ضمن تنظيمات وزارة العمل تهدف إلى الإسراع في زيادة توظيف السعوديات في سوق العمل ووضع محفزات للشركات لتحقيق ذلك بشكل اكبر من توظيف السعوديين، مع وضع كوتا لتانيث (السعودة) في المشآت الكبيرة ، ولو لبضع سنوات ثم يلغى فرضها . ويتساءل لماذا توقفت وزارة العمل عن احتساب نقاط السعودة للإناث أعلى منها الذكور .

واختلف مع د. محمد الدندني، في اعتبار أن اقتراح الكوتا يعتبر تدخلاً في السوق، بل هو يرى أنه ضروري لمقاومة عوامل ثقافية وتاريخية تختزنها الثقافة المحلية، ولو لم يستخدم الملك عبدالله نظام الكوته الرسمي في دخول المرأة لمجلس الشوري لما أمكن للمرأة بأي حال أن تشكل ٢٠% منه حالياً وهي فاعلة وبجدارة كما يُرى سواء في الجلسات أو اللجان.

لذا يحتاج ذات النظام في القطاعين العام والخاص لمقاومة عوامل التعود والمناخ والثقافة الخ. كما يحتاج وكما ذكر المهندس أسامة كردي إلي أذرعة من داخل الرؤيا لمتابعة تحقيق تمكين المرأة كما هي الأذرع التي تتابع تحقيق أهداف الرؤيا والتحول.

كما أن التحديات التي يواجهها الرجل في القطاع الخاص لا يمكن مقارنتها بأي حال بالأوضاع التي تواجهها النساء، فتحديات الرجال هي جزء من تحديات سوق العمل، لكن يضاف للنساء هذه التحديات الثقافية والاجتماعية والتقليدية التي تقف ضد تمكينهن، كثيرات هن من درسن في مجالات غير تقليدية واضطررن للبقاء خارج البلاد أو القبول بالعودة وتجاهل التخصص.

وحول ذلك تؤكد د. عائشة الأحمدي عدم وجود إضطرار لوضع نسبة من المقاعد بحسب الجنس، إن التمكين يعني إعطاء كافة الاحتمالات لأن يشغل أي مكان في الدولة بأي جنس، وفقا لمعايير معينة، أما الكوته فهي فعلاً ليس للتمكين، إنما لكبح العوامل التي تحد من التمكين، أما التمكين، فيبدأ أولاً بالتشريع، من إلغاء الوصاية، لمنح الحقوق في النصوص، ومن ثم فرض استراتيجيات التمكين.

ويؤيد ذلك م. خالد العثمان بأن الكوتا لا تصح فعلا في القطاع الخاص ويصعب فرضها في الواقع.. لكن على الأقل يمكن البدء بمؤسسات المجتمع المدني والهيئات والجمعيات وغيرها.. ومنها الغرف التجارية والهيئات المهنية ومجالس الجامعات على سبيل المثال.

بينما د. فوزية البكر ترى أنه في الدول الديمقراطية هناك متابعة لتمثيل كافة مكونات الدول من أقليات بِما فيها النساء وفي كل قطاع فما الفرق؟، وبالتالي نستطيع فعل ذلك بإلزام أنفسنا بقليل من الشفافية والمتابعة متي امنا بحق المراة.

أجاب عن ذلك م. خالد العثمان واتفق معه خالد الرشيد بأن مجالس إدارات القطاع الخاص تمثل حقوقا مالية.. لا يمكن إقناع أحد بتبني كوتا من أي نوع فيما يتعلق بالحقوق المالية. إلا أنه يمكن وضعها بالاعتبار في التوظيف كأولوية اذا تكافأت القدرات.

وحول التمكين عامة، أوضح د. عبد الله الحمود أن المرأة السعودية أتيح لها العديد من الفرص والحقوق في أغلب مواقع العمل حكومية كانت او خاصة. تبقى أن تتوسع القاعدة مرحليا.

في حين أن د. فوزية البكر لا ترى ذلك لا في القطاع العام ولا القطاع الخاص، وضربت على ذلك مثالاً بوزارة التعليم، وهي الوزار ة التي تشغل المرأة فيها أكثر من ٨٠ بالمائة من وظائفها، وتساءلت ما عدد النساء ممن هن في المناصب العليا. ومثال حول عدد عضوات اللجان المهمة التي تصنع القرارات المالية والأساسية للمؤسسات كافة الخاصة والعامة.

وفي تصور د. محمد الدندني، فإن مثل مجلس الشورى بعيد عن القضية المطروحة، فلا يمكن مقارنة قطاع عام بالقطاع الخاص. بالإضافة لأسباب كثيره منها مرتبط بسياسة المرحلة، فليس هناك حاجة لأن تفرض كوتا ، فالفرص موجوده للشاب و الفتيات، ويمكن أن تكون ضمن برنامج المحتوى المحلي والذي يتبلور وسيصل إلى صفة برنامج وطني لطبيعة الأحداث والقرارات المتخذة إلى الآن والتي ستتخذ.

ودعا أن تكون القرارات تنظيمية ورقابيه من الدولة، وترك السوق يتفاعل حسب الظروف الجديده والتي هي في صالح المرأه و أيضاً الرجل.

وحول مفهوم التمكين في المجتمع السعودي أوضحت هند آل الشيخ، أنه مفهوم مربك، ويرتبط بالجو السياسي السائد الذي يشكل بدورة القبول أو الرفض الاجتماعي .

واتفقت مع د. ريم في أنه في كثير من الأحيان يتم إضافة العنصر النسائي للتحسين الشكلي. لكن الآن هناك انفراج كبير انعكس على توجهات متخذي القرار في القطاعين العام والخاص لتوظيف عدد أكبر من النساء، وليس بالضرورة تمكينهن. وفي ظل الرؤية والتزام المملكة بالمعاهدات الدولية وأهداف التنمية المستدامة نلمس التقدم في الاتجاه الصحيح.

