أثر المعلومات في البيئة الكونية: الكون الاتصالي

إعداد: بيان القاضي

المقدمة

تعتبر المعلومات نموذج لما ينبغي أن يكون عليه العلم الناجح. إنه يقدم الأساس لكل العلوم الطبيعية والإحيائية، لأن جميع المواد التي هي من حولنا، بما في ذلك الكائنات الحية، قد خُلقت من الجسيمات الأساسية المحتوية على المعلومات. تسمح المعلومات الكمية بناءً على برمجتها للجسيمات بإجراء تفاعلات منتظمة ومضبوطة بواسطة قوى أساسية محددة ودقيقة، وهو ما نطلق عليه “علم الفيزياء”. بدءاً من الجسيمات دون الذرية كالكواركات وتقلبات الفراغ وصولاً إلى الكون اللامتناهي في الكبر كالمجرات والنجوم والثقوب السوداء. إن المعلومات ليست مجرد وصف لكوننا والأشياء فيها، بل تتعدى ذلك لتكون أمراً جوهرياً في الوجود، وقد أطلق المنظر بول ديفيد على المعلومات مصطلح ” القاعدة الوجودية للواقع”  “ontological basement “.كما يقول أرنسون” إن القول بأهمية المادة والطاقة في الفيزياء هو تماماً كقول شيء ما بوجود المحتوى” …” يمكن تخيل الكون فارغاً من المادة والطاقة، بعدئذ يأتي من يدعي أن الكون مزود بهما ، ويميزها عن بقية الأكوان الممكنة الأخرى…على الرغم من ذلك لا يمكن تصور الكون بدون معلومات حتى لو كان فارغاً من المادة والطاقة”. (بيكر،2014).

بعد هذا الاستعراض يحق لنا أن نتساءل عن ماهية المعلومات؟ وكيف نشأت؟ وما علاقة المعلومات ذات الوجود الفيزيائي بعلم الاتصال؟ وهل يمكن إيجاد مقاربة وثيقة الصلة بين الكون والاتصال والفيزياء بما فيها نظرية ميكانيكا الكم؟

إن كلمة المعلومات تستدعي إلى الذهن صورة أجهزة الكمبيوتر والأقراص الصلبة والإنترنت فائق السرعة، وعلى أي حال، فظهور أجهزة الكمبيوتر وازدياد شعبيتها صار يعُرف الآن بثورة المعلومات، إذ يعد الكمبيوتر أحد التجليات البسيطة جداً لنظرية المعلومات، وبينما تحدد تلك النظرية الكيفية التي تعالج بها أجهزة الكمبيوتر، فإنها تقوم بما هو أكثر من ذلك بكثير، فهي تحكم سلوك الأجسام، وتخبرنا بطريقة تفاعل الذرات بعضها مع بعض، وبكيفية ابتلاع الثقوب السوداء للنجوم، كما تصف قوانينها طريقة بناء الكون وفنائه. وحتى لو لم يوجد شيء كالكمبيوتر، فإن نظرية المعلومات ستبقى أعظم ثورة في فيزياء القرن العشرين.

نظرية المعلومات

تعتبر قوانين الديناميكيا الحرارية، والنظرية النسبية، ونظرية الكم، في حقيقتها نظريات للمعلومات، حيث أن مفهوم المعلومات يجمع كل هذه النظريات في بوتقة واحدة قوية. تكتسب نظرية المعلومات أهميتها من كون المعلومات مادية، وليست مجرد مفهوم تجريدي، لا مجرد حقائق أو أرقام أو أسماء أو تواريخ، إنها الخاصية الصلبة للمادة والطاقة، والتي يمكن قياسها وتقدير كميتها. إن كل بت حقيقية مثل وزن قطعة رصاص أو مقدار الطاقة المختزن في رأس نووي. وكما في الطاقة والمادة تتحكم عدة قوانين فيزيائية بالمعلومات، وتحدد الطريقة التي تتصرف بها، كطريقة تناولها ونقلها ومضاعفتها أو تدميرها. وكل شيء في الكون يتشكل بالمعلومات التي يحتويها. لقد وُلدت المعلومات من الفن القديم لإنتاج الشفرات وتفكيكها، ومن ثم تطورت بتطور العلم، إلى أن غيرت مجال الاتصالات، وقامت بتعبيد الطريق أمام الكمبيوتر، ومن بعدها توالت الإسهامات العلمية، فخلال عقد من الزمن بدأ علماء الفيزياء وعلماء البيولوجيا في إدراك أن أفكار نظرية المعلومات لها بصمات علمية تفوق حدود الكمبيوتر والشفرات، فقاموا بتفسير العالم تحت الذري وأشكال الحياة على الأرض كافة بل الكون بكامله. كل كائن على الأرض مخلوق من المعلومات، فالمعلومات تقبع في مراكز خلايانا، وتتحرك بسرعة في ثنايا أدمغتنا، وبالمثل كل جسيم في الكون، كل إلكترون، كل ذرة، وكل مالم يتم اكتشافه بعد معبأ بالمعلومات، تلك التي يمكن نقلها ومعالجتها وتبديدها أيضاً. كل نجم وكل مجرة في الكون معبأ تماماً بالمعلومات، التي يمكنها الإفلات والارتحال والتدفق والانتقال دائماً من مكان إلى مكان في أرجاء الكون.(سايف، 2012، ص 18-19).

