الممارسات العلمية الابتكارية في المراكز البحثية الدولية

ديسمبر 26, 2024

:تفاصيل الخبر

إعداد: بيان القاضي – باحثة في مجال الذكاء الاصطناعي والإنسانيات الرقمية وعلوم الإعلام

يشكل الابتكار أولوية رئيسية في مختلف أنحاء العالم، ومكوناً من مكونات الاستراتيجيات الوطنية للتنافسية الاقتصادية، فقد أنشأت الحكومات في مختلف أنحاء العالم وزارات وإدارات ومكاتب خاصة للمساعدة في دراسة أدوات الابتكار وإدماجها وتنفيذها وتقييمها، ولتوضيح مدى أهمية ترابط سياسات الابتكار مع مختلف الجوانب الاقتصادية والأولويات الوطنية، يكفي أن نرى مدى اهتمام الدول التي ساهمت في تعزيز قيم الابتكار وتجويده، منها: وزارة العلوم والتكنولوجيا والابتكار في البرازيل، ووزارة البحث العلمي والابتكار في سويسرا، ووزارة الأعمال والابتكار والتوظيف في نيوزيلندا، ووزارة التنمية الاقتصادية والابتكار في أونتاريو، ووزارة الأعمال والابتكار والمهارات في المملكة المتحدة، ولجنة تطوير التكنولوجيا في أبو ظبي.[1]

بالإضافة إلى ذلك أعلنت الهند مع صدور ميزانيتها السنوية الأخيرة عن دعمها تعزيز الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، وتحليل البيانات عن طريق توجيه ذراعها التخطيطي نيتي أيوج Niti Ayog لتفعيل البرامج الوطنية عليها، لضمان وصولها إلى عامة الشعب.

وتدفع هذه المبادرات التقنية الهندية للبحث عن أفضل وأحدث الطرق لتشغيل العمليات باستخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات مثل: متاجر الأزياء بالتجزئة، وتقنية التعرف على الوجوه، التي تساهم في رسم خرائط العملاء، لتسهيل عمليات التسوق الشخصي، واكتساب التجربة التجريبية، كما تزمع كبرى الشركات وشركات الهواتف المحمولة على إطلاق تقنيات المساعدة الشخصية استناداً إلى آليات الذكاء الاصطناعي، من شأنها أن تتولى أعمالاً عديدة متعلقة بالعمليات والإجراءات، مثل: تخطيط المشاريع، ودعم عملية اتخاذ القرار، والتقليل من المخاطر، والتخطيط للتحول إلى مدن ذكية وخضراء.[2]

علاوةً على ذلك، تتبنى حكومة دبي مبادرة دبي X 10، التي تتضمن مشاريع طموحة لجعل مدينة دبي مدينة مستقبلية تطبق اليوم ما ستطبقه مدن العالم بعد عشرة أعوام، إذ أعلنت عن استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي لعام 2031، تدعم فيها آلية تغيير عمل الحكومة بتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، لاستشراف تحديات المستقبل، وتحسين الأداء الاستراتيجي، وصناعة فرص مستقبلية، حيث بلغت قيمة الميزانية المالية التي وضعتها الإمارات للاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، 15.7 تريليون دولار، بنسبة زيادة 35% في الناتج المحلي الإجمالي، مع خفض تكاليف الحكومة بنسبة 50%، وزيادة مستوى الجاهزية للمخاطر الاقتصادية المفاجئة بنسبة 90%.[3]

بالإضافة إلى ذلك، أنشأت روسيا معهد سكولكوفو للعلوم والتكنولوجيا، وهو مشروع جديد، يهدف إلى ربط البحوث والتعليم وريادة الأعمال، لتكريس ثقافة الابتكار في روسيا، وتتكون المنشأة ككل من أربعة مجمعات صناعية، ومجمع تقني، وجامعة وجميعها في مدينة سكولكوفو.