أيضاً، اختلفت مع الطرح المتعلق بأهمية التركيز على الاقتصاد وليس تمكين المرأة، لأنه لايمكن الحديث عن الاقتصاد دون التطرق لكفاءة توظيف الموارد المتوفرة ومنهم قوة العمل النسائية. حيث لا يتصورالحديث عن تعظيم العائد من الاستثمار دون التطرق للمرأة.

وطرحت بعض الحلول يمكن تنفيذها من خلال عدة محاور:

أولا: جندرة الأنظمة والللوائح اي ان تكون مراعية للنوع الاجتماعي وتهدف لردم الفجوة النوعية

ثانيا: العمل الجاد على تغيير الصورة الذهنية لمتخذي القرار وراسمي السياسات العامة.

ثالثا: توفير البيئة المحفزة.

وذكرت أ. مها المنيف أن الحديث عن تمكين المرأه اقتصادياً وبسوق العمل والمناصب القيادية، هي أمور معتمده على قرارات الدولة والإرادة السياسية لتمكين المرأة، وذلك من خلال نظام الكوتا أو السعودة، او فتح مجالات عمل جديده للمرأة، الخ.. . لكن يبقى التمكين الاجتماعي للمرأه لتكون مستقلة بذاتها شأنها شأن الرجل وهذا بحد ذاته صعب لأنه يحكمه عادات وتقاليد ومفاهيم مغلوطة عن المرأه.

المرأه الآن متواجده أكثر بالفضاء العام بعد فتح مجالات عمل كثيرة لها في عدة وظائف، ولكن نرى التضييق الاجتماعي عليها من ناحية إلزامها بزي وحجاب معين، ووجود رجال مدراء عليها، مع تدريب مهني ضعيف جداً. بالاضافه إلى أن المعارضين على وجودها بالفضاء العام يضغطون عليها بالتحرش بها من أجل اخفاق مشروع الدولة في تمكين المرأة، لذلك فإن تغيير ثقافة المجتمع عن المرأه هو من أولويات التمكين.

وترى أ. مها المنيف، أن ما ورد من نقاش حول تمكين المرأة في القطاع الخاص يظهر بوضوح الفجوة بين الطرح الأكاديمي المنمق والذي قد يستعين بباحثين مصرين أو سورين لإنجاز العمل، وبين من يعمل في القطاع الخاص كمستثمر وصاحب عمل يصارع القوانين ويرتجي الكفاءات كل يوم لكي لا يغرق في هذا الوقت العصيب الذي نعيشه… سنوات طويلة مضت كان فيها التنظير هو السائد، وورقات العمل والمؤتمرات والكل ينتظر المكالمة الأهم ببشرى التعيين.

البشرى الحقيقية اليوم بأن الوظائف القيادية الحكومية اليوم أصبحت عبئاً ثقيلاً على منتظريها، لأن المحك هنا هو الانتاجية ( the meat ) وليس الاسم ولا الشعارات…

لا اتفق مع الكوتا كونها عنصرية ضد الرجل فكيف لنا أن نحارب من نتهم بالعنصرية بعنصرية مثلها. وأؤمن بأن الميدان مفتوح للجميع، وان يطلق الزمام للكل للعمل والتوظيف في جميع المراتب والمسميات، وبشرط ألا يكون هناك سقف زجاجي، وعندها فقط ستولد سوق صحية طبيعية لم تتم جندرتها ولا فلترتها.

وفي تساؤل جديد طرحه د. عبدالله بن صالح الحمود، حول الخطوات التي يمكن أن يجري من خلالها تغيير ثقافة المجتمع لكسب مزيداً من التمكين.

أشارت أ. مها المنيف. أنه لكي نغير أي ثقافه نحتاج إلى:

١. زيادة الوعي المجتمعي بصفة عامة عن قضية التمكين، مثل زياده الوعي بالثقافة الحقوقية، وزيادة الوعي بحقوق المرأه ، الخ..

٢. وضع تشريعات وقوانين تمنع التمييز بناء على الجندر.

ومانراه الآن من تغيير بسيط بثقافة المجتمع، كما هو الحال بالنسبة للموسيقى والترفيه والرياضة النسائية، خير دليل أن التشريعات والقوانين قـادرة على تغيير الثقافة السائدة.

وهو ما ذهب إليه د. خالد الرديعان وفوزية البكر، من أن المجتمع السعودي عصي على التغيير الذاتي أو الطوعي بسبب الوعي، وبالتالي فإن القرار الحكومي هو الذي يقود التغيير، وماعدا ذلك هرطقة سوسيولوجية.

وحول تساؤل د. عبد الله بن صالح الحمود، أليست السعودة تماثل (الكوتا)؟ ترى وفاء الرشيد، بأن الوعي والثقافة وقبول الآخر هو السبيل، كما أن فرض الكوتا سيواجه بعدم القبول من الطرف الآخر، ووصم المرأة بأنها توظفت لسبب جندري ليس أكثر.

وفي تصور د. خالد الرديعان، فإن الكوتا ضرورية على الأقل لعدة سنوات قادمة ريثما تتناسب مخرجات تعليم الفتاة مع متطلبات سوق العمل. كما أن الكوتا ستخفف من حدة القيود الاجتماعية والثقافية التي تحد من تمكين المرأة، وهي تعتبر عمل حكومي الهدف منه تفكيك ثقافة العادات والتقاليد التي تكبل المرأة.

وبالتالي يفترض العمل بالكوتا في المراحل الأولى ثم يترك الأمر للسوق الحر الذي يختار الأفضل بصرف النظر عن جنسه ويلفظ الأسوأ بنفس الطريقة.

وأشارت أ. مها المنيف، أن الكوتا هي ليست حل جذري ولكن حل وقتي إلى أن نستطيع ردم الفجوه الكبيره بين الجنسين. وهي آليه عمل أثبتت جدارتها في الدول الأوربية التي استخدمتها قبلنا.