علم المعلوماتية

انطلقت بدايات اعتراف كبار علماء الفيزياء بالمعلومات كمكون جوهري في بناء الكون يسبق وجود الطاقة والمادة، فقد قام عالم الرياضيات كلود شانون، في أربعينيات القرن العشرين، بنشر أبحاث لاكتشاف طرق أكثر فعالية لنقل المعلومات وتشفيرها، عبر وسائط النقل، وخلال أبحاثه تساءل شانون عن معنى المعلومة في أبسط صورها، ماهي المعلومة المجردة؟ بعد إزالة كل ما هو متعلق بها من مكملات مثل اللغة والبنية النحوية والمعاني والدلالات وغيرها من إضافات ثانوية، وهل يمكن إيجاد معادلة نقيس بها كمية المعلومات التي تحتويها أي رسالة؟….وبعد مضي فترة من العمل الدؤوب، توصل شانون إلى فكرة بسيطة مفادها أن الهدف من أي رسالة هو إزالة الالتباس لدى الطرف المستقبل للرسالة ، فكلما زاد محتوى الرسالة من المعلومات، قلت درجة الالتباس بدرجة أكبر عند متلقيها، وبالتالي فإن المعلومة الصحيحة ما هي إلا مرشح للالتباس لدى الطرف الآخر، وعليه استنتج شانون أنه لو تمكن من وضع صيغة رياضية لقياس درجة الالتباس ومعدل تغيره، سيتمكن تالياً من تقدير كمية المعلومات التي تحتويها أي رسالة، لأن العلاقة بين المعلومات والالتباس تكاملية. منطلقاً من هذه الفكرة، استخدم شانون نظرية الاحتمالات وعامل رياضي يُعرف بـــــ “عامل المفاجأة”. عامل المفاجأة هو قيمة نقدر بها مقدار المفاجأة لاحتمال وقوع حدث ما، فكلما كان احتمال وقوع الحدث ضعيفاً، كلما كان عامل المفاجأة في أعلى قيمة، والعكس صحيح. وبالتالي توصل شانون إلى صيغة المعادلة الرياضية التي يمكن استخدامها لحساب كمية المعلومات في أي رسالة، ووضع وحدة لقياس المعلومات سماها بالخانة الثنائية، اختصاراً “بت”. وأطلق على معادلته اسم “الإنتروبية”،”الإنتروبية المعلوماتية”، ” إنتروبية شانون”، فالرسائل التي تحمل في طياتها معلومات أكثر، تكون قيمة إنتروبية شانون منخفضة، لأنها تحمل نظام أكبر وعشوائية أقل، في حين أنه كلما كانت الرسالة عشوائية أكثر وتحمل محتوى معلوماتياً أقل، كلما ارتفعت قيمة الإنتروبيا. لأن الإنتروبيا تعبر عن الفوضى. كما يعطي فيدرال ميزتين مهمتين للمعلومات: قيمة المفاجأة، وحقيقة أن للمعلومات قيمة مضافة، مما يعني أن المعلومات الإجمالية الواردة في اثنين، ثلاثة، أربعة، أو مليارات الأحداث غير المترابطة تساوي مجموع قيمة المعلومات كل على حدة. وبذلك أسست الورقة البحثية التي نشر فيها شانون نتيجة بحثه عن الإنتروبية المعلوماتية فرعاً جديداً من العلوم قائماً بذاته، أصبح يعرف بعلم المعلوماتية. وقد فتحت هذه المعادلة ” الإنتروبية المعلوماتية” الباب على مصراعيه لكشوف علمية أخرى في مجالات عدة كعلم الأحياء، وعلم الكونيات والفيزياء.(بيكر ،2014)

معالجة المعلومات

* لمست نظرية المعلومات علوم الكمبيوتر وعلوم الفيزياء الفلكية، وقد تبدو لوهلة حقولاً متباينة، لكنها في الحقيقة تشترك برابط عميق، يتجلى بواسطة حجر كوني رشيد، وثقب أسود*.

*كان لايبنز العالم الألماني أول من طرح فرضية الكون-المعلومة في القرن السابع عشر قبل 250 سنة على ظهور المعلوماتية ولغة الرياضيات الحاسوبية، وقد ألهمت أفكاره وآراؤه علماء الفيزياء والرياضيات المعاصرين، وعلى رأسهم آينشتاين- تقول الفرضية ” وُلد الكون المرئي من طوفان معلوماتي مشفر ومركز في مصدر واحد سُمي بالنقطة صفر”. فقد يكون الكون مجرد حاسوب هائل بحجم الكون المرئي الحالي، ويمكن تفسير كل ما يدور فيه كمعالجة للمعلومات، حيث يبدو أن ظهور الجسيمات الأولية كان من حروف أو كائنات معلوماتية حاسوبية في عالم افتراضي غير مادي قبل “الانفجار العظيم”. ويعتقد فلاتكو فيدرال أن معالجة المعلومات هي أساس كل شيء في الوجود. فالمعلومات لها مكانة خاصة في ميكانيكا الكم، مبدأ عدم اليقين الذي ينص على أنه لا يمكن معرفة كمية حركة جسيم وموضعه في آن واحد. واستناداً إلى المعلومة والتشابك الكمي، تتشارك الكائنات الكمية الخصائص، وتتبادل المعلومات بغض النظر عن مقدار المسافة المادية بينها. وتأسيساً لما سبق يمكن اختزال أي عملية في الكون إلى تفاعلات بين الجسيمات، والتي تنتج إجابات ثنائية نعم أو لا، هنا أو هناك، أعلى أو أسفل. وهذا لا يعني أن الطبيعة في مستواها الأكثر رقياً هي تقلبات ثنائية أو بايتات، تماماً كجهاز حاسوب. ونتيجة هذه التقلبات -التي لا تعد ولا تحصى-يتجلى لنا إعادة ترتيب وتفاعلات الذرات، أو بمعنى آخر إعادة رسم الواقع. ولو كان بمقدورنا أن نبحث بعمق داخل هذه العملية لوجدنا أن الكون يتبع قانوناً واحداً فقط، عملية معالجة معلوماتية وحيدة لبناء الكون، وفقاً لما أدلى به إد فريدكن من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT .

وطبقاً لما سبق يمكننا أن نستخلص أن الكون عبارة عن حاسوب كمومي عملاق، مستنداً إلى مفهوم الاتصال بخصائصه التفاعلية والتشاركية وعملية تخزين ومعالجة المعلومات. وتدعم هذه الفكرة ملاحظة تجريبية، ففي عام 2008م، التقط جهاز كشف موجات الجاذبية “الجي آر أو 600″ في هانوفر، ألمانيا، إشارة غريبة تشير إلى أن الزمكان مجزأ إلى بيكسلات، وهذا ما يمكن توقعه من كون هولوغرافي، فالواقع الثلاثي الأبعاد ما هو إلا إسقاط للمعلومات المشفرة على سطح ثنائي الأبعاد الذي يمثل حدود الكون. حيث يرى علماء فيزيائيين أن الكون كله يمكن أن يحتفظ بالمعلومات في حدوده، ما يعني أن واقعنا يمكن أن يكون إسقاطاً لتلك المعلومات في الفضاء، وبالتالي فهو صورة هولوغرافية مجسمة.

من هذا المنطلق تولدت نظرية فيزيائية جديدة تسمى ” النظرية المعلوماتية” نتيجة ثورة الكمبيوتر وتقنية الذكاء الاصطناعي، مبدأها تمثل بجملة ويلر”it from bit”، وتستند إلى فكرة أن لكل عنصر في العالم الفيزيائي المادي أساس متصل بمصدر أوسع أو منبع غير مادي، فقد يكون الشكل الأكثر جوهرية للوجود مكان خارج الكون، وربما يكون معتمداً على أشكال من المعلوماتية، ولو صحت هذه النظرية سيكون عمق وجوهر الواقع من “الوحدات الحاسوبية” “البايتات”، لا من الجسيمات الأولية أو الذرات، حسبما أفاد به الباحث لوبوس موتل.

معلومات الكم

إن قوة المعلومات الكمية تفوق قوة المعلومات الكلاسيكية العادية بكثير، فالبتة الكمية لها خصائص إضافية غير متوفرة في الأصفار والآحاد الكلاسيكية في معلومات شانون، حيث يمكنها الانقسام إلى عدة أجزاء، وتنتقل فضائياً عبر الغرفة، وتقوم تبادلياً بعمليات متناقضة في اللحظة نفسها، المعلومات الكمية تستغل موارد الطبيعة، في وقت لا تتمكن المعلومات الكلاسيكية من الوصول إليها. وبذلك قد تكون المعلومات الكمية مفتاحاً لفهم قواعد العالم ما تحت الذري والعالم المرئي، وفهم القواعد التي تحكم سلوك الكواركات والنجوم والمجرات والكون ذاته.

إن بنية المعلومات يمكن تشبيهها بالنسيج الدماغي للفرد، من جانب أن اتصالية المعلومات في الوجود الفيزيائي وتشابكها يشبه اتصال وتشابك الخلايا العصبية في الدماغ، فالخلايا العصبية ترسل الأوامر المحتوية على المعلومات فيما بينها وإلى جميع أنحاء جسم الكائن الحي بصيغة إشارات كهربائية، وكي تصبح المعلومات تشاركية لابد من وجود بروتوكول خاص “أبجديات خاصة” كاللغات الطبيعية والرياضيات، هذه الأبجديات هي وسائط لتشاركية المعلومات في بنية تشبه النسيج الدماغي الجمعي…ولنا أن نتصور احتمال تشاركية المعلومات بين الجنس البشري والحضارات الكونية.

 

حوسبة الكون

*من الممكن أن يكون الكون لا متناهياً في الاتساع، إلا أنه ذو عمر محدود، ويبلغ عدد العمليات التي أُجريت في الكون منذ نشأته حتى الآن 10 أس 123، أي أن الكون يستطيع إجراء 10 أس 106 في الثانية، مما يعني أن الكون قام بأكبر عدد ممكن من العمليات الحاسوبية حسب قوانين الفيزياء. أما عدد بتات الكون فيصل تقريباً إلى 10 أس 92 بتة، وهذه البتات تنقلب بمعدل أكبر من معدل تواصلها فيما بينها، مما يدل على أن المادة العادية عبارة عن حاسوب يعمل بالتوازي إلى حد كبير، مثله في ذلك مثل حاسوب محمول لا نهائي. وفي أي وقت في تاريخ الكون يكون العدد الأقصى من البتات التي يستطيع الكون أن يحتويها ويقوم بتخزينها مساوياً تقريباً لعدد العمليات التي أجراها الكون حتى تلك اللحظة.

