مشاركون في مائدة “تريندز”: مراكز الفكر بحاجة لتطويع التكنولوجيا وتعزيز الشراكات لتتحول من استشراف المستقبل إلى المشاركة في صنعه

ديسمبر 26, 2024

:تفاصيل الخبر

في إطار احتفالاته بالذكرى السابعة للتأسيس، والثانية لانطلاقته في حلته الجديدة والتي تحمل شعار: “التجديد والتمكين 2021″، نظم “تريندز للبحوث والاستشارات” المائدة المستديرة السنوية الثانية لمراكز الفكر تحت عنوان: “مراكز الفكر من استشراف المستقبل إلى المشاركة في صنعه” بمشاركة 17 من رؤساء ومديري المراكز الفكرية والبحثية العالمية إضافة إلى كوكبة من الخبراء والباحثين والأكاديميين من دول عدة.

وناقشت المائدة المستديرة خمسة موضوعات رئيسية هي: “مراكز الفكر والمناهج الجديدة لاستشراف المستقبل”، و”تحديات استشراف المستقبل في عالم من اللَّايَقِين”، و”آليات التعامل مع تحديات استشراف المستقبل”، و”من استشراف المستقبل إلى المشاركة في صنعه”، و”مستقبل التعاون بين مراكز الفكر في مجال استشراف المستقبل”.

وأكد المشاركون في المائدة المستديرة على أهمية تعزيز أوجه التعاون والشراكات البناءة بين مراكز الفكر لتتمكن من وضع التوصيات والحلول الناجعة لمواجهة التحديات العلمية المشتركة باعتبارها الطريقة المثلى لتطوير عمل هذه المراكز وتقديم الدعم البحثي والمعرفي المطلوب لصناع القرار وأفراد المجتمعات. كما أشاروا إلى أن رسالة مراكز الفكر والبحث يجب أن تتحول من المحلية والإقليمية إلى العالمية لكي تخدم أطروحاتُها أكبر شريحة ممكنة من الحكومات والمجتمعات، مشددين على ضرورة أن تفكر هذه المراكز كمنظمات عابرة للحدود لاستهداف جمهور عابر للحدود.

وطالب المشاركون في المائدة المستديرة بضرورة أن تعمل مراكز الفكر على تطويع التكنولوجيا المتقدمة لخدمة البحث العلمي، إضافة إلى المشاركة الفاعلة في صنع المستقبل والعمل على مواكبة تطلعات صناع القرارات وواضعي السياسات؛ وأضافوا أنه يجب على هذه المراكز أن تكون مستعدة لتقديم الحلول الآنية التي تدعم صناع القرار في أوقات الأزمات والجوائح. وأوضحوا كذلك أن الأزمات أظهرت أهمية البحث العلمي، والعلماء، والخبراء، ودورهم المحوري والبناء في مواجهة هذه الأزمات والتغلب على التحديات الدولية بأساليب علمية مدروسة ودقيقة.

د. محمد العلي: مائدة “تريندز” تعزز التعاون بين مراكز الفكر لمواجهة التحديات المشتركة

وافتتح الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لـ “تريندز للبحوث والاستشارات”، أعمال “مائدة تريندز المستديرة السنوية الثانية لمراكز الفكر”، قائلاً إن هذه المائدة المستديرة تأتي ضمن الاهتمام الذي يوليه المركز لتعزيز التعاون والتنسيق بين مراكز الفكر والدراسات حول العالم لمواجهة التحديات المشتركة التي تواجه عمل هذه المراكز، والعمل معاً من أجل الوصول إلى رؤى، وتفاهمات، وأفكار مشتركة وبناءة لخدمة كافة الدول والمجتمعات في تحقيق النهضة والسلام والازدهار.

ونوه الدكتور العلي إلى أن “تريندز” نظم منتدى مهم نهاية يوليو الماضي بالتنسيق والشراكة مع برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر في جامعة بنسلفانيا، على أرض الواقع في دبي، حيث شارك فيه ممثلو ما يقرب من 30 مؤسسة بحثية عالمية لمناقشة التحديات الاستراتيجية والتنفيذية التي تواجهها مراكز البحوث في استقطابها المواهب والاحتفاظ بها.