والمرأه بالضغوطات الاجتماعية التي تواجهها في المجتمعات الشرقيه لن تنجح في المناصب العليا وخير دليل المرأه الخليجية التي دخلت انتخابات مجالس نيابية ولم تنجح. لذلك نحتاج الكوتا في الفتره الأوليه وبعد أن تثبت المرأه جدارتها تستطيع أن تتنافس على المناصب القياديه مع الرجل.

وبدورها ذكرت د. وفاء الرشيد تجربة حدثت في دولة النرويج عندما أجبرت الحكومة الشركات التي لا تلتزم بكوتا ٤٠٪ نساء على التسييل، فالذي حدث ان غيرت هذا الشركات سجلاتها إلى مؤسسات ومراكز لتغيير هيئتها الاعتبارية للهروب من النظام، والباقي فضل التسييل، وعندها تراجعت الحكومة، واليوم أصبحت تعد الأولى في المساواة بين أعداد الرؤساء التنفيذين في الشركات النرويجية بين الرجال والنساء.

دع ديناميكية السوق تعمل بصورة طبيعية وستخدمك عجلتها الاقتصادية، وبالمقابل ضع أي إصبع بهذه العجلة ستربك موازينها… كل ما نحتاجة هو قوانين واقعية وغير مربكة بجو عام صحي لا يسوده أي تشنج لأن المال جبان.

وأوضح د. خالد الرديعان أن هناك عدة سمات للمجتمع السعودي تجعله يتسم بمستوى من الجمود في مسألة قيمه ومعاييره، وما يتعلق بالمرأة على وجه الخصوص. وأورد بعضها على النحو التالي:

١- مجتمعنا (كلياني) بمعنى أن الذات الفردية تذوب في روح الجماعة؛ وبالتالي يصعب على الأفراد الخروج عن معايير الجماعة وعقلها الجمعي بسهولة. الإقصاء والنبذ واردان كعقوبة لمن يتجاوز خطوط الجماعة حتى لو كان الخروج مفيد اقتصادياً (كعمل المرأة في بعض المهن المدرة لدخول مرتفعة).

٢- قابلية مجتمعنا للقيادة وثقته بقيادته والاستجابة لها. ومن الأمثلة على ذلك العبارة الشهيرة (الشيوخ أبخص). فهذه العبارة تغني عن مؤلف كامل فهي منغرسة في الوجدان الشعبي. هذا يعني أن المجتمع لا يأخذ بزمام المبادرة مهما كانت مفيدة، لكنه يتفاعل معها إذا أتت بقرار من “الشيوخ”.

٣- حساسية قضايا المرأة لارتباط المرأة بما هو أوسع من تعليمها وعملها وأقصد بذلك (العرض والشرف والسمعة) وهذه قضايا مهمة يفترض أن لا نستبعدها من أي تحليل يتناول قضايا المرأة كالتمكين على سبيل المثال.

أخلص من هذه السمات أو الخصائص التي تسم مجتمعنا ألى أن قضية تمكين المرأة لن تكون عملاً إجتماعيا مهما قلنا غير ذلك. القضية هي تنظيم وقوانين وعمل حكومي دؤوب – على الأقل في المراحل الأولى – ريثما نضع أرجلنا بالسوق ويشتد عودنا وندرك مدى فوائد تمكين المرأة على المستوى الاقتصادي.

وأكد م. خالد العثمان أن الكوتا وسيلة مرحلية لفرض تجربة التغيير المقاوم للنمطية المؤدلجة إجتماعياً وثقافياً ضد مشاركة المرأة.. أكرر أنني أنادي بالكوتا في المؤسسات المدنية والمهنية وما في حكمها وليس في شركات القطاع الخاص المرتبطة بحصص الملكية.

بينما ترى د. نوف الغامدي أن الكوتا إذا تحولت لهاجس فستكون ضدها لأنها قد تؤثر على الكفاءة مقابل تحقيقها كما يحدث في نظام التوطين الذي تحول إلى مهمة إلزامية حتى وإن أتت على الكفاءة أو تحققت بسعودة وهمية فقط لتحقيق النطاق!.

وأضافت أنها تتفق مع استراتيجية التوازن الجندري والتعامل بشفافية وكفاءة، وضرورة بناء التحالفات بين القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لرفع الوعي بأهمية الإندماج الإجتماعي والفكر القيادي المبني على الكفاءة، مع التركيز على النساء في المناصب القيادية، والنساء في الميادين المتخصصة والتقنية، وتهيئة بيئة عمل تدعم التوازن بين الجنسين.

أما التطبيق فالأفضل أن يبدأ من الجهات الحكومية ثم مؤسسات المجتمع المدني والهيئات وصولاً للقطاع الخاص.

وذهبت د. عبير برهمين إلى وجوب فرض مبدأ الكوتة لضمان تمكين المرأة. على الأقل في المرحلة الراهنة، وفي المناصب القيادية الحكومية والوزارة والمجالس. بل إنني طالبت به في المجالس البلدية لتمكين المرأة ودورها فيه. ففي مجتمع كمجتمعنا يزع الله بالسلطان مالايزع بالقرآن. إلا أن هناك ظاهرة أشارت إليها د. ريم في ورقتها وهن من يطلق عليهن (المزهرية). كثير للأسف من السيدات يرتضين أن يكن في مناصب قيادية بالاسم ومجرد ديكور لا يحل ولايربط ولازم يرجع لمرجعية رجل البيت في كثير من الشؤون، وهذه موجودة في قيادات وزارة التعليم في مكة وفي كليات مختلفة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.

التوعية والتثقيف قد يجدي مع من ينتظرون الدعم والتحفيز، لكن المزهريات من السيدات وغير الداعمين الصامتين من الرجال ومن هم ضد تمكين المرأة ماذا يمكن أن يجدي معهم نفعاً؟؟.