وتتمثل إحدى وظائف المعهد الرئيسية في تحفيز خلق الفكرة وتسويقها لاحقاً، ويساعد معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا معهد سكولكوفو في إنشاء هذا النموذج المرتكز إلى التجربة الناجحة لمعهد ماساتشوستس ومعاهد أخرى في العالم، وثمة هدف آخر لمعهد سكولكوفو هو عولمة الشركات الروسية، وتعمل كل وحدة من وحدات المعهد كشركة مستقلة، وبإمكانها أن تنمو إلى عملية الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى ذلك يقوم نموذج شركات سكولكوفو على شراكات القطاعين الخاص والعام، وتشارك شركات متعددة الجنسيات عدة، مثل، سيمنز، وجوجل، وسيسكو، وبوينغ في تطوير المشاريع والرقابة عليها. وقد خصصت الحكومة الروسية ثلاث مليارات دولار، على مدى السنوات الأربع القادمة لهذا المشروع، وسوف تنفق مليارات أخرى بصورة غير مباشرة، عبر حسومات ضريبية أخرى، بالإضافة إلى ذلك، فإن هياكل الحوافز في سكولكوفو فريدة ومدروسة بعناية، لجذب شركات جديدة، وعلماء، وأصحاب رؤوس الأموال المخاطرة، فمثلاً لا يُطلب من الشركات فتح فروع لمكاتبها في أراضي سكولكوفو، كما يتم الحصول على تأشيرة الدخول للعلماء العاملين في سكولكوفو بسرعة.

كذلك سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى التميز في وضع حوافزها فيما يتعلق بالبحث والتطوير والابتكار، فمن خلال سن قوانين مثل قانون بايه دول، يعتبر نظام الملكية الفكرية فعّالاً في حماية حقوق الملكية الفكرية وخلق حوافز للابتكار، فعلى سبيل المثال، يتيح قانون بايه دول للجامعات والشركات الصغيرة والمنظمات اللاربحية الحفاظ على سيطرتها على الملكية الفكرية، حتى لو تم تمويل البحث من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد دفع ذلك روّاد الأعمال الأكاديميين، الذين يستخدمون نتائج أبحاثهم في المنتجات التجارية إلى تأسيس شركاتهم الخاصة، وعلاوةً على ذلك، قامت عدة جامعات بدور أكثر فعالية في تسويق نتائج أبحاثها عبر الترخيص واتفاقيات الأبحاث التعاونية مع القطاع الصناعي.[4]

وفيما يلي تسرد الباحثة بعض الممارسات الابتكارية التي انتهجتها عدد من المراكز البحثية الدولية:

1-مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية (CSIS)

هو منظمة أبحاث سياسية غير حزبية، وغير ربحية، مكرّسة لتطوير الأفكار العلمية المساهمة في معالجة أكبر التحديات العالمية، تأسست في عام 1962، وتهدف إلى تحديد مستقبل الأمن القومي، من خلال الاسترشاد بمجموعة من القيم غير الحزبية، والتفكير المستقل المبتكر، عبر تطبيق مجموعة من العلوم المنضبطة، وتفعيل المهنية والسلامة العلمية، وتنمية المواهب.

تهدف قيم (CSIS) إلى إحداث تأثير علمي عالمي حقيقي، حيث توظف المنظمة العلماء ذوي الخبرة السياسية، ممن يمتلكون شبكات متينة في مجال الأبحاث، والمراجعات المنهجية، والتحليلات المتقدمة، كما تساهم المنظمة في تقديم الرؤى والأفكار لصنّاع القرار.

وقد احتلت منظمة (CSIS) المرتبة الأولى من بين المؤسسات البحثية العلمية المتقدمة في الولايات المتحدة الأمريكية كمؤسسة بحثية متميزة في مجال الدفاع والأمن القومي في الفترة 2018-2016، وفقاً لمؤشر بيوت الخبرة العالمي التابع لجامعة بنسلفانيا “Global Go To Think Tank Index”.