وذكر الدكتور محمد العلي أن هذا المنتدى جاء استكمالاً للمائدة المستديرة التي عقدها المركز العام الماضي وشارك فيها ممثلو 15 مؤسسة بحثية عالمية وإقليمية، مضيفاً بالقول: “لا شك في أن زيادة عدد المشاركين في مائدة تريندز المستديرة الثانية مقارنة بالعام الماضي إنما هو دليل على نجاح مسعانا لتأسيس منصة تواصل وتنسيق مشترك بين المراكز البحثية عبر العالم، وهو أمر نفخر به”.

وأشار الدكتور إلى أن جائحة “كوفيد 19” والتأثيرات التي فرضتها على العالم أجمع، أكدت أن قدرة مراكز الفكر على استشراف المستقبل ما تزال تواجه تحديات عدة، وهو ما يتطلب منا التفكير في الأدوات والمناهج التي يمكن أن تسهم في تعزيز القدرات على التنبؤ بالأحداث وتحديد مساراتها المستقبلية.

وأوضح الرئيس التنفيذي لـ “تريندز للبحوث والاستشارات”، أن مائدة “تريندز” المستديرة الثانية تهدف إلى مناقشة التحديات التي تواجه قدرات المراكز البحثية على استشراف المستقبل، وتسعى إلى طرح بعض الأفكار والتصورات التي يمكن أن تساعد في تحويل المؤسسات البحثية من مراكز للفكر إلى مراكز للتغيير؛ أي تطوير دور هذه المراكز من استشراف المستقبل إلى المشاركة في صنعه.

واستهل أعمال “مائدة تريندز المستديرة السنوية الثانية لمراكز الفكر”، الدكتور كريستيان ألكساندر، باحث رئيسي ومدير برنامج الأمن الدولي والإرهاب في “تريندز”، والذي تولى إدارة هذه الحلقة النقاشية المهمة، مرحباً بالمشاركين ومعرفاً بهم. كما استعرض المحاور الخمسة الرئيسية للمائدة المستديرة.

وبدأت أعمال المائدة المستديرة بمشاركة ليليانا ألفارادو، المديرة التنفيذية لمختبر إيثوس للسياسة العامة في المكسيك، حيث قالت إن مختبر إيثوس يعمل على مكافحة الفساد ووضع سياسات الصحة العامة معتمداً في ذلك على أساليب علمية وبحثية دقيقة، مضيفة أن العديد من مراكز الفكر تطورت وبدأت تعتمد في أبحاثها على تحليل البيانات والمقاربات التي أصبحت فعالة ومختلفة كليّاً عن الأساليب التقليدية لإعداد البحوث.

وذكرت أن بعض مراكز الفكر بدأت تعتمد على الشباب أكثر. كما أن مخرجاتها تغيرت وأصبحت تعتمد على التكنولوجيا بهدف مواكبة التحولات العالمية المتسارعة، مشددة على ضرورة مواكبة الطفرة التكنولوجية الحديثة لكي تستطيع هذه المراكز المشاركة في صنع المستقبل، وتكون مؤثرة في صنع السياسات العالمية وفاعلة فيها عبر تحليل القضايا الملحة بطرق منطقية ومنهجية وطرح حلول قابلة للتطبيق.

وعقب ذلك، أكدت آية الكباريتي، مديرة البرامج في مركز ابتكار الحوكمة الدولية في كندا، خلال مداخلتها أن “مركز ابتكار الحوكمة” يعمل على بناء شبكات مختلفة من الزمالات والشراكات بهدف إيجاد حلول تتعلق بالأمن البيانات وسلامتها. كما أوضحت أن جائحة “كوفيد 19” جعلت مراكز الفكر تتوقع السيناريوهات المستقبلية المحتملة، وتسعى إلى تقديم توصيات مناسبة وموضوعية لمواجهة الجائحة بطرق علمية، مبينة أن مراكز الفكر ستستمر في التطور والمرونة، وتطوير وظائفها وخبراتها مستقبلاً.