وأوردت مقالاً لها مهماً حول: المرأة في المجالس البلدية.. بين الطموحات وسقف التوقعات!! (1)، وجاء فيه: ” بعد مرور عام ونصف العام على التجربة.. يبقى السؤال: نجاح أم فشل؟. وأردت فيه وصف عدد من السيدات التجربة النسائية في العمل البلدي، اللاتي أشرن إلى إيجابيت عددية نجمت عن دخول السيدات المجالس، والمشاركة في صناعة القرار مع الرجال، والتعبير عن هموم ومطالب نصف المجتمع، إلى جانب إثبات أهلية المرأة للعمل البلدي، وطالبن بتوسيع مستوى مشاركة المرأة لتمثل ثلث أو نصف عدد أعضاء المجالس من خلال العمل بنظام الكوتة.

وفي المقابل انتقدت بعض الأوساط النسائية تجربة المراة في المجالس البلدية، مشيرات إلى أنها ليست بذات أثر واضح، ولم تغير شيئاً في واقع الخدمات البلدية.

وأوردت د. عبير البراهمين قصة تعيينها هي وإحدى زميلاتها في المجلس البلدي بمكة المكرمة في دورتها الثالثة الحالية وقالت: واجهنا صعوبات جمه كان منها تهديدنا وترهيبنا ومحاولة إثناءنا عن المضي قدماً في عضوية المجلس من قبل مجهولين توصلوا إلى أرقام هواتفنا فور إعلان تشكيل المجلس. بل تعداه إلى حملات تسييس استغلوا فيه مشكلة جلوس المرأة على طاولة واحدة مع بقية الأعضاء في مجلس بلدي جدة وألبسوه لباس الدين لاسكاتنا. وللأسف قرار الوزير بعزلنا في غرفه منفصلة رغم عدم قانونيته طبقناه لكسب جولة أخرى من وجودنا كسيدات في المجالس البلدية.

كان نصب أعيننا أن نمهد الطريق لمن يأتين بعدنا لكي يكملن المسير وأخذنا على عاتقنا ملف تمكين المرأة والذي نعمل عليه حاليا وحتى نهاية فترتنا ان شاء الله بنشر الوعي الكافي للوائح وأنظمة المجالس البلدية ودورها و بحق الترشح والانتخاب وكيفية تمكين المرأة في المجالس البلدية والمطالبة بنظام الكوتة.

وأشار د. عبد الله بن صالح الحمود أن هناك من يتظاهرون بدعم المرأة وتقدمها ظاهرياً، وقد تستغل لمصالح شخصية ، ولكن في نهاية المطاف مازالوا يصنفونها في خانة الحريم. وتساءل: كيف يتم التعامل مع هذه التصنيفات والدكتورة ريم كان لها تغريدة بهذا الخصوص وهذا المصطلح .

أجابت عن ذلك د. عبير برهمين. كلمة (حريم) قيلت لنا في جلسة المجلس البلدي الأخيرة بمكة من قبل رئيس المجلس، فاعترضت عليها ورددت بقولي بعد مضي عامين من وجودنا أرجو أن تكونوا قد تعلمتم مسمى الزميلات – عضوات المجلس- الدكتورات. لأن كلمة حريم مكانها بيوتكم. الغريب أن هذه الكلمة قيلت في أحد مجالس الكلية أيضاً من قبل أكاديمي للأسف، ووقتها رددت عليه نفس الرد.

وأوضح د. عبد الله بن صالح الحمود أنه تم اقترح نظام “الكوتا” أو تخصيص حصص للنساء خلال المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، في بكين عام 1995، كآلية يمكن استخدامها كحل مرحلي لمشكلة ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية وعزوفهن عن المشاركة في مراكز صنع القرار، وللحد من الإقصاء وعدم تمثيلهن أو ضعف هذا التمثيل.

أكدت ذلك د. ريم الفريان، حيث أفادت أن في الاتحاد الاوروبي سعت السيدات لوضع كوتا ٤٠٪‏ على المناصب القيادية … لم تكن الكوتا فرض بالهدف. كما أن ٦٥٪‏ من خريجين الجامعات لديهم، هم من السيدات ولكن كانت المرأه لاتزال بعيدة عن الناصب القيادية وهنا يكمن وجه التشابه بيننا وبينهم عدد الخريجات اعلى من الخريجين.

أما موضوع “الميدان يا حميدان” الذي اقترحته د. وفاء الرشيد فهذا غير عادل لدينا، لأن ميدان حميدان أمام المرأه توجد فيه حفر وخنادق، أما ميدان الرجل فهو سلس ولا توجد فيه أي مشاكل، وفي بدايه الميدان يعطى الرجل حقيبة فيها كل ما يحتاج لهذا الميدان من علم وتدريب وخبرات، أما المرأه فتدخل الميدان دون حقائب أحياناً في بعض القطاعات، على سبيل المثال القطاع الهندسي … هل هناك جامعات تدرس الهندسة الكهربائية والكيميائية ….. الخ للسيدات؟.

انا مع التمييز الإيجابي المؤقت الذي يعالج ظواهر غير حضارية، ولنا في الشورى ومجالس إدارات الغرف دروس.

ورداً على من يقول ما الفرق بين السعودة وتمكين المرأة ، هاهي السعوده فرضت، ما الذي تغير. أشار د. محمد الدندني أن السعودة فرضت ولكن فشلت لعدة سنين لأنها تأتي من فوق وليست مبنية على أسس صحيحة. وأيضاً هناك فرق أن السعودة نظرياً للرجل والمرأه.

إذا مكنت المرأة بالأمر ونسب معينة فهل هذا حل للمشاكل الجذرية التي تعاني منها المرأة؟ وهل هو حل لكل النساء؟. أبداً لن يحل الأمر، كما أن سرعة التمكين لن تتحقق إلا بالتوطين المحلي الشامل للمرأه و الرجل. هناك عوائق لدى الجنسين منها ماهو مشترك ومنها ماهو خاص بالمرأة. لنعمل على تحسين وضع المرأة في القوانين والقضاء والحياة الاجتماعيه فهي جاهزة وعندي إيمان بأن المرأة السعودية قادرة وبتزامن مع فتح كل المهن للمرأة، وكذلك في الجامعات لدراسة كل التخصصات.