يرى سيث لويد أن جميع النظم الفيزيائية تقوم بتسجيل ومعالجة المعلومات، على سبيل المثال: يرقة الفراشة لديها شيء من عدد أفوجادرو(مصطلح يعبر عن كمية محددة من الذرات المكونة لمادة ما) من الذرات، مقسوماً على مفهوم بولتزمان (الذي يقيس سرعة الجزيئات عند وصولها إلى حالة الاتزان الحراري، أي مقدار كمية حركة الجزيئات)، مما يعني أن إنتروبيتها هو عدد أفوجادرو من البتات، وهذا يدل على أن الأمر سيستغرق حوالي عدد أفوجادرو من البتات لوصف يرقة الفراشة، كيف أن كل ذرة وكل جزيء يهتز في جسدها بالتفصيل الكامل. إذن كل نظام فيزيائي يسجل المعلومات، وهو يقوم خلال التطور في الوقت المناسب، بتغيير تلك المعلومات، تحويل تلك المعلومات، بعبارة أخرى بمعالجة تلك المعلومات. يقول سيث:” حين بدأت ببناء الحواسيب الكمومية، خطر على بالي سؤال كيف تعالج الطبيعة المعلومات”

وبحسب سيث لويد، مؤلف كتاب برمجة الكون، جميع التفاعلات التي تحدث بين الجزيئات في الكون لا تنقل الطاقة فقط، بل تنقل المعلومات أيضاً، مما يفسر أن الجزيئات لا تتصادم فحسب، بل تقوم بعمليات حوسبة؛ كل ذرة وإلكترون وجسيم أولي يحتفظ ببتات من المعلومات، وفي كل مرة يتصادم فيها جزيئان، تتم معالجة هذين البتين، وبالتعمق في القدرة الحوسبية للكون، يمكن بناء حواسيب كمومية على مستوى الذرات والإلكترونات.

إن الكون يحسب ذاته، فنظراً لكونه مزوداً ببرمجيات “النموذج المعياري” الذي يصف فيزياء الجسيمات الأولية، فإنه يحسب حقولاً كمومية، ومواد كيميائية، وبكتيريات، وكائنات بشرية، ونجوماً ومجرات، وثقوب سوداء، وكوزارات، وخلال حساباته هذه يقوم بمسح هندسة الزمكان بالدقة النهائية المسموح بها حسب قوانين الفيزياء، فالحوسبة هي الوجود نفسه. هذه النتائج التي تشمل الحواسيب العادية والثقوب السوداء والرغوة الزمكانية والكسمولوجيا تعد شاهداً على وحدة واتصالية الطبيعة.(Lioyd,2010)

تأسيساً لما سبق نستطيع أن نستنتج، كما أن المعلومات تمثل جوهر بنية الكون، فإن الحوسبة تعد ركيزة أساسية في هيكلة المعلومات، فالمعلومات الكمية المشفرة تحسب كم هائل من الأحاد والأصفار، وقياس المعلومات يسمى الإنتروبيا، وهي متوسط عدد احتمالات ترتيب الذرات والجزيئات في الكون.

*بالإضافة إلى ذلك يرى سسكيند أن التشابك الكمي يربط أجزاء من الفضاء معاً، كما أن التعقيد الحسابي قد يحفز على نمو الفضاء، وبالتالي يُدخل إليه عنصر بعيد المنال، وهو الزمن، وإحدى التبعات المحتملة لذلك…هي وجود صلة بين نمو التعقيد الحسابي وتوسع الكون والتشابك الكمي. ويعني التعقيد الحسابي عدد الخطوات المنطقية، أو العمليات اللازمة لرسم الحالة الكمية للنظام، فالنظام قليل التعقيد يشبه حاسوباً كمياً، تكون كل وحدات كيوبت الخاصة به تقريباً على حالة الصفر، حيث من السهل تحديدها وبناؤها، أما النظام عالي التعقيد، فهو يشبه مجموعة من وحدات كيوبت ترمز لرقم يستغرق دهراً لحسابه.(كوين،2016)

تتساءل الباحثة هل يمكن إسقاط الصورة السابقة على مفهوم الاتصال البشري، بمعنى هل يوجد تشابك فكري بين العقول البشرية، وما مدى تناسبه طردياً مع كتلة الفكرة، وجاذبيتها في النسج الدماغية الجمعية؟ خاصةً إذا ما سلمنا أن أبجديات التفاعل الفكري هي اللغة الطبيعية والرياضيات، وبالتالي كيف يؤثر التشابك الفكري على تطور المفاهيم العلمية وتوسعها وتعقيدها في شتى مجالات الحياة الثقافية والاجتماعية، والاقتصادية، والصحية…..إذاً يمكن التوصل إلى نتيجة مفادها أن التواصل البشري هو صورة مصغرة للتواصل الكوني، فالحياة في الكون تكمن في شبكة لا حصر لها من الاتصالات، وكذلك الفكر البشري يتطور في سلسلة ممتدة من التفاعلات والتشابكات. فالبشر اليوم يعيش في محيط معلوماتي هادر بدءاً من الصفحات الورقية وانتهاءً بالشبكات العنكبوتية والأجهزة النقالة، حتى ضاق عليه الطوفان المعلوماتي وبدأ يبحث عن وسائل أخرى تمكنه من تخزينها كالسحب المعلوماتية، وبُنيت على إثرها اقتصادات ضخمة سُميت باقتصادات المعرفة، وكما ترى الدكتورة حنان شوقي أن حصر المعلومات في كينونتها المادية البحتة فيه إجحاف تاريخي، فللمعلومات دلالة مفاهيمية عميقة تتغلغل في شتى المجالات العلمية، بدءاً من المعلوماتية إلى علم الأحياء مروراً بالفيزياء وعلم الكونيات.