وشددت ذات المتحدثة على ضرورة تعمق مراكز الفكر في المجالات السياسية وإنتاج أبحاث ذات جودة عالية؛ إلى جانب العمل على دمج الحلول التحليلية والاستجابات المرنة في الأزمات الراهنة، لأن التكنولوجيا جعلت عملية التواصل أسهل من ذي قبل، ما عزز من مجالات التعاون والشراكات على مستوى العالم، وأوضحت أن جائحة “كوفيد 19” عززت أيضاً من انخراط المراكز البحثية مع الجمهور وتزويد صناع القرار بحلول ودراسات تدعم اتخاذ قرارات كفيلة بمواجهة التحديات.

ومن جهته، رأى الدكتور عمر العبيدلي، مدير إدارة الدراسات والبحوث ومدير دراسات الاقتصاد والطاقة في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” في مملكة البحرين، أنه يجب على مراكز الفكر أن تحدد أهدافها ومدى تأثيرها إقليمياً وعالمياً. كما يجب عليها تقديم تحليلات نقدية بناءة، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأوضح الدكتور أن المراكز البحثية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمتلك قدرات محدودة في التأثير على قرارات وسياسات الحكومات، مقارنة بمثيلاتها في الدول الغربية التي تؤثر في سياسات الحكومات، ما ينتقص من مستوى مصداقيتها وتأثيرها.

وطالب العبيدلي بضرورة أن تعزز مراكز الفكر دورها المؤثر وتشارك في تغيير ثقافة المجتمعات، لكي تستطيع انتقاد المؤسسات والوزارات بطرق موضوعية وتقدم حلولاً وسياسات ناجعة؛ مضيفاً أن هناك حاجة ماسة لتفعيل دور مراكز الفكر في منطقة الشرق الأوسط على المستويين الاقتصادية والاجتماعية.

وبدوره، قال الدكتور جون بروني، المؤسس والمدير التنفيذي لمركز سيج الدولي للدراسات الجيوسياسية في أستراليا، إن “مركز سيج” يركز في عمله على منطقة المحيط الهندي والهادئ؛ كما يلقي الضوء على الأبحاث والدراسات المتعلقة بالفضاء، مضيفاً أن معظم مراكز الفكر تخدم الحكومات لأنها تتلقى الدعم من مؤسسات حكومية وأحزاب فاعلة في الدولة.

وحول التحديات التي تواجه هذه المراكز، ذكر الدكتور جون بروني أن الابتعاد عن المجال الأكاديمي يعد أكبر تحدٍ يواجه مراكز الفكر، ويجب عليها الإسراع في العودة إلى هذا المجال، وأن تكون موضوعية في أطروحاتها، وأن تسعى إلى تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها؛ وهي خدمة البحث العلمي والمعرفة. وأضاف أن جائحة “كوفيد 19” أوجدت الكثير من التحديات أمام مراكز الفكر في الاضطلاع بالدور المنوط بها، متوسماً أن تعود الأمور إلى مسارها الطبيعي لخلق نوع من التعاون والشراكة بين المراكز البحثية حول العالم.

من جانبه، تقدم أسامة الجوهري، مساعد رئيس الوزراء المصري والقائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مصر، بالشكر إلى إدارة “تريندز” وفريق العمل على إتاحته الفرصة للمشاركة في هذه المائدة المستديرة المهمة، موضحاً أن مراكز الفكر تواجه تحديات وجودية عديدة، كما أن الأزمات والتحديات العالمية وضعت أمامها عراقيل كثيرة، حالت دون الاضطلاع بدورها البحثي والعلمي.