وفيما يلي أهم مبادراتها:

–مخيم صحافة (CSIS): وهي مبادرة تسعى إلى ربط الصحفيين البارزين بخبراء السياسة ومنتجي الوسائط المتعددة لسرد القصص العالمية الهامة، حيث يدعو المخيم كل عام خمس جامعات لتقديم مجموعة مختارة من الطلاب لإشراكهم في العديد من ورش العمل، التي تتيح لهم اكتساب خبرة عميقة في القضايا العالمية، والتقارير الدولية المتنوعة المطروحة في المشهد الإعلامي المتقدّم.

–مختبر الأفكار الافتراضي Dracopoulos iDeas: يعمل مختبر The Andreas C.Dracopoulos على تطوير بيئة العمل في المؤسسة، وإحداث التأثير المطلوب باستخدام أحدث الأدوات الإعلامية الرقمية، والوسائط المتعددة، والتصميم، كما يستخدم مختبر iDeas أدوات إبداعية ورقمية تساهم في تقديم الحلول السياسية للتحديات العالمية الكبرى في مجال السياسة الخارجية، والأمن القومي، حيث يتعاون (CSIS) مع المنتجين، والمصممين، والمطورين بهدف تكييف جهودهم العلمية مع العديد من المنتجات الإبداعية الرقمية، بما في ذلك:

-مقاطع الفيديو.

-ملفات البودكاست.

-المواقع الإلكترونية.

-التقارير.

-المرئيات.

-صور الأقمار الاصطناعية.

-الخرائط التفاعلية المستندة إلى علوم البيانات والذكاء الاصطناعي.

-خط السرد الزمني TimlineJS، (وهو أداة بصرية مفتوحة المصدر، تساهم في إنشاء سرد زمني تفاعلي بصري غني معلوماتياً[5]).

-قواعد البيانات للدراسات العالمية.

-والمنتجات الأخرى التي يُنشئها المختبر.

وتسعى المنظمة من خلال توظيف الأدوات الرقمية الإبداعية العديدة إلى التواصل مع الجمهور، وتحديث الخطاب السياسي القائم على الدراسات البحثية، وقد حصل مختبر (CSIS) على عدة جوائز منها:

-WINNER Best Data Visulation.

-KANTAR, Information is Beautiful, Awards 2019.

ويتألف فريق تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي في مختبر iDeas من:

1-المدير الإداري ونائب رئيس العلاقات الخارجية لمختبر iDeas.

2-مدير التكنولوجيا ورئيس الإبداع والابتكار.

3-مدير إدارة المشاريع الرقمية.

4-كبير المحررين والمنتجين.

5-مدير تحليل الصور.

6-كبير منتجي الوسائط المتعددة والرسوم الجرافيكية.

7-منتج الوسائط المتعددة.

8-مدير مشروع قوة الصين وتحليل البيانات.

9-منتج ومدير محتوى الوسائط المتعددة.

10-منتج مساعد للوسائط المتعددة.

11-باحث مساعد لتحليلات الصور.

12-مدير إدارة المنشورات.

13-مطور ويب.

14-مساعد مصمم.

15-مطور ويب ومدير المشروعات الرقمية.

16-مصمم.

17-مصمم ومدير الرسومات الجرافيكية.

18-مطور ويب مساعد.[6]

شكل1-1 يُظهر صفحة مختبر (CSIS)

المصدر: https://www.csis.org/programs/dracopoulos-ideas-lab/our-work

2-مركز بيو للأبحاث Pew Research Center

يعدّ مركز بيو للأبحاث مركزاً بحثياً غير حزبي، يقع في واشنطن، ويسعى إلى تقديم الدراسات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية، والرأي العام، والاتجاهات الديمغرافية التي ترسم خارطة الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، كما يعمل المركز على توفير استطلاعات الرأي العام، والبحوث الديمغرافية، وتحليل محتوى وسائل الإعلام، وغيرها من بحوث العلوم الاجتماعية التجريبية.[7]