وتحمل جملة عالم الفيزياء جون أرشيبالد ويلر”it from bit” “الشيء من البت” فكرة أن المعلومات هي حقاً ما يصنع العالم، ويوضح ويلر” أن المعلومات هي لب لغة الكون”.

إن المعلومات ليست كياناً مادياً فحسب، بل قد تكون امتداداً لقوالب دلالية، شكلية، رمزية، صورية، بل حتى معاني غير قصدية، كصوت إغلاق محرك السيارة، أو صوت سقوط صخرة من الجبال، هذه المعلومات المحايدة هي نتائج ثانوية للعمليات الفيزيائية. وبوسع العلم تحليلها، كي يطور الأطر النظرية والتطبيقية التي تبنى عليها مختلف المجالات العلمية.

ومما لا شك فيه أن الأحماض النووية تحتوي على العديد من المعلومات المخزنة المشفرة، التي تقوم بالكثير من العمليات البيولوجية لتحديد الجينات الوراثية في الكائنات الحية، ووفقاً لجورج إيليس فإنها معلومات ذات مركزية مطلقة بالنسبة للبيولوجيا. وتفسير ذلك أن ادخار وتخزين المعلومات المناسبة يساهم في تعزيز فرص البقاء في سياقات بيولوجية وإيكولوجية محددة. فالحمض النووي يتألف من الجزيئات، الذي يحتوي على الذرات، والذرات تحمل الجسيمات الأساسية للطبيعة، كالإلكترونات والكواركات، وما إلى ذلك، وتشكل العمليات التي تحدث عند أصغر المقاييس الفيزيائية أساس التفاعلات الكيميائية والبيولوجية، بما فيها تلك المتعلقة بالحمض النووي والمعلومات الناقلة لها، وحسب تعبير جورج إيليس” تعتبر الفيزياء أساس الفاعلية السببية لتلك المعلومات”.

أيضاً للطبيعة أدواتها التي تمكنها من معالجة المعلومات على DNA  ، إنها الإنزيمات-بروتينات داخل الخلية-هي التي تراقب باستمرار جزيئات DNA ، فتبحث عن الطفرات وتقوم بتصحيحها، وكل خلية في جسمنا موطن الآلاف من تلك البروتينات التي تعالج المعلومات في DNA ، الخاص بنا، وتنسخها وتكتب عليها، وتقرؤها وتصححها وتقوم بنقلها إلى وسط آخر، وتقوم بتنفيذ التعليمات المكتوبة عليها. والتعليمات الخاصة بتصنيع تلك البروتينات مشفرة، وتنظيمها كذلك على DNA. بمعنى آخر، في قلب كل خلية من خلايانا يوجد كمبيوتر يتلو التعليمات المتضمنة في جزيء DNA، وفقاً لبرنامج مخزن فيها، يقوم بتنفيذ أمر بسيط واحد هو إعادة إنتاج المعلومات ونسخها.

التفاعلات الكونية

يناقش لي سمولين باحث فيزيائي قضية المعلومات اعتماداً على الفيزياء، حيث يرى أن الاستعارة المعلوماتية والحسابية متغلغلة في تفكير عالم الفيزياء، مشيراً إلى أن الاستعارة الحسابية والمفاهيمية للنظام من العلاقات تتطور عبر الزمن، ويمكن مقاربة الصورة بنظم الشبكات، حيث توجد العقد، وتتصل العقد فيما بينها بروابط وعلاقات تتطور عبر الزمن. بعد ذلك قد تتراود عدة أسئلة حول تطور الزمن؟ وما الذي يحدث بعد فترة طويلة من الزمن؟ وما هي الخصائص الإحصائية للنظم الفرعية؟

وقد جاءت هذه الفكرة إلى الفيزياء منذ وقت طويل مع النظرية النسبية والنسبية العامة، فكرة أن كل الخصائص ذات الأهمية، هي في الواقع تدور حول العلاقات بين الكينونات المادية.

ويحاول العديد من الفيزيائيين دمج فكرة أن العالم هو شبكة من العلاقات المتصلة في فيزياء الكم.

أيضاً يطبق بعض العلماء مبدأ الهولوغرافيك “الصورة التجسيمية” “الصورة ثلاثية الأبعاد” على معلومات الكون، والتي جاءت من “حدود بكنستين” التي تقول: إذا كان لدى شخص سطح، يقوم بعملية الرصد، قد يكون هذا السطح شبكية العين، أو شاشة أمامه…. ويرصد العالم خلال هذه الشاشة، ليبحث عن أي معلومات يقوم بتسجيلها، فإن كمية المعلومات المرصودة عبر الشاشة محدودة بحدود مساحة الشاشة. ويرى لي سمولين أن العلماء لا يناقشون كثيراً ما يحدث في العالم في الفضاء، لكنهم يبحثون عن تمثيل النظم التي يتم رصد وتوصيف المعلومات من خلالها، والتي تتطور خلال الشاشة، وتُعتبر الشاشة استعارة يُنظر عبرها إلى العالم المرصود.