وشدد الجوهري على ضرورة أن تستعد المراكز البحثية للعمل في المستقبل بالاعتماد على طرق عمل مختلفة ومرنة، وعلى أن تعود إلى مصداقيتها الأمر الذي يتطلب منها وضع منهجية عمل وممارسات واضحة، إلى جانب تكوين فرق عمل متنوعة تمتلك خبرات وتخصصات مختلفة لتحديد الحلول الناجعة للأزمات، إضافة إلى أهمية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في العملية البحثية لكي تستطيع المشاركة في صنع المستقبل.

بينما تطرق الأستاذ الدكتور أحمد إيفين، أستاذ فخري في جامعة سابان سابانجي، وباحث أول في مركز إسطنبول للسياسات في تركيا، إلى فكرة تأسيس “جامعة سابان سابانجي” حيث كان القائمين عليها يعتقدون أنهم في حاجة إلى وقت طويل لتصبح الجامعة إقليمية ومن ثم عالمية، وما ساعدهم في تحقيق عالمية الجامعة هو تأسيس مركز إسطنبول للسياسات.

وأشار إلى أن مراكز الفكر بحاجة إلى فهم المقاربات التي تعتمدها للتغلب على المشكلات التي تواجهها، ما يحتم عليها العمل ضمن فرق بحثية على مستوى عالمي، مضيفاً بالقول: “نحن بحاجة إلى العلماء، والخبراء التقنيين، وعلماء التاريخ والتكنولوجيا، والخبرات المتعددة، فضلاً عن الخبرات الثقافية لكي تتمكن مراكز الفكر من النهوض والخروج بأبحاث قيمة قابلة للتطبيق، وذلك قد يحدث بتعميق التعاون بينها، وتفعيل آليات لتبادل الأفكار والمشاريع بين المؤسسات الفكرية”.

وقال الدكتور إيفين إن مراكز الفكر في حاجة أيضاً إلى فتح أفاق جديدة بينها والعمل مع بعضها البعض، والاعتماد على توسيع وجهات النظر للحصول على مخرجات قيمة تمكنها من الاستعداد لمختلف الاحتمالات المستقبلية.

كما شاركت إيلين فورد، مديرة ومؤسسة المنظمة الدولية للديمقراطية والتنمية في بيرو، في المائدة المستديرة متحدثة عن عدم قدرة بعض مراكز الفكر على التكيف مع التطورات المتلاحقة والتكنولوجيا ما انعكس سلباً على مخرجاتها البحثية، وأضافت أن هناك الكثير من المراكز التي تعتمد على أساليب تقليدية في التواصل والتفاعل، مشيرة إلى أن هذا الأمر سيتغير بشكل تدريجي في المستقبل، لأن التكنولوجيا فرضت نفسها على كافة مناحي الحياة، وعلى مراكز الفكر امتلاك ديناميكية مختلفة لمواكبة هذه التحولات المتسارعة.

وأكدت فورد أن الأزمات والجوائح تؤثر على عمل مراكز الفكر والمجتمعات المدنية من ناحية تقليص مصادر التمويل ما يفرض صعوبات على هذه المراكز في سعيها لمواكبة التطور، ولكن ما زالت هناك فرص للتعاون والشراكة بين هذه المراكز لكي تستطيع اللحاق بقطار التطور والمشاركة في صنع المستقبل. وتابعت أن مراكز الفكر التي تعتمد على التكنولوجيا في عملها ومخرجاتها يسهل عليها التعامل والتفاعل وتحقيق الشراكات.

أما نارمينا غاسيموفا، مديرة المنح والبرامج في مركز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أذربيجان، فأوضحت أن هذه المائدة المستديرة أتاحت فرصة مهمة لرؤساء المراكز البحثية والخبراء لتلاقي الأفكار وتبادل وجهات النظر البناءة القادرة على صناعة المستقبل. وأشارت إلى أن مركز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أذربيجان أُنشئ ليؤثر على صانع القرار بشكل إيجابي، لا سيما في مجالي حماية حقوق المرأة وحقوق العاملين.