شكل1-2 يبين الصفحة الرئيسية لمركز بيو للأبحاث

المصدر: https://www.pewresearch.org/

وتتمثل أبرز مبادراتها في الآتي:

–مختبر iData: تستخدم مختبرات iData التابعة لمركز بيو للأبحاث منهجيات حوسبية، من شأنها أن تساهم في توسيع أجندة الأبحاث المتوفرة في المركز، ويقوم الفريق البحثي بالتعاون مع فريق علوم البيانات والذكاء الاصطناعي بتجميع مجموعات البيانات النصية والشبكية والسلوكية، باستخدام تحليلات مستندة إلى تقنيات علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، وتوظيف الاستراتيجيات التجريبية والإحصائيات الاستنتاجية، كنموذج بايز، والاحتمالية، والانحدار اللوجستي في التحليلات.

ويقدّم المركز للعلماء إمكانية الوصول إلى البيانات الخام المستخدمة في تحليل بيانات المركز البحثية، لتعزيز استخدامها في طرائق تحليلية متعددة، من شأنها أن تؤدي إلى توفير تفسيرات واستنتاجات أخرى، بناءً على طرح المشكلات البحثية، شرط الإشارة إلى مركز بيو للأبحاث كمصدر للبيانات.

–مبادرة حقائق المعيشة الأمريكية: وهي مبادرة تمّ إنشاؤها بواسطة The Pew Charitable Trusts، وهي منظمة غير حزبية، وغير ربحية، تأسست في فيلادلفيا، قبل 72 عاماً، تهدف إلى التعريف بالثقافة الأمريكية، بتتبع الاتجاهات والمواقف الثقافية والفكرية للمواطنين الأمريكيين، وأحد مصادرها المعلوماتية هي لجنة الاتجاهات الأمريكية التابعة للمركز the center’s American Trends Panel، وهي مجموعة عشوائية ممثلة على المستوى القومي، من الأمريكيين البالغين، الذين وافقوا على المشاركة في الاستطلاعات الشهرية عبر الإنترنت، كما تتمثل مصادرها الأخرى في تحليل الأرقام المستقاة من المنظمات الأخرى، ذات السمعة الرصينة، مثل المكتب الإحصائي الأمريكي، الذي يجري استطلاعات منتظمة للأمريكيين، ويعدّ أكبر وكالة إحصائية تابعة للحكومة الفيدرالية.[8]

وتشتمل الأقسام البحثية للمركز على ما يلي:

-السياسات الأمريكية.

-الصحافة والإعلام، وتتفرع منها أقسام فرعية أخرى.

-الإنترنت والتكنولوجيا.

-العلوم والمجتمع.

-الدين والحياة العامة.

-المواقف الدولية والاتجاهات.

-الاتجاهات الديمغرافية والاجتماع.[9]

شكل1-3 يكشف عن التحليلات المنتجة بواسطة مختبرات iData

المصدر: https://www.people-press.org/2019/10/23/national-politics-on-twitter-small-share-of-u-s-adults-produce-majority-of-tweets/
3-معهد MIT للبيانات والأنظمة والمجتمع MIT INSTITUTE FOR DATA, SYSTEMS, AND SOCIETY (IDSS):

تتمثل مهمة IDSS في تطوير التعليم والبحث باستخدام أحدث الأساليب الإحصائية المتعلقة بنظم المعلومات والقرارات، والإحصائيات، وعلوم البيانات، والعلوم الاجتماعية، وتطبيق هذه الأساليب بهدف معالجة التحديات المجتمعية المعقدة الحاضرة في مجموعة متنوعة من المجالات، مثل: التمويل، وأنظمة الطاقة، والتحضر، والشبكات الاجتماعية، الصحة.