*إذاً قد نصل إلى نتيجة أن سعة كمية المعلومات في بعض المسارات التي تتدفق خلالها المعلومات من الماضي إلى المستقبل ستكون هي مساحة السطح أو الشاشة، وبالتالي رؤيتنا إلى حقيقة الكون ستصبح ناقصة.

التفاعلات الاتصالية

تخضع العلاقات الإنسانية لقوى تبدو حتمية وقادرة على أن تقهر إرادة الإنسان، تماماً مثل القوى الحتمية المادية، فالإنسان يستخدم ضمناً في تعبيراته عبارات تدل على بنية بروتين (بروتياز) البشر، مفاهيم وعلاقات مادية، وربما قوانين مادية تقديرية أيضاً. حيث توجد قواعد للتجاذب والتنافر بين الموجود في فيروس نقص المناعة المكتسبة، وفي ذات الوقت توجد تطبيقات لرد الفعل على المستوى الإنساني، فالفرد قد يكون مرناً أو صلباً، خشناً أو ناعماً، بارداً أو حاراً، والمجتمع مثله مثل النهر مكون من تيارات فكرية، أو مثل الغاز ربما ينفجر إذا زاد الضغط عليه…وهكذا.

والاختلاف في تفسير الوجود المادي بين مفهوم المادة الجامدة ومفهوم المادة ذات القدرة الذاتية التنظيم ليس خلافاً لفظياً، وإنما هو خلاف له تأثير أساسي على كيفية تعاملنا مع الطبيعة. فالعلماء هدفهم الأساسي هو التوصل إلى القوانين النهائية للطبيعة، ويأمل العلماء في القرن الحالي التوصل إلى نظرية تجمع بين ميكانيكا الكم والنظرية النسبية، فيما تسمى بنظرية كل شيء، أي النظرية التي تستطيع تفسير مختلف الظواهر الطبيعية للوجود.

ويبين واينبرج وجود مشكلة مع الوعي، فعلى الرغم من قوة النظرية الفيزيائية، فإن الوعي لا يبدو أنه مشتق من القوانين الفيزيائية. ولذلك فمع ظهور مفاهيم الكلية والوعي والتنظيم الذاتي للمادة، انقسم العلماء إلى فريقين: إما الاستمرار في تحري قوانين الطبيعة حسب المفاهيم الحالية، وهي الميكانيكا والاحتمالية والسببية، والتي تتلخص حالياً في نظريتي النسبية وميكانيكا الكم، أو المزاوجة بين نوعين من القوانين هي قوانين السببية الخارجية (الميكانيكية)، وقوانين السببية الداخلية( ذاتية التنظيم)، ويطلق دافيد تشالمرز على هذه المزاوجة للقوانين (القوانين السيكوفيزيائية)، فالنوع الأول من القوانين خارجي سببي فيزيائي، والنوع الثاني داخلي غائي سيكولوجي، والمزاوجة بينهما تنتج قوانين سببية-غائية، فالقوانين المادية واللامادية (السببية والغائية) توجد في جميع مستويات الوجود بنفس القدر، ولكن لا توجد نظرية رسمياً تستطيع التعبير عنها بحيث تكون صالحة لكل تلك المستويات. ويرى إيجور هانزل في (مفهوم القوانين العلمية) أنه من الضروري أن تتضمن النظرية القدرة على الربط بين الصفات الكمية والصفات الكيفية للموجودات، وعلى التفرقة بين الأسباب الظاهرة والقدرات الكامنة في كل موجود وإنشاء العلاقة بينهما. وفي نهاية المطاف فإن العلماء والفلاسفة منقسمون إلى فريقين، فريق (مذهب الفيزيائية) الذي يرى أنه سوف يمكن في المستقبل تفسير شتى ظواهر الوجود بواسطة الفيزياء السببية وحدها، وفريق (مذهب الضد-فيزيائية) الذي يرى أنه من الضروري التوصل إلى قوانين جديدة بصورة جذرية، حتى يمكن تفسير الظواهر الطبيعية بشكل كامل، ويطرحون فكرة الكون الكلي الواعي، وهو ما يشير إلى تحول تدريجي إلى النقيض من المفهوم العلمي الكلاسيكي، فبدلاً من مشابهة العقل بالمادة الميكانيكية كما في القرن التاسع عشر، فإن العكس هو المرشح لأن يحدث، وهو أن نعطي تفسيراً للمادة على أساس النموذج الذاتي الغائي، أي مشابهة المادة الجامدة بالعقل.