وشددت غاسيموفا على ضرورة أن تتكيف مراكز الفكر مع الأزمات والجوائح المستقبلية على غرار ما حدث في جائحة كوفيد-19التي فرضت التكنولوجيا كوسيلة للتواصل المجتمعي غير المباشر، فضلاً عن العمل على أرضية تُعزز من خلالها فرص التعاون والشراكة فيما بينها. وأضافت أنه من الحيوي العمل على الاختلافات بين مراكز الفكر، حيث نملك ممثلين عن مراكز الفكر في الدول المتطورة والنامية، ومن المهم أن تكون لدينا فرص لنحظى بتجارب المراكز العالمية لتعزيز قدرات المراكز البحثية في الدول النامية، وتعزيز التواصل فيما بينها باعتبار هذا أمراً محورياً وضرورياً في المستقبل القريب.

وأكدت إيلينا كاربينسكايا، نائبة مديرة البرامج في المجلس الروسي للشؤون الدولية في روسيا، أن التغيرات المتسارعة التي تحدث في البيئة العالمية تضع تحديات كبرى أمام مراكز الفكر، موضحة أن شبكات التعاونية والأنشطة المشتركة ستكون هي المقاربة الواعدة لكي تتمكن المراكز البحثية من تطوير عملها، إلى جانب ضرورة استغلال الفرص وتطوير الشراكات مع مراكز فكر ومؤسسات عالمية، لأن استكشاف الفرص والتعاون المشترك هما سبيل مراكز البحث للمشاركة في بناء المستقبل.

وتابعت كاربينسكايا أن هناك لاعبون غير حكوميين غيروا من دور مراكز الفكر لكي تقدم حلولاً وتوصيات أكثر فاعلية وواقعية وأكثر وضوحاً ودقة، ما يحتم على مثيلاتها أن تشارك في صنع مستقبل الدول عبر تقديم نتاج دقيق وموضوعي وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الفكرية بما يساعد في وضع سياسات قابلة للتطبيق.

ومن جهته، أشار الدكتور بول ألان مكاليستر، المؤسس والرئيس لمؤسسة قادة عالميون في الوحدة والتطور، الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن الحديث عن مشاركة مراكز الفكر في صناعة المستقبل يتطلب تعظيم التعاون بين هذه المراكز أولاً، واعتماد سياسة تخطيط منهجية ثانياً. وذكر أن تحديد الأهداف مهم جداً لإحراز النجاح وتحقيق التقدم في مسيرة المراكز البحثية، كما أن تحليل الفجوات وتقديم مقارنات بالوضع الراهن ضروري لسد الفجوة بين الواقع والمأمول، وأوضح أن تحديد المخاطر ومواجهتها بطرق علمية يحتاج إلى تعزيز أدوار مراكز الفكر .

وطالب مكاليستر ببناء شراكات استراتيجية ناجحة بين المراكز البحثية لتتمكن من المشاركة في بناء المستقبل، مع ضرورة تحليل المخاطر المستقبلية، وتقديم الدعم لصناع القرار من منظور عالمي. وأضاف أنه في أمريكا كانت المراكز البحثية تتعامل مثل مثيلاتها حول العالم مع جائحة “كوفيد 19″، لذا لا بد أن تتولى هذه المراكز مهمة الدفاع عن رؤى الشعوب ونقلها إلى صناع القرار، ورأب الفجوات وبناء الروابط بين المجتمعات، وتفعيل الحوار بين الأديان والعقائد، بما يعزز من دور مراكز الفكر في المستقبل.

وقال سيرجي ميلكونيان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الأرميني للبحوث والتنمية بأرمينيا، إنه خلال فترة عدم اليقين وتصاعد التوترات، يجب على مراكز الفكر أن تحرص على أن تتسم مخرجاتها بالرصانة والموضوعية لكي تكون أكثر أهمية وتأخذ الحكومات بتوصياتها وحلولها. وذكر ميلكونيان أن هناك مراكز فكر تركز على قضايا معينة ومختلفة، ولذا من المهم تطوير العلاقات بين هذه المراكز، بما يسمح بتبادل الرؤى والأفكار والدراسات، الأمر الذي يساعد في فهم المستقبل بشكل أفضل، وأضاف أن على هذه المراكز أيضاً أن تركز على التكنولوجيا لفهم التحديات المستقبلية، وأن تعود سريعاً إلى الاعتماد على الأسس الأكاديمية في أطروحاتها البحثية.