يجب أن نجهز البنيه التحتية المعنوية للمرأة والمجتمع عموماً قبل اتخاذ قرارات مثل الكوتا، ونعم القرارات السيادية أسرع وأنجع ولكن في أمور تنطيميه وقوانين تحمي مسيرة المرأه. سئمنا القرارات الرعويه ونريد أن يكون بعض التحول من أسفل إلى أعلى أو من الوسط إلى أعلى. كما أن المجتمع يتغير ويتقبل التغيير، ليس فقط لأن الإرادة السياسية تدخلت ولكن لأن الوضع السابق ولمدة أربعين سنة غير طبيعي وضد بناء دولة حديثة.

إجمالاً يجب أن يتزامن مع القرارات الإقتصاديه قرارات تنظيمية تجبر القطاعين على الشفافيه والإنجاز والإنتاج، ومعها تنطيمات رقابيه تحاسب من يخطئ أو ييتحايل من أجل تعطيل مسيرة التحديث والتحول.

وفي هذا الإطار ترى د. فوزية البكر أن الكوتا وحدها لا تكفي أبداً فلابد من بيئة تشريعية غير جندرية لتحقيق مزيد من التمكين؛ كما لابد من قرارات سياسية لوضع المرأة في مناصب قيادية كوزيرة ونائبة ة ورئيسة مجلس إدارة وكلية… وهكذا.

من جانبه ذكر م. خالد العثمان أنه لا يرى حصر التمكين في المناصب فقط. الأهم هو التمكين في العمل المؤسسي الجماعي، ومجالس إدارات الغرف التجارية والجمعيات المهنية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني هي البداية.

د. محمد الدندني

شكرًا أستاذ خالد. اعرف هذا ،،، هو نقاش جانبي ولكن ما قصدته هو هل لهذه الجمعيات او الهيئات الحقوق والواجبات المعروفة لدى النقابات.

وفي تصور د. حميد المزروع فإن التمميز الخفي ضد تمكين المرأة بسوق العمل محلياً ودولياً ربما يكون في تهرب أرباب العمل من إعطاء المرأة حقوقها المرتبطة بالأمومة والإنجاب، والذي يترتب عليه الإنقطاع عن العمل لفترات لا يفضلها قطاع المال والأعمال .

واتفق معه في ذلك د. محمد الدندني بأن أرباب العمل نسوا أنهن أخواتهم وزوجاتهم يحتاجون مراعاة دور الإنجاب والأمومة ،وهو منطقياً يحسب لها وليس عليها، ففي بعض الدول الاسكندنافيه يعتبر عمل المرأة كربة بيت عملاً في عجلة الاقتصاد الوطني وتأخذ راتباً عليه.

ورأى د. حامد الشراري أننا نخطوا في الطريق الصحيح لتكمين المرأة – وهو حقها- ومما يدلل على ذلك:

١- من خلال اطلاعي ومشاركتي في إصدار العديد من التوصيات ذات العلاقة بتمكين المرأة إبان عضويتي في مجلس الشورى.

٢- دُعيت الأسبوع الماضي من قبل إمارة القصيم – ومن ضمن اهتماماتي في مجالس شباب المناطق – لحضور الاجتماع السنوي لمجلس شباب منطقة القصيم، وما أثلج الصدر هو الإطلاع على مبادرة سمو أمير المنطقة الأمير د. فيصل بن مشعل بتكوين مجلس فتيات القصيم مناظر لمجلس شباب القصيم برئاسة سمو حرم الأمير، ليكنَّ شريكات في صناعة القرارات ذات العلاقة بقضاياهن.

إن اشراك الفتاة في صناعة القرار هي أحد المحاور الرئيسيّة للتمكين كما أشارت له د. ريم في توصيتها رقم (٥)..

٣- الأمر السامي بافتتاح كلية هندسة للبنات بجامعة الأميرة نورة.

وأشار د. عبد العزيز الحرقان أن تكلفة المرأة العاملة المتزوجة على رب العمل أكثر من الرجل، كما أن الرجل الموظف بحكم عدة ظروف هو الأقدر على التعلم واكتساب المهارات المطلوبة للوظائف العليا (غالبا).

من جانبها أكدت أ.علياء البازعي أنها تتفق مع هذا الرأي من جانب وتختلف من جانب آخر. تتفق أن الرجل ممكن أن يكون عمله أولوية ولا يناقشه بذلك أحد…و يتفرغ تماماً لذلك، أما المرأة إن كانت (زوجة/أم) فلا فطرتها ولا ظروفها تسمح بأن يكون العمل هو الأولوية. وأختلف تماماً في جانب أن الرجل أقدر على التعلم واكتساب المهارات المطلوبة سواء وظيفة عليا أم بسيطة.

في السياق نفسه أوضح د. عبد العزيز الحرقان أن الأمر لا يعني أن الرجل أقدر على التعلم، لكن توجد بعض العوائق، فمثلاً بعض الجهات الحكومية ترفض استقبال وفد أو لجنة عمل مشتركة فيها نساء، وبالتالي فهي لن تكتسب خبرات أو تبادل معلومات وتُكَوِّن علاقات عمل. وهناك بعض أولياء الأمور يرفضون تدريب بناتهن خارج السعودية أو خارج المدن، بالإضافة إلى أن بعض الأعمال تتطلب أحياناً الاختلاط، وترفض بعض الموظفات ذلك، فلا تتطلع على كامل مجريات العمل. واتفق مع هذا الرأي د. خالد الرديعان فهناك العديد من المعوقات الثقافية والاجتماعية التي تواجه المرأة ولا تواجه الرجل.