ويمكن أن نخلص إلى نتيجة، وهي مشابهة العقل الإنساني بالمادة الجامدة، وفي ذات الوقت مشابهة المادة الجامدة بالعقل الإنساني، فنتوصل إلى قوانين آلية للعقل الإنساني تكون كيفية تقديرية، يمكن تسميتها بالقوانين الخارجية، وفي ذات الوقت نتوصل إلى قوانين للمادة معتمدة على الطبيعة النفسية أو العقلية للمادة، تعتمد على الدوافع والرغبة في تحقيق غايات معينة، وعلى تحليل المدركات، يمكن تسميتها بالقوانين الداخلية. وفي تلك الحالة تكون العلاقة بين المحبين هي علاقة جاذبية مماثلة لعلاقة الجاذبية بين الجزيئات والذرات، وتخضع للقوانين الخارجية، أما عملية اختيار المحب دون ملايين البشر فهي عملية اختيار حر تخضع للطبيعة الداخلية للمحبين، مثلما أن اختيار ذرة الهيدروجين لذرة الأكسجين هو اختيار حر يخضع للقوانين الداخلية، وفي هذه الحالة يصح الوصف الشائع للعلاقة بين المحبين بأن الكيمياء بينهما جيدة، كما في الوقت ذاته وصف العلاقة بين الجزيئات بأنه تعبير عن الحب والرغبة في الارتباط.

والمتأمل لظواهر الطبيعة في مستوياتها المختلفة يجد أن صفات الوعي والقدرة على الاختيار والفعل الذاتي الهادف موجودة وظاهرة في كل مستوى من مستويات الموجودات الجامدة والحية على حد سواء. فعلى المستوى دون الذري أثبتت تجارب عديدة على قدرة فوتونات الضوء ومكونات الذرة تغيير تصرفاتها من حيث الصفة الجسيمية والصفة الموجية حسب الظروف المحيطة بالتجربة، كما أثبتت وجود نوع من الاتساق والتوافق بين الجسيمات المختلفة المرتبطة بعضها بالبعض الآخر حتى لو كانت على جانبي الكون، فيما يُعرف بظاهرة (E.P.R) .

وتزداد القدرة على الاختيار وتحقيق الهدف بشكل كبير في المركبات العضوية التي تعد حجر الأساس لظهور الحياة، فإلى جانب الدور المعروف للسلاسل الجينية (D NA) في تسجيل ونقل الصفات الوراثية من خلال آليات معقدة، فإن المتتبع لدور البروتينات المعقد في تنفيذ الأعمال يدرك مدى القدرة الذاتية لتلك المركبات، وبالوعي الذاتي لما تقوم به من أعمال، وعلى مستوى الخلايا الحية فإن أداء الخلايا لا ينم فقط عن القدرة الذاتية والوعي، وإنما القدرة على الإدراك والتصرف بأشكال مختلفة بحسب المهام الموكلة إليها.

وبالتالي طرح العالم فرانك تبلر في (المبدأ الكوني الإناسي) تصوراً مفاده أن الكون في مجمله ليس إلا نظاماً لتشغيل المعلومات، المادة فيه هي المكونات الصلبة للنظام (هاردوير)، وقوانين الطبيعة فيه هي المكونات الناعمة للنظام (سوفت وير)، وهو يرى أن التنظيم الذاتي لأي منظومة يعكس كمية المعلومات المشفرة داخلها. والحياة ليست إلا مستوى معيناً من المعلومات مكودة بشكل يؤدي إلى الحفاظ عليها من خلال الانتخاب الطبيعي. (أبو زيد، 2005)

إن المتغيرات في الطبيعة ليست مستقلة، فعلى سبيل المثال، تحوي النهايات الطرفية في أي مغناطيس، على قطبين متعاكسين، معرفة أحدهما يؤدي إلى معرفة الآخر، وبالتالي يمكننا القول إنّ كل نهاية طرفية تحوي معلومات عن القطب الآخر، وهذا مفاده أن هناك بالضرورة علاقة بين قطبي الطرفين. وبالتالي يقودنا هذا المثال إلى نتيجة هامة هي وجود معلومات نسبية بين نظامين، وفي أي وقت، تكون حالة أحدهما مقيدة بحالة النظام الآخر، وبهذا المعنى الدقيق، يمكن القول بأن النظم المادية لديها معلومات عن بعضها البعض، دون أن يقوم العقل فيها بأي دور، حسبما أفاد عالم النظريات الفيزيائية كارلو روفيلي.

وتعد المعلومات النسبية في الطبيعة واسعة الانتشار، فلون الضوء يحمل معلومات الكائن الذي ارتد الضوء منه، والفيروس يحوي معلومات عن الخلية التي ربما سيهاجمها، والخلايا العصبية تحمل معلومات عن بعضها البعض، وكذلك نستطيع أن نرى العالم متماسكاً متشابكاً من الأحداث المتفاعلة، لأن المعلومات النسبية تلعب دوراً في بنائه، وصياغة أحداثه.

وعندما يتم استغلال المعلومات في الطبيعة من أجل البقاء على قيد الحياة، تخزن في الدماغ على نطاق واسع، وربما يتم ترميزها بلغة يفهمها المجتمع، تكون المعلومات فيها منطقية، وتكتسب الوزن الدلالي، ونعزو تلك العمليات إلى نظرية المعلومات. إن العالم المادي ليس مجموعة من الكيانات ذاتية الامتصاص، تعمل بأنانية، بل هي شبكة محبوكة بإحكام من المعلومات النسبية.