فيديو تعريفي بمعهد (IDSS)

المصدر:
https://youtu.be/zu_oKojUHVI
يسعى التقدم التكنولوجي في مجالات كالمستشعرات الذكية، والبيانات الضخمة، والاتصالات، والحوسبة، والشبكات الاجتماعية إلى زيادة حجم وتعقيد الأنظمة والشبكات المترابطة بسرعات كبيرة، بالإضافة إلى إنتاج كميات هائلة من البيانات، التي بإمكانها تقديم رؤى وأفكار جديدة، حيث يهدف إعداد الأبحاث إلى فهم وتحليل جميع الأنظمة، التي تمثل تحديات فريدة بسبب الحجم، والتعقيد، وصعوبة استخراج رؤى واضحة، قابلة للتنفيذ.[10]

ويضم معهد IDSS البحثي مركزين هما:

–مختبر المعلومات وأنظمة القرار (LIDS): هو مركز أبحاث متعدد التخصصات البحثية، يسعى إلى تعزيز البحث والتعليم في مجال المعلومات التحليلية، وعلوم القرار، لا سيما في المجالات التالية:

-الأنظمة والتحكم.

-الاتصالات والشبكات.

-معالجة البيانات الإحصائية والاستنتاجية.

ويعمل مختبر LIDSعلى تقديم التطورات المنهجية الرئيسية في عدد من المجالات منها: الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وصناعة السيارات، والطاقة، والدفاع، وصحة الإنسان، استناداً إلى الابتكارات السابقة، ودعم الفضاء التعاوني بين الباحثين، وتشجيع مواصلة تحقيق الإنجازات، التي تتجاوز الحدود التقليدية.

بالإضافة إلى ذلك، يسلك أعضاء مجتمع LIDS نهجاً مشتركاً لحل المشكلات، والتعرف على الدور الأساسي الذي تلعبه الرياضيات، والفيزياء، والحوسبة في الأبحاث محل الدراسة، وتعزيز أنشطة الباحثين من خلال إشراكهم في العمليات المختبرية، وتشبيكهم مع زملائهم الباحثين العاملين في معهد MIT، والباحثين المنتشرين في جميع أنحاء العالم، والمنظمات الصناعية والحكومية.[11]

–مركز أبحاث الأنظمة التكنولوجية الاجتماعية (SSRC): هو مركز أبحاث متعدد التخصصات يركز على دراسة النظم التكنولوجية الاجتماعية، المعقدة، عالية التأثير، المساهمة في تشكيل العالم.

يضم المركز نخبة من أعضاء هيئة التدريس، والباحثين، والطلاب، والموظفين العاملين في معهد MIT، بهدف دراسة التحديات المجتمعية المعقدة، والبحث عن حلول لها، بما في ذلك: الرعاية الصحية، والطاقة، وشبكات البنية التحتية، والبيئة، والتنمية الدولية، وتتمثل مهمته في تطوير المناهج التعاونية الشاملة القائمة على النظم، التي تجمع بين المعارف والخبرات في مجال الهندسة، والعلوم الاجتماعية.[12]

وتدور أبحاث مركز (SSRC) حول العلوم الاجتماعية، وعلوم البيانات، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، والحوسبة، والإحصائيات، والسلوك المؤسسي، والمعلومات والقرارات، والشبكات والأنظمة، في مجالات الطاقة، والبيانات الضخمة، والصناعة، والمالية، والشبكات الاجتماعية، والأنظمة الحضرية، والنقل.

ويقدّم المركز العديد من المبادرات البحثية، منها:

–مبادرة القرارات المستندة إلى البيانات، وفقاً لنظرية السلسلة الاجتماعية Social Cascades:

وهي عبارة عن مشروع بحثي تموله وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية للأبحاث الأساسية (درابا)، حيث يهدف المشروع إلى ضم العديد من الباحثين العاملين في الأوساط الأكاديمية، من تخصصات متعددة، ويسعى إلى توظيف العديد من الأدوات في مجال الشبكات الرياضية (الرياضيات)، والأنظمة، لدراسة السلوك والظواهر الاجتماعية، والسعي إلى إنشاء النظرية الأساسية في صناعة القرار.