في حين يرى م. خالد العثمان أن الفروق الجندرية الاجتماعية والثقافية ليست قاعدة ثابتة بل ممارسة انتقائية متفاوتة التأثير ولا يصح البناء عليها قاعدة لأنها تتغير بتغير الظروف، فمثلاً: تقبل وجود المرأة في اجتماعات اللجان في مجالس الغرف وغيرها يشهد تصاعداً متواتراً بشكل كبير، قس ذلك أيضاً على حضور السيدات في المؤتمرات وغيرها ومنها منتدى أسبار الدولي، ففي الدورة الأولى كان جلوس السيدات خلف حجاب حاجز، وفي الدورة الثانية أزيلت الحواجز تماماً. هذا التغيير هو ما جعل مطلب تمكين المرأة أكثر قابلية للتحقيق وأكثر إلحاحاً من ذي قبل.

وفي تصور م. حسام بحيري فإن عالم العمل ذكوري بحت في جميع دول العالم تقريباً، ووضع العوائق أمام تمكين المرأة من العمل دائماً سيكون موجود. نحن ننظر لتمكن المرأة من العمل في العالم الغربي في وقتنا الحاضر ونجد أمثلة جيده كثيرة يمكن الاستفاده منها، ولكن مشوار عمل المرأة في الغرب كان دائماً مليئ بالتحديات، ولو رجعنا للتاريخ قليلاً سنجد أن مايقال عن المرأة في مجتمعنا اليوم للحد من تمكنها من العمل شبيه جداً بما كان يمارس في العالم الغربي في أوائل القرن الماضي.

في بريطانيا وأمريكا ودول اوروبا عندما دخلت المراه للعمل لم يكن بسبب حقها في العمل وإنما كان بسبب دخول هذه الدول في الحروب العالمية (دخول النساء في بريطانيا في الحرب العالميه الأولى وأمريكا وأوروبا في الحرب العالميه الثانيه) كان هناك نقص خطير في القوى العاملة المطلوبة لمساندة الإنتاج الحربي المطلوب توفيره من المصانع لأن معظم من التحقو بالجندية كانو من طبقة العمال الحرفيين والمهنيين والمزارعين من الرجال، وبعد الحرب عادت الأمور لما كانت عليه. في العشرينات الميلادية النساء في الولايات المتحدة لم تكن لهم نفس حقوق الرجال سواء في العمل أو التصويت، في عام ١٩٢٠م صدر التعديل التاسع عشر للدستور الأمريكي وأعطي لاول مره الحق للمرأة للتصويت فقط، وفي عام 1923م أعطي لها الحق لمساواتها في العمل أسوة بالرجال، ولكن لم يكن لهذه القوانين أي فعالية باسثناء حق التصويت، واستمر الوضع حتي الستينات الميلادية وظهور الحركات النسويه (Feminists Movement)، وخروج عدد من القوانين والتشريعات التي استمرت حتى السبعينات، والتي أكدت على حق المرأة في العمل، ومن هنا كان انطلاقها لتصل لمكتسباتها الحالية.

وباعتقادي، إن المرأة في السعودية أمامها مشوار طويل للحصول على حقوقها في العمل بشكل متساوي مع الرجال وسيطول مشوارها كثيراً في غياب القوانيين والتشريعات للحصول على حقوقها المطلوبه.

وأكد د. حميد المزروع أن الاختلاف بين الرجال والنساء في طرق التفكير وتقييم الامور الحياتية يذكره بما أثاره الدكتور النفسي “جون غري” في كتابه الشهير؛ (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة). ومن أبرز النتائج التي توصلت لها دراسته بأن الاختلاف بالطبائع والقدرات تبقي غريزية بين الرجال والنساء، بغض النظر عن فترة التعايش بين الجنسين، وأن كل جنس يمكن أن يتقن مهارات لا يستطيع أن يتقنها الجنس الآخر، وأن النجاح يكمن بالتكامل والاحتواء بينها.

وفي اعتقاد أ. عبد الله الضويحي فإن بعض ماتشير إليه الزميلات فيما يتعلق بإقصاء المرأة أو عدم السماح لها بالجلوس أو الدخول كان في زمن مضى حتى لو كان بضعة أشهر. الوقت الآن اختلف وأعتقد أن تلك صفحة طويت في كثير من المواقف ..

وفي محاولة للتوفيق بين الآراء المتناقضة في الحوار الدائر أشار خالد الرديعان إلى أنه يبدو وجود معوقات عديدة تواجه المرأة قد لانراها نحن معشر الرجال بحكم اعتيادنا على وجودها، وبحكم أنها جزء من ثقافة المجتمع. وبالتالي يفترض أن نضع ذلك في الحسبان وأن نشير إليها في توصيات القضية والخاصة بالتمكين.

ومن المؤكد أن لدى كل سيدة ما تقوله حول هذه المعوقات، ومؤكد أن هناك تباين بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في مسألة تذليل تلك المعوقات دون وجود (كود صريح) يحد من هذه المعوقات أو يعالجها.

وفي قضية “تمكين المرأة” كثيراً ما يتردد مقولة أن البطالة مرتفعة بين الذكور فلماذا نتحدث عن ضرورة عمل المرأة؟، ولماذا الآن وفي هذا الظرف؟. والحقيقة أن الفرص متاحة للجنسين وبلدنا تستوعب الجميع ذكوراً وإناثا؛ فإذا كان البلد يستضيف اكثر من ١٤ مليون وافد يعملون ويكسبون في مهن بعضها لاتحتاج مهارات عالية، فإنه لن يعجز عن استيعاب مليون مواطن ومواطنة في ظل التحول الكبير الذي نشهده.

صحيح أن هناك انكماش في بعض القطاعات لكن المستقبل واعد، والفرص ستكون أكبر، ومزيداً منها ستسنح. كل ماهو مطلوب هو الصبر لتجاوز المرحلة والخروج من الانكماش.

وفي تقدير د. مساعد المحيا ينبغي أن يكون حضور المرأة قائماً على معيارية الأفضلية والتميز والقدرة على الممارسة العملية بكفاءة عالية.