أما الدكتور جيل مورسيانو، المدير التنفيذي للمعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية في إسرائيل، فذكر أن المعهد الإسرائيلي للسياسات يركز في عمله على السياسات الخارجية الإسرائيلية، ويعمل على تحليل قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب تحسين العلاقات مع مختلف دول المنطقة. ونوه إلى أن سرعة التغير تجعلنا نفكر بشكل أسرع للتعامل مع السيناريوهات الواقعية، ما يحتم علينا التكيف مع الأوضاع الراهنة والتغلب على أزمات التمويل التي تواجه المراكز الفكرية، بالإضافة إلى تحديد مكامن الضعف التي توجد في الأنظمة والسياسات الحكومية التي قد تحدث في المستقبل للاستعداد لها من الآن.

وأوضح مورسيانو أن المراكز البحثية يجب أن تكون مفتاح للتغيير لكي تقدم توصيات وحلولاً للحكومات، وتقوم أيضاً بدور مؤثر وفعال في تعزيز التجارب الحياتية المتنوعة. وتابع أن التآزر بين مراكز الفكر مهم جداً للخروج بتوصيات فعالة يتقبلها الجميع، وذلك يحتاج إلى التعامل مع مفكرين، وسفراء، وخبراء، وعلماء من مختلف المرجعيات الثقافية، والعلمية، والاجتماعية مشيراً إلى ضرورة الحذر في التعامل مع التكنولوجيا التي قد تستبدل الجهود البحثية البشرية مستقبلاً.

وفي مداخلته ضمن المائدة المستديرة، أكد الدكتور تشارلز بأول، مدير المعهد الملكي الإسباني “إلكانو” في مملكة إسبانيا، أن مراكز الفكر لم تعد مطلعة الآن بإيجاد حلول قادرة على التغيير فقط، ولا تركز على الفكر بل ترجمة الأفكار إلى توصيات، ما يفرض عليها التفكير في أنها مراكز للتغيير الناجع. وأوضح أن الهدف الأساسي للمراكز البحثية هو تقديم حلول للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع وضع حلول ناجعة للحكومات ومتخذي القرارات والجمهور أيضاً، مشدداً على ضرورة تعزيز الأفكار الجديدة وتنميتها والاستفادة منها ورعايتها لحساب الصالح العام.

وتابع بالقول: “في المراكز البحثية نعلم أننا نتنافس مع المؤسسات الأكاديمية ووسائل الإعلام، ولكن هذا أمر يسمح بتحسين البنية التي نعتمد عليها والمنهجية التي نعمل بها لكي نحقق التميز والريادة، ولكننا نحتاج إلى محاولة التفكير كمراكز عابرة للحدود والتوجه إلى جمهور عابر للحدود أيضاً”.

وقال زايكين ليو، زميل أول في معهد تشونغ يانغ للدراسات المالية في جامعة رنمين الصينية، إن الصين واجهت بسبب جائحة كورونا تحدياً صادماً للغاية، لكن أصبح لديها فرصة لإحراز تغيير، وتخطي الجائحة وآثارها، وكل ذلك بفضل العمل الجماعي، ما جعلها تعود إلى الحياة الطبيعية سريعاً. وأضاف بالقول: “نحن نؤمن بأن مراكز الفكر والعلماء هم الشريحة الأهم في مواجهة الجوائح والأزمات، وعلى الحكومات أن تدرك أهمية المراكز الفكرية في لعب دور محوري في ظل الأزمات خصوصاً خلال العامين الماضيين”.