إذ تهتم وزارة الدفاع الأمريكية بدراسة وتحليل عمليات صنع القرار المتخذة بواسطة الأفراد والمنظمات، في البيئات الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، حيث تكون مصادر المعلومات متفاوتة ومنتشرة، في مواقع جغرافية متعددة، مع وجود أشخاص يحملون معلومات مختلفة، ولا يعرف أي منهم القصة كاملة، لكن كلٌ منهم يعرف أجزاءً مختلفة منها، لذا تمحورت الإشكالية في كيفية جمع ودمج هذه المعلومات، ومدى الإلمام بمفهوم عمليات صنع القرار؟

تفترض نظرية صنع القرار من الناحية التقليدية، أنّ الأفراد الذين يمتلكون صفات مميزة كالصبر، والمعرفة، بمقدورهم تحديد الخيار الأمثل من بين العديد من الخيارات التي يواجهونها، استناداً إلى الإرث المعلوماتي المتوفر لديهم.

كما يُلاحظ أنّ الطريقة التي يتخذ بها الأفراد القرارات أبعد ما تكون عن المنطق العقلاني، ومع ذلك، توجد طريقة واحدة، ليكون الفرد ذو منطق عقلاني متكامل، وفقاً إلى المعنى الرياضي الدقيق.

بناء ًعلى ما سبق، يسعى المشروع البحثي إلى تحديد وتصنيف التحيزات الموثقة المتناولة في الأدبيات السابقة في مجال العلوم المعرفية الادراكية، وعلم النفس، والنظر في إمكانية صياغتها رياضياً، وبالتالي، تطبيقها في عمليات صنع قرارات الأفراد.

كما يحاول المشروع أن يجيب عن ماهية مصادر هذه التحيزات السلوكية، ووضع تصور مفاهيمي للطريقة التي يتخذ فيها البشر قراراتهم غير المتوقعة، سواء كان ذلك على المستوى الفردي، أم على المستوى الجماعي العقلاني الخاضع لقيود معينة.

على سبيل المثال، نعلم أنّ الأفراد عندما يهمّون في الانخراط في حوارات نقاشية مع أقرانهم، يغيب عنهم في بعض الأحيان الالتفات إلى كامل تاريخ معتقدات وتصرفات الفرد الذي يحاورونه، وبالتالي، قد يأخذ الفرد ما يخبر به الرفيق الآخر كما لو أنه كان على معرفة تامة بالموضوع المطروح. لذا، توصل الباحثون إلى إمكانية تفسير بعض التحيزات السلوكية، استناداً إلى التفكير غير المنطقي التي قد يسلكها الفرد، ظناً منه أنها عقلانية بطريقة مقيدة.

هذه هي الأسئلة التي يحاول الباحثون معالجتها من الناحية النظرية والتجريبية، ومن ناحية النظر إلى بيانات الشبكة الاجتماعية، بهدف تحليل كيفية استخدام الأفراد لوسائل التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، عمل الباحثون على صياغة نماذج رياضية لعملية صنع القرار، واختبار الفرضيات المتعلقة بكيفية اتخاذ الأفراد قرار مشاركة المعلومات من عدمها.

وقد أسفرت النتائج عن أنه في حال اتبع الأفراد المنطق العقلاني، وكانوا مستمسكين بدافع تأكيد الذات، فإنّ ذلك يخولهم إلى مشاركة المعلومات المتوافقة مع اهتماماتهم وآرائهم الخاصة، وحث متابعيهم على إعمال فكرهم فيها، والبحث في تفاصيلها لفترة طويلة، متجاوزين أصحاب الفكرة أنفسهم.