وأن لا يكون التمكين بغرض كسب بعض الدعاية أو الشو الاعلامي .. بل لا ينبغي أن تكون النخب مهرولة لتحقيق واقع ربما لا نجني منه سوى الدعاية الإعلامية والحضور أمام كاميرات القنوات الدولية أو مسؤولي الدبلوماسية الدولية ! .

شخصياً أصبحت أكثر إحباطاً من دخول المرأة لعدد من القطاعات سواء كانت مسؤولة عن إدارة هذا المجال أو العمل به. كثير من النماذج النسائية التي تسلمت مهمات أصبح كثيرون لا يرحبون بوجودها نتيجة عدم قدرتها على إدارتها على نحو سلس وفعال، ولدينا في الجامعة غالب الطالبات يشتكين من تسلط أو عدم تعاون أو مطالب غير نظامية أو لا تتضمن روح النظام.

لا أريد بهذا أن أستمطر غضب النساء لكني أؤكد على أن يكون التمكين مرتبطاً بالكفاءة والانجاز وخدمة المجتمع، وأن نتوقف عن الثناء المبالغ فيه حول ما تتسم به الموظفات اللواتي يتم تعيينهن، حتى يرى المجتمع منهن ما يثلج الصدر ويبهج. ومع أني أتفهم حماس المرأة لوجود النساء وانتشارهن في مختلف المواقع، لكني أتطلع أن تكون نظرة النخب الثقافية بعيدة جداً عن التصفيق أو التأييد المطلق، إذ حري أن يدور ذلك مع قدرة وكفاءة المرأة التي يتم تعيينها وكفاءتها في خدمة المجتمع.

وترى د. نوف الغامدي أنه ليس من العدل أن نحكم من تجارب شخصية فردية ونعممها على جميع الأقسام النسائية !!!. الحقيقة تعاملت مع الكثير منهن ومن تجربتي كانت تجارب متعددة رائعه وبعضها غير جيد لكنها محدودة، وفِي المقابل نفس الشيء حدث مع تجارب رجالية، فمازلت الأخطاء الشخصية وعدم الحكم المحايد والموضوعي على الأمور من العوامل التي توضع في أولويات خطط المخاطر على مستوى العالم لأنها تنطبق على الجميع ومتكررة.

الحقيقة أنظمتنا قديمة وتطبيقها ليس ذنب العاملين سواء رجال أو نساء، والحكم هنا على التدريب والتطوير كحالات فردية لا أنثى ورجل.

واتفق في ذلك د. الجازي الشبيكي حيث أنه لايمكن التعميم من خلال بعض التجارب الشخصية، فلو حكى كلٌ عن تجاربه مع البيروقراطية المُعطٍلة للعمل في الجهات الحكومية من الجنسين، لربما وجدنا مالا يعد من تلك المآسي.

في حين أن أ. فاطمة الشريف اتفقت مع ما ذهب إليه د. مساعد من أن الأقسام النسائية في بعض الجهات هي نموذج سيء جداً لعمل المرأة وتمكين المرأة ولايليق بأن يقدم كتجارب نسائية، تستطيع المرأة النجاح مثل الرجل وأعتقد أن الطريقة الأمثل لضمان هذا النجاح هو المساوة في الفرص دون تمكين أحد الجنسين على الآخر فقط تمكين الإنسان الكفؤ المناسب للمنصب.

عقبت د. نوف الغامدي على ذلك بقولها: أعتقد أن الأقسام النسائية في العديد من الوزارات الحكومية تفتقر للصلاحيات اللازمة، جرّاء المركزية في اتخاذ القرارات، وهذا بسبب سيطرة الإدارات الرئيسيّة، فكيف نمكن بلا صلاحيات ومركزية عالية. لذا أدعو للتمكين وتأهيل القيادات. كما أدعو المرأة في ظل قيود اجتماعية وثقافية للتطوير والمنافسة وإثبات كفاءتها في ظل هذه التحديات.

وأرى أيضاً أن تمكين المرأة في العمل الخيري من الموضوعات المهمة، فهناك ثلاث معوقات تقابل المرأة في العمل التطوعي منها معوقات إدارية تنظيمية، ومعوقات مالية، ومعوقات بشرية.

فالمعوقات الإدارية التنظيمية تنحصر في:

– عدم وجود لوائح واضحة تؤطر العمل النسائي التطوعي ومازال العمل التطوعي للمرأة غير واضح.

– لا يوجد مراكز بحث تمد النساء بنماذج محتذاة تساعدهن على الإبداع.

– ضعف اللقاءات والملتقيات النسائية التي ترتقي بالعمل الاداري النسائي.

وبالنسبة للمعوقات المالية: فأكثر المانحين للعمل الخيري هم من التجار ورجال الأعمال، ويصعب على المرأة التواصل معهم أحياناً، فبالتالي لا تستطيع أن توجد كل الدعم المادي الكافي لما تقدمه من أعمال.

وأخيراً المعوقات البشرية وهي تنحصر في:

– اختلاف الخصائص الاجتماعية من منطقة لأخرى قد يمنع النساء من الأعمال التطوعية التي تقوم المرأة بها بنفسها.

– العامل التجريبي، ويتمثل في عدم وجود مدربات يستطعن أن يطورن العمل، فما زالت القيادية قليلة وشحيحة، وهو معوق كبير للعمل النسائي الخيري.

– تشجيع المرأة ضعيف على العمل التطوعي، وما زال الميدان النسائي لم يبرز فيه قيادات نستطيع أن نسميها النموذج الذي يحتذى.

ومن وجهة نظر د. خالد الرديعان فإن العمل الخيري التطوعي عادة يقوم به رجال؛ وبالتالي قد يتحسس بعضهم من وجود المرأة بجواره في هذا الميدان، لكن تظل أبواب العمل التطوعي كثيرة.