فالضوء الذي يصل إلى أعيننا يحمل معلومات الكائنات المتواجدة في البيئة حولنا، فلدى لون البحر معلومات عن لون السماء فوقه، والخلية تحوي معلومات عن الفيروس التي تود مهاجمته، والكائن الحي الجديد يكتسب الكثير من المعلومات، بسبب ارتباطه بوالديه، وبالبيئة التي حوله، وحتى أنت أيها القارئ العزيز، قارئ هذه الأسطر، تستقبل العديد من المعلومات عن ما أفكر به أثناء كتابة هذه الكلمات، و يمكن القول أن ما يحدث في ذهني في هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا النص، ينتقل إليك بطريقة ما، فما يحدث في ذرات دماغك في هذه اللحظة، لا ينفك عن ما يحدث في ذرات دماغي: نحن نتواصل.

إن المتتبع يجد أن النظم الفيزيائية، والكيميائية، والبيولوجية والاجتماعية، والسياسية، والفيزيائية الفلكية، والكوسمولوجية، نظم شاملة متفاعلة مكونة من شبكة من العلاقات، بعيدة عن السلوك الأحادي الفردي، وبالتالي تظل المعلومات النسبية المادية مفهوماً أساسياً لوصف العالم، قبل الحديث عن الطاقة، والمادة، وحتى الوجود. (Rovelli, 2017).

 

وخلاصة ما سبق هي ما يلي:

العالم ليس مجرد كتلة من ذرات الاصطدام، بل هو أيضاً شبكة من الارتباطات بين مجموعات من الذرات، شبكة من المعلومات المادية المتبادلة بين النظم المادية.

* المعلومات مكون جوهري في الوجود، ربما سبقت وجود الطاقة والمادة، وهي تحمل كتلة وقوة جذب، من خلالها تستطيع العمليات الحيوية بين النظم الفيزيائية التشابك والتفاعل فيما بينها.

* للكون قدرة حسابية هائلة تمكنه من حساب ذاته بناء على معالجته للمعلومات المكودة داخله، فيحسب أصغر جسيم أولي في الكون منتهياً إلى الثقوب السوداء والمجرات والكوازارات، وهو بذلك يقوم بمسح هندسة الزمكان بالدقة النهائية.

* العلاقات الإنسانية مستمدة من العلاقات الكونية مثلها تماماً مثل العلاقات البيولوجية والكيميائية والحاسوبية والمستحدثات الاتصالية…. ثمة رابط رفيع يجمع كل هذه العلوم في بوتقة واحدة ألا وهي التفاعلات الكونية والتقدم العلمي عبر الزمن.

 

التواصل الفكري بين البشر ما هو إلا صورة مصغرة للتواصل الكوني، فالحياة في الكون تكمن في شبكة لا حصر لها من الاتصالات، وكذلك الفكر البشري يتطور في سلسلة ممتدة من التفاعلات والتشابكات. و بالتالي يؤثر التشابك الفكري على تطور المفاهيم العلمية وتوسعها وتعقيدها في شتى مجالات الحياة.

 

 

المراجع:

1-  أبو زيد، سمير. هل للمادة عقل. ع (554). (الكويت: مجلة العربي، 2005). http://www.arabphilosophers.com/English/samir%20abuzaid/Papers/Alarabi_Magazine%20Articles/Mind_and_Matter.htm

2-بشارة، جواد. الكون المطلق: بين اللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر. ط.د. م.د: E-Kutub Ltd، 2014. http://cutt.us/fp7ko

3- سايف، تشارلز. فك شفرة الكون.الطبعة الأولى. ترجمة وتقديم: أيمن عياد.( بيروت: التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، 2012)

4- الشرقي، حنان. المعلومات لغة الكون.ع 4. (السعودية: مجلة القافلة، 2015). http://qafilah.com/ar/

5- فرايبيرغر، ماري. ماهي المعلومات. 31/8/2015. https://nasainarabic.net/education/articles/view/what-is-information

6-كوين،رون. المكان والزمان وتشابكهما.1/1/2016. https://arabicedition.nature.com/journal/2016/01/527290a /

7-لويد، سيث، يا.جي.نك. الكون: هذا الحاسوب الهائل. مجلة العلوم الأمريكية.ع: 21. الكويت: مؤسسة الكويت للتقدم العلمي،2005.

8- مهنا، فريال. علوم الاتصال والمجتمعات الرقمية. الطبعة الأولى.(دمشق: دار الفكر، 2002).

 

المراجع الأجنبية:

1- R.What scientific term or concept ought to be more widely known.2017.http://www.edge.org.

2-Kate.B. Is information Fundamental?. 2014. http://www.pbs.org/wgbh/nova/blogs/physics/2014/04/is-information-fundamental

3- Marina.K. John Wheelers Participatory Universe. 2014. https://futurism.com/john-wheelers-participatory-universe/

4- Milton. K. Organism and psyche in a participatory universe.1998. https://ratical.org/co-globalize/MaeWanHo/organis.html

5- Seth.L. The computational universe. 2010. https://www.edge.org/conversation/seth_lloyd-the-computational-universe

 

:مدونات أخرى

سيمانتك: الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة سيساعد في تمكين الأدوات السيبرانية مميز

أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ

ما أهمية ألعاب الفيديو المعتمدة على الذكاء الصناعي بالنسبة للمدراء؟ مميز

أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ

Navigant Research لأبحاث السوق: نمو الإيرادات السنوية لسوق تكنولوجيا ثمان مدن ذكية في العالم إلى 97.4 مليار دولار مميز

أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ

Scroll to Top