كما خلصت النتائج إلى أنّ ذلك قد يؤدي إلى تبني الأفراد مواقف وآراء مستندة إلى معلومات مغلوطة، وغير دقيقة، وفقاً لنظرية السلسلة الاجتماعية[13] (تعتبر نظرية السلسلة الاجتماعية ظاهرة معتمدة في الاقتصاد السلوكي، ونظرية الشبكة، حيث تتخذ مجموعة من الأفراد نفس القرار بطريقة متتالية، مختلفة عن ظاهرة سلوك القطيع). [14]

التوصيات

1-الحث على استعانة المراكز البحثية العربية بفرق الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في إعداد التحليلات المتقدمة في مجال الأبحاث والدراسات.

2-الدعوة إلى تكوين فرق التسويق ومطوري الويب والبرمجيات، لتطوير البنية التحتية الرقمية، وتسويق المحتوى العلمي.

3-الحث على إنشاء مختبر الأنظمة التكنولوجية الاجتماعية متعددة التخصصات، التي ترتكز على دراسة الأنظمة التكنولوجية الاجتماعية المعقدة ذات التأثير المرتفع، المستندة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.

4-الدعوة إلى إعداد حملات تعريفية بالثقافة العربية، لا سيما الثقافة السعودية باللغة الإنجليزية، من خلال الاستعانة بمختلف الوسائل الرقمية كالملفات الصوتية (البودكاست)، والوسائط المتعددة، والانفوجرافيك، وغيرها.

5-الحث على إنشاء مقاطع فيديوية تعريفية بالمراكز البحثية العربية، وأقسامها، وأعضائها، والترويج لها عبر تغريدات مروجة على منصة تويتر.

6-التوصية بإعداد محتوى معرفي موجز، واقتباسات علمية لأقوال العلماء مرتبطة بصور فوتوغرافية، مع إدراج الرموز التعبيرية، بالنسبة للمحتويات العلمية المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي.

7-الدعوة إلى استضافة شخصيات علمية هامة للحديث عن قصص شغفهم وكفاحهم العلمي، (التركيز على السرد القصصي).

8-التوصية بتعيين معرّف رقمي لكل مقال أو دراسة تعدّها المراكز البحثية العربية، لتنظيم المحتوى، وزيادة الموثوقية، من خلال الارتباط بموقع IDO (معرّف الأغراض الرقمي هو سلسلة محارف يُستخدم لتعريف وثيقة على نحو فريد، وتُخزّن البيانات الوصفية التي تصف الوثيقة مرتبطةً بمعرّف IDO) [15]، والحث على استخدام المشاع الإبداعي المختص بترخيص المصنفات الفكرية المنتجة، الذي يطرح بدائل مختلفة عن “جميع الحقوق محفوظة”.[16]

9-الدعوة إلى تقديم الميزة التنافسية التي يتفرد بها مركز بحثي عن آخر.

10-الحث على بناء هوية بصرية موحدة مختصرة لاسم المركز البحثي، وتكرارها في جميع مبادراته ومنتجاته المعرفية، ما يساهم في تعزيز الصورة الذهنية للمركز البحثي في أذهان الجمهور، في كل صفحاته الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي ومواقعها الإلكترونية، مع صياغة شعار موجز موحد.

11-الدعوة إلى الاهتمام ببرامج إدارة المعرفة، مثل برنامج BRIDGELINE DIGITAL، المتعلقة بتقديم حل قائم على السحابة، يساعد المسوقين على دمج المحتوى، والتسويق، والرؤى، والاهتمامات الاجتماعية، وأيضاً استخدام الروبوتات المخصصة بأتمتة المهام الإدارية الروتينية في المركز البحثي، مثل منتج “Robot manger”.

:آخر الأخبار

خلال مشاركته في ملتقى “المسؤولية الوطنية تجاه مكافحة الفساد”

ينظمه برنامج المراكز الفكرية والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر بجامعة بنسلفانيا الأمريكية

مركز أسبار للبحوث والدراسات ومركز الأمير تركي بن محمد بن فهد للإبداع وريادة الأعمال يوقّعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون العلمي والبحثي والتدريبي

Scroll to Top