التوصيات المقترحة

– أن التمييز الايجابي المؤقت سيساهم في تغيير ثقافة المجتمع وسيعطي السيدات فرصه اكبر لكسب الخبرات القيادية من خلال كوتا على مجالس الادارات والمناصب الوظيفية القيادية في المنشآت.

– أن تكون الكوتا هدفا تدريجيا وليس فرضا على المنشآت.

– الاعتناء بمخرجات التعليم بحيث يتم تمكين الفتاة من دراسة التخصصات الجامعية التي يحتاجها سوق العمل.

– وضع كوتا للتمثيل النسائي في مجالس إدارات الهيئات المهنية والغرف التجارية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني .

– وضع نقاط إضافة في برنامج نطاقات لتحفيز توظيف الفتيات في الوظائف المتوسطة والقيادية والفنية في القطاع الخاص .

– سن القوانين التي تكفل للمرأة حقوقها الشرعية والمدنية، وتغلق باب الاجتهاد والاختلاف حول ذلك .

– توفير المظلة الرسمية للمبادرات النسائية التي تعمل على تفعيل دور المرأة في الشأن العام لاسيما مؤسسات المجتمع المدني .

– تضمين مهارات القيادة وحل المشكلات والتفكير النقدي للطلبة في جميع المراحل التعليمية ذكورا وإناثا .

– إن التمييز الايجابي المؤقت سيساهم في تغيير ثقافة المجتمع وسيعطي السيدات فرصه أكبر لكسب الخبرات القيادية من خلال كوتا على مجالس الإدارات والمناصب الوظيفية القيادية في المنشآت.

– أن تكون الكوتا هدفا تدريجيا وليس فرضاً على المنشآت.

– الاعتناء بمخرجات التعليم بحيث يتم تمكين الفتاة من دراسة التخصصات الجامعية التي يحتاجها سوق العمل.

– وضع كوتا للتمثيل النسائي في مجالس إدارات الهيئات المهنية والغرف التجارية وغيرها من خؤسسات المجتمع المدني .

– وضع نقاط إضافة في برنامج نطاقات لتحفيز توظيف الفتيات في الوظائف المتوسطة والقيادية والفنية في القطاع الخاص .

– سن القوانين التي تكفل للمرأة حقوقها الشرعية والمدنية، وتغلق باب الاجتهاد والاختلاف حول ذلك .

– توفير المظلة الرسمية للمبادرات النسائية التي تعمل على تفعيل دور المرأة في الشأن العام لاسيما مؤسسات المجتمع المدني .

– إلزام المؤسسات الرسمية ومؤسسات التعليم العالي بتطبيق نظام الكوتا لضمان تمثيل مناسب للمرأة في المناصب القيادية وفِي اللجان الرئيسة .

– تضمين المناهج التعليمية العليا للدراسات الخاصة بالمرأة .

– تضمين مهارات القيادة وحل المشكلات والتفكير النقدي للطلبة في جميع المراحل التعليمية ذكورا وإناثا .

– منع التمييز بين الجنسين في اماكن العمل ، فيما يخص طبيعة كل مهنة ، والمكافآت والامتيازات والترقيات الخاصة بها ، بإستثناء مافيه نص شرعي واضح لايحتمل التأويلات.

– إيجاد هيئة او لجنة تابعة للرؤية تهتم بمتابعة التوصيات المختلفة لتمكين المرأة .

– تشكيل مجالس لفتيات المناطق أسوة بمجالس شباب المناطق ليساهمن في صنع القرارات التي تعالج قضاياهن ويشاركن في تنمية مَناطقِهن .

– تحفيز المنشآت التي تمنح فرصاً تمكينية أكثر للمرأة بجوائز تقديرية من الدولة مع الأولوية لدعم مشاريع تلك المُنشآت .

– الاعتراف بأهلية المرأة الكاملة في تولي أمورها ومعاملاتها خصوصا السماح لنفسها بالسفر دون إذن من الآخرين، مع سن التشريعات التي تكفل لها حقوقها الشخصية لدى كافة مؤسسات الدولة.

المشاركون في مناقشات هذا التقرير:

(حسب الحروف الأبجدية )

د. إبراهيم إسماعيل عبده (مُعِدّ التقرير)
د. إحسان بو حليقة
م. أسامة كردي
أ. آمال المعلمي
د. الجازي الشبيكي
أ. جمال ملائكة
د. حامد الشراري
د. خالد الرديعان
د. خالد الفهيد
م. حسام بحيري
د. حسين الحكمي
د. حميد الشايجي
د. حميد المزروع
م. خالد العثمان (رئيس الهيئة الإشرافية على ملتقى أسبار)
د. خالد بن دهيش
أ. د. راشد العبد الكريم
د. رياض نجم
د. ريم الفريان
د. زهير رضوان
د. زياد الدريس
م. سالم المري
أ. سمير خميس
أ.د صدقة فاضل
د. عائشة الأحمدي
د. عبدالرحمن الشقير
د. عبدالعزيز الحرفان
أ. عبدالله الضويحي
د. عبد الله بن صالح الحمود
د. عبير برهمين
أ. علياء البازعي
اللواء د. علي الحارثي
أ. فاطمة الشريف
د. فهد الحارثي
أ.د. فوزية البكر
د. محمد الملحم
أ. محمد الدندني
د. مساعد المحيا (رئيس لجنة التقارير)
د. مشاري النعيم
د. مها المنيف
أ. مها عقيل
د. نوف الغامدي
أ. هادي العلياني
د. هند آل الشيخ
د. هند الخليفة
د. وفاء الرشيد
د. يوسف الرشيدي
[1] – المصدر: http://www.alarabiya.net/ar/aswaq/economy/2017/09/28/ هل-تؤثر-ضريبة-القيمة-المضافة-على-إنفاق-الخليجيين؟.html

[2] – المصدر: https://www.google.com/amp/www.albayan.ae/across-the-uae/news-and-reports/2017-12-21-1.3138240%3fot=ot.AMPPageLayout

Scroll to Top