وأوضح ليو أن مراكز الفكر في الصين لعبت دور الجسر بين الحكومة الصينية والمجتمع الصيني والمجتمع الدولي أيضاً، واستطاعت أن تتشارك وجهات النظر وتتحد لكي تحارب الوباء بطرق جماعية وبأساليب علمية وعالمية ناجعة. ونوه إلى أن المراكز البحثية لعبت دوراً كبيراً في إقناع الشعب الصيني بالثقة في العلم والتكنولوجيا لتخطي جائحة “كوفيد 19″، مقترحاً مجموعة من الحلول لكي تتمكن مراكز الفكر من مواكبة المستقبل منها أن “قبول الاختلاف مهم للغاية لتمكن المراكز البحثية من ضمان استمرارها وتقدمها في المستقبل، وبناء الثقة بين الحكومات والشعوب، والتعاون البناء بين مراكز الفكر، كما أن المساواة ضرورة لكي تتخطى المراكز البحثية العقبات المستقبلية”.

من جانبه، أكد الدكتور إياد محسن الدجاني، المدير التنفيذي ومدير البحوث في التحالف الأكاديمي من أجل المصالحة – جامعة فريدريش شيلر جينا في ألمانيا، أن التحالف الأكاديمي يتلقى معظم تمويله من مؤسسات علمية كبرى تعمل على تطوير الأبحاث وتبادل الخبرات حول العالم. كما تعمل جامعة فريدريش شيلر جينا في ألمانيا على تطوير مهارات البحث والشراكات الاستراتيجية مع الجامعات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى العمل مع علماء وباحثين في 25 دولة حول العالم لتطوير استراتيجيات ومناهج كثيرة في جامعات عربية وأفريقية كبرى. وأضاف بالقول: “نسعى إلى تكثيف التعاون والشراكات في موضوعات التعليم، ونشر أهمية العملية البحثية بين طلاب الجامعات. كما أن لدينا شراكات مع الاتحاد الأوروبي، ونسعى إلى تطوير دراسات علوم الحاسب والهندسة”.

أما الدكتورة آنا دولديز، أستاذ مشارك وباحث رئيسي في الشرطة والأمن في أكاديمية ربدان في الإمارات، فقالت إن إحدى النقاط الرئيسية التي تسمح لمراكز الفكر أن تكون مهمة، هو عملها خلال الأزمات والجوائح العالمية، إلى جانب عملها على وضع الحلول والسياسات التي تساعد في التصدي لهذه الأزمات. وذكرت الدكتورة أن مراكز الفكر تستطيع أن تكون فعالة من خلال التفكير خارج حدود عملها التقليدي، وعليها أن تزدهر أكثر في المستقبل، مشيرة إلى أن جائحة كورونا سمحت لمراكز الفكر أن تنطلق مجدداً في مسارها الطبيعي وأن تضطلع بدورها الأساسي.

ولكي تتمكن المراكز البحثية من المشاركة بفاعلية في صناعة المستقبل، اقترحت آنا دولديز ضرورة أن تركز هذه المراكز على الثقافة المحلية وإيجاد شبكة فاعلين غير رسمية للتأثير على صانع القرار لكي تكون قراراته في خدمة الشعوب.

وفي الختام، تقدم الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لـ “تريندز للبحوث والاستشارات” بالشكر والتقدير للمشاركين على ما قدموه من أطروحات ثرية بالمعلومات المفيدة، موضحاً أن “تريندز” يسعى من خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات إلى تقديم معلومات معرفية شاملة تخدم المجتمع، وتساعد في تحويل المؤسسات البحثية من مراكز للفكر إلى مراكز للتغيير؛ وتطوير دور هذه المراكز من استشراف المستقبل إلى المشاركة في صنعه.

المصدر: https://alwatan.ae/?p=846127

:آخر الأخبار

خلال مشاركته في ملتقى “المسؤولية الوطنية تجاه مكافحة الفساد”

ينظمه برنامج المراكز الفكرية والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر بجامعة بنسلفانيا الأمريكية

مركز أسبار للبحوث والدراسات ومركز الأمير تركي بن محمد بن فهد للإبداع وريادة الأعمال يوقّعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون العلمي والبحثي والتدريبي

Scroll to Top